الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطفل شنودة ووصايا الكتاب المقدس

الطفل شنودة ووصايا الكتاب المقدس

انتهت قضية الطفل شنودة نهاية سعيدة بعد أن أمرت النيابة بتسليمه إلى الأسرة التى ربته ورعته، عاد شنودة إلى أحضان الأم التى تعلقت به منذ وجدته والأب الذى أعطاه اسمه، حتى ولو كانت عودته بنظام الأسر البديلة، وليس بالتبنى، وزاد من النهاية السعيدة تكليف النيابة للخط الساخن لنجدة الطفل بالمجلس القومى للأمومة والطفولة بإعادة تسمية الطفل باسم مسيحى بعد أن منح اسما إسلاميا خلال الأيام التى قضاها فى دار الأيتام، واستندت النيابة إلى فتوى لمفتى الجمهورية بأن الطفل يتبع ديانة الأسرة المسيحية التى وجدته، ولمن لا يعرف الحكاية فقد بدأت عندما وجد زوجان مسيحيان طفلا رضيعا داخل كنيسة «العذراء أم النور» بشمال القاهرة - حسب كلامهما-، وقررا تبنيه بعد استشارة القائمين على الكنيسة، إذ لم يكن لديهما أطفال. وأطلق الزوجان عليه اسم «شنودة» ونسباه إليهما واستخرجا شهادة ميلاد له باسم الأب «فاروق فوزى»، وعاش أربع سنوات، وفجأة قدمت ابنة أخت الزوج واسمها مريم بلاغا إلى النائب العام طعنت فيه فى نسب الطفل إلى الأسرة وقالت إن الطفل اختطفه الزوجان وليس ابنهما.



وبعد أن خضع الزوجان والطفل لتحليل الحمض النووى ثبت بالفعل أنه غير مرتبط بهما بيولوجيًا، فقررت النيابة وضع الطفل فى دار للأيتام وهناك تم إصدار شهادة ميلاد جديدة له وتغيير اسمه إلى «يوسف» وديانته إلى الإسلام، ولم تتخذ النيابة أى إجراء ضد الزوجين إذ اعتبرت أن ما قام به الزوجان كان بحسن نية وجهلًا بالقانون، وتعاطف الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعى مع الأب والأم الحاضنين وطالبوا بإعادة الطفل إلى الزوجين اللذين ربياه واعتنيا به طوال أربع سنوات، وأقام عدد من المحامين دعوى أمام القضاء الإدارى مطالبين فيه بإلغاء قرار إيداع الطفل دور الرعاية وإعادته إلى الأسرة التى ربته، وقال الأنبا مارتيروس أسقف عام شرق السكة الحديد الذى تتبعه الكنيسة فى شهادة مكتوبة «تأكدنا من صحة الواقعة وأن الذى وضع الطفل سيدة مسيحية لا يعرف اسمها سوى كاهن الكنيسة والذى توفى إلى رحمة الله» وبعد ستة أشهر من المداولات قضت محكمة القضاء الإدارى بعدم اختصاصها بنظر القضية.

ومرة أخرى خرجت مريم - التى فجرت القضية- فى مقطع فيديو لتنفى قصة العثور عليه وقالت إن والد الطفل مسلم وأن أمه ابنة شقيق فاروق - الذى ربى الطفل- واسمها رانيا وتركت المسيحية وأسلمت وتزوجت مسلمًا اسمه خالد أبو يوسف وحملت منه ثم عادت للمسيحية، وتم وضعها فى أحد الأديرة حتى أنجبت وبعدها تم تسليم الطفل إلى فاروق وزوجته، وظهر أخو مريم على قناة فضائية مسيحية ليكذب أخته، وقال إنها فعلت ذلك طمعا فى الميراث والأموال، كما ظهرت السيدة التى قالت عنها مريم أنها والدة الطفل لتنفى هى الأخرى علاقتها بالطفل، وإن أكدت أنها أسلمت ثم عادت للمسيحية ولكنها لم تتزوج من مسلم، وبعدها قدم عدد من المحامين بلاغا للمحامى العام لنيابات شمال القاهرة، ضد ما أسموه ادعاءات «مريم» مطالبين بالتحقيق فيما زعمته، واتهموها بإثارة الفتنة وتكدير السلم العام، وبالفعل أجرت رانيا تحليل الحمض النووى وقال محاموها أن النتيجة سلبية وتبرئ رانيا من صلتها بالطفل، وهو ما فتح الباب لعودة شنودة إلى أسرته، وساعد النيابة فى اتخاذ قرارها الأخير.

ورغم هذه النهاية السعيدة فإن القضية احتوت على كل المخالفات للوصايا العشر وارتكبت خلالها الخطايا التى حذر منها الكتاب المقدس، فقد قالت الوصايا: لا تكذب وهناك من كذب، ولا تقتل وقد تم قتل شنودة معنويا، ولا تزنى وإذا لم يكن هناك زنى فعلى فالاتهام بالزنى كذبا يساويه، ولا تشهد شهادة الزور وهناك من شهد زورا، ولكن رغم انتهاء القضية فإنها تطرح عدة أسئلة ننتظر الإجابة عليها حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى، لماذا لم ينصح كاهن الكنيسة الزوجين باتباع الطرق القانونية لتبنى الطفل بدلا من تركهما يستخرجان شهادة ميلاد له باسمهما؟، ولماذا انتظرت مريم أربع سنوات كاملة لكى تقدم البلاغ فى خالها وتكشف الحقيقة حسب كلامها؟ وكيف ومتى أسلمت رانيا؟ وكيف ومتى عادت إلى المسيحية؟ وكيف رجعت إلى زوجها المسيحى؟ وهل تزوجت منه مرة أخرى أم أن الكنيسة اعتبرت أن زواجهما الأول قبل إسلامها مستمرا؟ وهل يستطيع الطفل بعد كل ما أثير حوله التأقلم فى حياته وتجاوز هذه المحنة أم سيصاب بأمراض نفسية ويحتاج إلى علاج ورعاية خاصة؟ وكيف يتجاوز ما مر به بعد أن تربى على مدى أربع سنوات على أنه مسيحى ويذهب للكنيسة ثم تم التعامل معه على أنه مسلم وبعدها يعود مرة أخرى ليتعامل على أنه مسيحى؟ ومتى يخرج قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين للنور وهل يضم فى نصوصه حق المسيحيين فى التبنى؟، أتمنى أن تهتم وزارة التضامن والمجلس القومى للأمومة والطفولة بشنودة وتوفر له طبيبا يعالجه من معاناته النفسية فى الفترة التى قضاها بعيدا عن الأم والأب اللذين ربياه وحنيا عليه، كما أتمنى أن نتعلم من هذه الواقعة حتى لا تتكرر المأساة وأن تتم معالجة مثل هذه القضايا بسرعة، فمن الخطر تركها تكبر مثل كرة الثلج فقد تصل إلى حد لا يستطيع أحد إيقافها وقد تجرف فى طريقها الكثير وتهدد المجتمع كله.