الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
هل يحل شيخ الأزهر هذه المعضلة؟

هل يحل شيخ الأزهر هذه المعضلة؟

شكر مستحق لشيخ الأزهر والمفتى بعد الفتوى التى قالا بها وكانت سببا فى عودة الطفل شنودة إلى حضن الأسرة التى وجدته فى الكنيسة وهو رضيع، وكان قد انتزع من الأب والأم اللذين ربياه على مدى أربع سنوات وأودع فى دار للأيتام حتى أنقذته فتوى شيخ الأزهر والمفتى، انحاز الاثنان إلى الإنسانية واستندا إلى قول فى المذهب الحنفى بأن الطفل مجهول النسب إذا وجد فى كنيسة وكان الواجد غير مسلم فهو على دين من وجده، نحتاج إلى مثل هذه الفتاوى المتعمقة والبحث عن مخرج لكل ما يمكن أن يصم الإسلام بأنه ضد الإنسانية والعلم، ما حدث مع شنودة يشجعنى على مطالبة شيخ الأزهر والمفتى بحل معضلة أخرى ظهرت خلال الأيام الماضية، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعى بالحديث عن قضية حول نسب الأطفال إلى الزوج إذا ثبت علميا أنهم ليسوا من صلبه، وأنهم جاءوا نتيجة علاقة غير شرعية بين الزوجة وشخص آخر، وكانت المحكمة قد قضت برفض دعوى زوج طلب فيها عدم نسب ثلاثة أولاد إليه بعد أن ثبت بتحليل «دى إن إيه» أنهم ليسوا أبناءه، وقائع القضية التى تداولت لفترة طويلة فى المحاكم تقول إن الزوج الذى كان يعمل بالخارج شك فى نسب الابن الثالث لأنه ولد فى فترة كان مسافرا خلالها فقام بعمل تحليل «دى إن إيه» وثبت أن الابن ليس من صلبه وهو ما دفعه ليجرى تحليلا مماثلا للابنين الآخرين وجاءت النتيجة أن الاثنين أيضا مثل أخيهما، وكانت المفاجأة أن الزوج لا يستطيع الإنجاب لمرض أصابه، فقدم بلاغا ضد الزوجة يتهمها بالزنى، وفى التحقيقات اعترفت باسم عشيقها وقضت المحكمة بسجنهما، وبعدها أقام الزوج دعوى بنفى نسب الأبناء له، ورفضت المحكمة الدعوى استنادا إلى حديث نبوى «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، أى أن الأولاد ينسبوا لفراش الزوجية، وبدأ الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى واجتهد البعض فى تفسير الحديث وحاولوا أن يجدوا مخرجا بأن هذا فى صالح الأولاد ورحمة بهم، وقال آخرون أن الحديث الذى تأخذ به المحاكم مقتطع من سياقه وأن الرسول سبق أن قضى بين متنازعين على ولد كانت أمه جارية بأن نسبه إلى الأكثر شبها به وهو أمر قريب من تحليل الجينات الآن.



ونشر البعض فتوى للمرحوم الدكتور محمد المسير أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أجاب فيها على سؤال وجه إليه «امرأة ارتكبت جريمة الزنى ونسبت طفلها إلى زوجها وتريد أن تكفر عن ذنبها وتخيلت أنه من الممكن أن تطلب من الزانى أن يتكفل بنفقات هذا الطفل حتى لا يتحمل الزوج تكاليف ولد ليس منه، فهل هذا حل مقبول؟».. فقال المسير: «الحل الوحيد أن تعترف المرأة بجريمتها لزوجها لكى يتقدم إلى القضاء لينفى نسب الولد له بناء على اعتراف الزوجة فإذا اطمأن القاضى إلى صحة الدعوى حكم بالمفارقة بين الزوجين وأسقط نسب الطفل إلى الزوج وأصبح هذا الطفل منسوبا إلى أمه ولا ينسب إلى الزانى لأن ماء الزنى مهدر ولا يترتب عليه حق شرعى»، ورغم أن هذه الفتوى تحل جزءا مهما من المشكلة إذا تم الأخذ بها لكنها تهدر حق الأولاد فى نسبهم إلى الأب الحقيقى وتكافئ الزانى الذى لن يتحمل تبعات ما اقترفه، لا أستطيع القول إن الآراء والأقوال السابقة صحيحة أو خطأ، ولكن الأمر يحتاج إلى تدخل من الأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والأخير يضم فى عضويته أطباء ثقات يستطيعون أن يقولوا الرأى العلمى الذى يهدى علماء الدين إلى الطريق الصحيح والذى يواكب بين العلم والدين، كما يمكن لشيخ الأزهر سؤال الأطباء فى هذه القضية تطبيقا لقول الله عز وجل فى كتابه الكريم «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، ولا شك أن الأطباء هم أهل الذكر فى مثل هذه القضايا، وإذا كان القرآن الكريم قال «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»، وهى الآية التى نزلت لتمنع التبنى وترفض نسب الطفل المتبنى لمن تبناه حتى لا تختلط الأنساب، فهل يمكن القياس عليه ويتم نسب الابن إلى أبيه الحقيقى حتى لو كان من الزنى بدلا من نسبه إلى شخص ليس أباه بدعوى أنه كان متزوجا من الزوجة الزانية وقت حملها، وهو ما يحل أيضا مشكلة نسب الأطفال الناتجين عن اغتصاب الأم.

لست عالما بأمور الدين وما أطرحه مجرد تساؤلات، ولكن على الأزهر ودار الإفتاء عند مناقشة هذه القضايا أن يضعا فى حسبانهما شعور الرجل الذى تمت خيانته وكيف يتعامل مع أولاد ليسوا من صلبه ويذكرونه بالجريمة التى ارتكبت فى حقه؟ وهل يتقبل أن يحملوا اسمه وهم نتاج خيانة أمهم؟ وقد يدفع به الغضب إلى ارتكاب جريمة ضد هؤلاء الأولاد لكى لا يحملوا اسمه ويرثوا أمواله.. أثق أن شيخ الأزهر المنفتح والمؤمن بالعلم والإنسانية سيجد مخرجا دينيا لهذه المعضلة التى لو تركناها كما هى ستشوه الإسلام وتوصمه بأنه ضد العلم، والإسلام براء من هذه التهمة.