أنا وقـلمى .. عندما يتحول التميز إلى نشاز

يعتقد بعضُ الناس أن التميزَ والانفراد بشخصية مختلفة عن المحيطين بهم يكون عن طريق المغالاة أو المبالغة فى المظهر «المَلبس» أو فى المسكن «المكان أو الحى الذى يقيم فيه» أو فى السيارة التى يمتلكها «ماركتها وسعرها المرتفع» أو فى طريقة الكلام؛ حيث يتم خلط الكلمات العربية بالإنجليزية إذا اقتضى الأمر ذلك؛ بل وصل الأمر ببعض الناس الذين تتم دعوتهم لمناسبات سواء كانت رسمية أو عائلية خاصة فى مواعيد محددة؛ لتعمد الحضور متأخرًا عن الموعد المحدد لمجرد لفت النظر لطلته، أو لينتظر المدعوون وقف كل مراسم الاحتفال حتى يأتى، كدليل على أهميته، وفى حقيقة الأمر أن مفهوم التميز أو التفرد أرقى من هذا بكثير، فالتميز يعنى النجاح فى الدراسة مثلاً، أو فى عمله، أو فى طريقة تفكيره، أن يكون ناجحًا فى إدارة علاقات الزمالة والصداقة، أن يكون متميزًا فى القدرة على التكيف والتأقلم مع المتغيرات والأزمات بسهولة ويُسْر، وأن يكون لديه القدرة على إيجاد الحلول، وطرح المبادرات من دون تكلف.

وخطورة هذا الأمر تبدأ عندما يتعامل الآباءُ والأمهاتُ مع أطفالهم منذ صغرهم على أنهم شىء مميز وأفضل من غيرهم، هذا التمجيد والمغالاة فيه بصورة مستمرة تؤدى لإصابة هؤلاء الأطفال بالنرجسية، والنرجسية اضطراب فى الشخصية يتميز بتضخم ذات صاحبها، مما يجعل هذا الشخص النرجسى محبًا للظهور، ومتحورًا حول ذاته بشكل يكون على حساب الآخرين المحيطين به الذين يؤذيهم بتصرفاته، كما يوصف النرجسى أيضًا بأنه أنانى ولا يهتم إلا بما يريده هو، ويُهمل من حوله، لذا فإن اتباع نمط بسيط بعيدًا عن المغالاة أو المبالغة فى تصرفاتنا هو أمر صحى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو ما ينطبق على كثير من الجوانب المتعلقة بحياتنا اليومية فى مجالات عدة، لذا الشخص الذى يرتدى الزّى الذى يتناسب مع المناسبة التى يحضرها هو إنسان متميز، والشخص الذى لا يتحدث عن نفسه كثيرًا وعن ثروته أو السيارات الفارهة التى يمتلكها طوال الوقت فهو إنسان متميز، والشخص الذى يتحدث بطريقة ودودة وراقية ولا يتصنّع فهو إنسان متميز، والشخص الذى يحترم نفسه ويأتى فى موعده فى أى اجتماع أو أى تجمع فهو إنسان متميز.

وفى النهاية؛ فإن التميز لا يعنى الاختلاف الكلى لدرجة الغرابة والنشاز، ولكن أن يكون الفرد منا إنسانًا حقيقيًا بأدبه وبعلمه وسط المجتمع الذى يعيش فيه، كن متميزًا بأخلاقك وعلمك وطموحك.. وتحيا مصر.