الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
التجربة السنغالية

التجربة السنغالية

أى متابع للكرة المصرية لا بد أن يشفق على المدير الفنى للمنتخب المصرى، بعد التراجع الكبير فى مستوى الأندية واللاعبين، وإذا سألت عشاق الساحرة المستديرة سواء كانوا نقادًا أو فنيين أو متفرجين عن اللاعبين المحليين الذين يمكن ضمهم للمنتخب بجانب المحترفين لاحتاروا بسبب تراجعهم فنيًا وبدنيًا، رغم اقتراب موعد مباريات تصفيات بطولة الأمم الإفريقية، حيث سنلاقى مالاوى يومى 24 و28 مارس الجارى، والجميع يخاف أن نكرر تجربتنا المؤلمة معها حيث مازال جيلى يتذكر كيف خسرنا أمامها فى السبعينيات من القرن الماضى وكانت وقتها فى بدايتها الكروية وغير معروفة على المستوى الإفريقى، ويومها اختصر الكاتب الكبير نجيب المستكاوى المباراة فى جملة واحدة «حتى مالاوى أما بلاوى»، وهى سخرية مريرة لخصت مستوانا، وقد يرى البعض أن الأمل فى لاعبينا المحترفين, خصوصًا أنهم يلعبون بانتظام مع فرقهم الأوروبية والعربية، ولكن الملاحظ أن معظمهم يلعب فى خطى الهجوم والوسط باستثناء أحمد حجازى لاعب الاتحاد السعودى فإنه لا يوجد لدينا مدافعون يمكننا الاطمئنان إلى أدائهم، ونفس الأمر بالنسبة لحراسة المرمى والتى شهدت تراجعًا كبيرًا فى مستوى كل الحراس، وهو أمر ينذر بالخطر لأهمية هذه المراكز والتى قد تعرضنا للخسارة رغم تميز لاعبى الهجوم، ومن المؤكد أن هناك أسبابًا عديدة وراء هذا التراجع المخيف ؛خصوصًا بالنسبة للاعبين الذين كانوا مميزين فى بطولة إفريقيا الأخيرة والتى حصلنا فيها على مركز الوصيف بعد الخسارة أمام السنغال بضربات الترجيح، أول وأهم هذه الأسباب المنظومة غير المنضبطة ولا أريد أن أقول الفاسدة  التى تدير كرة القدم لدينا منذ سنوات ليست قليلة، وعدم الشفافية فى إدارة شئون اللعبة سواء فى الاتحاد أو الأندية الكبرى، فلا يوجد لدينا انتظام فى مواعيد المسابقات، وليس هناك حساب على إهدار الأموال ولا مراقبة جدية فى صفقات اللاعبين ولا العمولات التى تتم فيها، ويكفى أن يكون ناديا الأهلى والزمالك أقوى من الاتحاد الذى يقف عاجزًا أمام طلباتهما مهما كانت تضر بالمنظومة وتؤثر سلبًا على الفريق القومى، والأخطر أن يكون الانضمام للأندية فى فئات الناشئين بالواسطة وليس بالمهارة والقدرات، فلا يوجد لدينا مدربون مؤهلون علميًا للعمل مع هذه الفئات يستطيعون اكتشاف المواهب وتطويرها، كما أن تعنت الأندية عند وجود عروض احتراف لبعض اللاعبين يضيع عليهم الفرصة ويهدر علينا إمكانية تطوير هؤلاء اللاعبين وتنمية مهاراتهم ومن ثم الاستفادة منهم فى المنتخبات المختلفة، وربما يكون وراء هذا التعنت محاولات السمسرة أو الفهلوة والتذاكى للحصول على أكبر قدر من المكاسب دون دراسة جيدة للواقع، ما يعرضنا لعدم تواصل الأجيال المحترفة على عكس ما يحدث فى الدول الإفريقية التى تسهل احتراف لاعبيها فى سن صغيرة، وهو ما يحاول الجهاز الفنى للمنتخب تعويضه بالبحث عن أبناء المصريين المهاجرين والمجنسين بجنسيات أخرى.



نعانى أيضًا من عدم وجود إدارة محترفة سواء فى الاتحاد أو الأندية، والمناصب تخضع للعلاقات والحب والكره والمصالح المشتركة وليس على الكفاءة والعلم والقدرة على العطاء، كما أن أخطاء التحكيم والتى لن أقول أنها متعمدة تهدر العدالة ما يؤثر سلبيًا على اللعبة، ولا ننسى الدور الذى يلعبه الإعلام الرياضى فى إثارة النعرات وزيادة الاحتقان بين الجماهير ؛ خصوصًا بين الأهلى والزمالك وهو ما يحتاج وقفة سريعة وجادة لوقف هذا الاحتراب قبل أن يتحول إلى حرب حقيقية لها ضحايا وتراق بسببها الدماء، كما لا يمكن أن تنهض اللعبة دون جماهير ومطلوب بشدة عودة الجماهير للمدرجات بكامل طاقتها واستيعابها.

كل المنظومة الرياضية تحتاج إلى تصحيح مسار وعلينا أن نرى تجارب الدول الأخرى التى تقدمت رياضيًا وليس عيبًا أن ندرس تجربة السنغال التى سيطرت على كل البطولات الإفريقية فى كرة القدم خلال العامين الماضيين، فبجانب فوزها بكأس أمم إفريقيا وصعودها إلى كأس العالم التى أقيمت بقطر العام الماضى توجت ببطولات أمم إفريقيا للشباب  ومسابقة اللاعبين المحليين وكذلك بطولة كرة القدم الشاطئية، ما يؤكد أن الانتصارات ليست عشوائية أو طفرة ستنتهى ولكن نتيجة تخطيط مدروس، وفوزها ببطولات الناشئين ينبئ باستمرار تفوقها لسنوات طويلة، ولا يعنى هذا الأمر أنها ستستحوذ على كل البطولات المقبلة ولكنها ستكون منافسًا شرسًا ومرشحة دائمًا للفوز، علينا أن نتدارك الأمر سريعًا قبل فوات الأوان ؛ خصوصًا أننا نملك كل القواعد التى تؤهلنا للمنافسة والانتصارات ولكن بشرط الاعتماد على المنهج العلمى ومحاربة الفساد والعمل لصالح اللعبة وليس لصالح الأندية أو الأشخاص.