الإثنين 1 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رمضان والناس.. فى رمضان  وداعًا للعزومات المرهقة

رمضان والناس.. فى رمضان وداعًا للعزومات المرهقة

لم يَعُد مقبولاً اليوم أن نستمر فى إعداد ذات الموائد الكبيرة الممتلئة بصنوف الطعام المختلفة على طاولاتنا الرمضانية، فالواقع تبدّل وتغيَّر والحقيقة ليس فى مصر وحدها بل فى العالم أجمع.



لسنوات طويلة نتخيل أن إعداد الموائد الفارهة هو ما سيشبع أمعاءنا الخاوية وبطوننا الصائمة بل ويجعلنا فى تباهٍ بين أقربائنا فى العزومات والجمعات ولكن أين الحكمة والتعقل والوسطية التى ذُكرت فى كل الأديان، وما أحوجنا اليوم أن نطبقها فى طقوسنا الرمضانية لا إسراف ولا تقطير (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) صدق الله العظيم، إذن الإنسان بعقله وإدارته لأمور حياته هو ما يسعده وهو ما يشقيه؛ خصوصًا فى تدبره لمصروفاته ومعيشته.

 

لن تسعد السيدات العاقلات إذا اقترض أزواجهن بالفيزا مثلاً حتى يتموا مصاريف الشهر الكريم بذات البذخ والإسراف الذى كان فى سنوات ماضية.

اليوم لا بُدّ أن تتغير عاداتنا الغذائية تماشيًا مع الوضع الاقتصادى الحالى والذكى الفطن الذى يستطيع عبور الأزمات دون أن يخلق فى حياته أزمة أو عثرة تهدد أمانه المادى ومركزه الاجتماعى.

لن يكون عيبًا أبدًا أن تكون موائدنا الرمضانية بها صنف أو اثنان مع مشروب رمضانى رخيص نوعًا ما أو مع شوربة عدس أو شوربة طماطم مثلاً.

وبات على سيدة البيت الذكية أن تبحث عن وصفات للطعام، لا تعتمد على الدواجن واللحوم بل تعتمد على الخضار والبقول، والحكمة أن تطبخها بطريقة محببة مبتكرة بعيدًا عن الطرُق القديمة المكررة!

كانت مصر تحتل مرتبة متقدمة بين الدول الأكثر هدرًا للطعام، لذا يجب أن نفكر جيدًا اليوم قبل شراء طعام لا نحتاج إليه، فأى هدر من الممكن أن يكون مقبولاً والآلاف من الفقراء لا يقدرون على شراء قوت يومهم.. 

وبالمناسبة؛ هناك شعوبٌ عربية تفطر على تمر وشوربة ولبن وفول والمقتدر منهم يأكل اللحوم فى وقت متأخر قبل السحور وغير المقتدر يعيد الكرّة ويتسحر فول وتمر!

العالم كله يتجه اليوم لإعادة تدوير الطعام كالمخبوزات والحلويات والفواكه والخضار، وهو ما يحدث فى كثير من المطاعم والفنادق الكبيرة، ولكن بات اليوم إعادة تدوير الطعام فى منازلنا ليتقبله أولادنا دون نفور أمرًا مُلحًا، أعلم أن هناك سيدات يصنعن من الخبز البائت حلويات ومن الأرز البائت معجنات مقلية ومن الخضار القديم يخنة لذيذة.

وللأسف كثير من الأسر اليوم ما زالوا يغالون فى التباهى والتماهى فى الشراء؛ لا سيما المستلزمات الرمضانية؛ إمّا خوفًا من أن يتم معايرتهم بين الأقرباء والجيران أو الشعور باطمئنان زائف!

وبما أن لفّة قمر الدين هذا المشروب الرمضانى الأصيل وصلت إلى أكثر من سبعين جنيهًا؛ إذن فلن يضرنا الاستغناء تمامًا عنه واستبداله بمشروبات من الفاكهة الرخيصة أو مشروبات رمضانية أخرى سعرها معقول، واليوم بات من الضرورى أن تصارح كل أسرة أبناءها بوضعها الاقتصادى الحقيقى وأنه أصبح صعبًا تلبية كل رغبات أولادهم وجملة (مفيش غير الأكل ده النهارده) تخلق إنسانًا متزنًا يرضى بكل شىء ويستطيع التعامل مع أى ظرف؛ خصوصًا أن الحياة فى مجملها ليست بالهينة ولا اليسيرة على الغالبية العظمى من البشر!

يذكر الدكتور ماجد عبدالعظيم الخبير الاقتصادى بعض الطرُق للتعامل مع المتطلبات الشرائية خلال الشهر الفضيل ويقول: (كل شىء فى الأسواق له بديل ممكن يكون أرخص منه والتعلق بنوع واحد من البروتينات مثل البروتين الحيوانى مثلاً لا يرهق ميزانية الأسرة المصرية فقط بل يرهق ويتعب صحتها، فليس عيبًا أن يتناول الصائمون الفول واللوبيا والعدس على الإفطار أفضل من اللجوء للاقتراض من الأهل والأصدقاء!

وبالنسبة للعزومات فى شهر رمضان الكريم فلا بُدّ أن تدار بشكل مختلف هذا العام، فإذا أرادت ربة منزل أن تدبر عزومة فى رمضان فأفضل حل هو كالآتى: كل سيدة ستحضر هذه العزومة تحضر طبقًا أو صنفًا فى منزلها ويكون من ضمن المائدة بحيث إن كل أسرة لا تتكلف ثمَن العزومة كلها وبكده الناس هتتقابل وتتجمَّع دون مشقة اقتصادية أو حرج)!

ويكمل عبدالعظيم قائلاً: (أتمنى أن يخفف الناس فى رمضان تناوُل الإفطار أو السحور فى المطاعم فأسعارها باتت مُبالغ فيها والجودة فى الأكل والنظافة تراجعتا والأفضل تناوُل الإفطار والسحور فى المنزل أرخص وأنظف.. لأن ممكن جدًا يجد رب أسرة نفسه بيدفع نصف راتبه فى وجبة إفطار له ولأسرته داخل مطعم ما).

وأخيرًا؛ رمضان شهر كريم ولكنه مثل باقى الشهور فى السنة لا داعى للذعر والفزع وأن نتوه فى دائرة ماذا سنأكل وماذا سنطبخ، فالصائم يكسر صومه على تمرة وكسرة خبز والمهم هو أنه استطاع تأدية فريضته أمّا البذخ فى الولائم والموائد الرمضانية فهو من صنع مجتمعاتنا الاستهلاكية لا دخل لها بعادات الإسلام والمسلمين الأوائل فى الشهر الفضيل.