الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تحت الوصاية والإسلاموفوبيا

تحت الوصاية والإسلاموفوبيا

ما الذى يجمع بين مسلسل (تحت الوصاية) المقرر عرضه فى شهر رمضان وبين الإسلاموفوبيا؟ يبدو من الظاهر أنه لا علاقة بين الاثنين، ولكن ما فعله المتطرفون والمتنطعون أوجد هذه العلاقة، وحتى نفهم الأمر فإن البعض استغل صورة الفنانة منى ذكى وهى ترتدى الحجاب والتى نشرت كدعاية للمسلسل وحاولوا أن يوهموا المتابعين بأنه يهاجم الحجاب والمحجبات، وادّعى البوست الذى لقى رواجًا كبيرًا على مَواقع التواصل الاجتماعى أن المسلسل تعمّد إظهار «منى» وهى غير جميلة وذابلة وتعيسة فى حين أنها ستصبح جميلة ومرحة ومقبلة على الحياة عندما تخلع الحجاب فى نهايته.. والمريب أن هذا الهجوم الممنهج والمنظم يأتى دون أن يعرف من قاموا به قصة المسلسل ولا الأجواء التى تدور فيه، ولكنهم حاولوا استغلال الصورة المنشورة لكى يجروا المجتمع إلى معركة حول الحجاب ودور الفن فى الهجوم على الإسلام، وفى المقابل تصدى عدد من الفنانين للدفاع عن «منى» واضطر صناع المسلسل للكشف عن قصته وأنه لا يتعرض لقضية الحجاب من قريب أو بعيد وأن أحداثه تدور حول امرأة أرملة ومعيلة تعمل لكى تنفق على أولادها وتضطر إلى ارتداء ملابس الرجال لكى تجد عملاً وتدخل فى معارك قانونية مع أهل زوجها المتوفى حول الوصاية على أولادها، وأن طبيعة الدور يجعلها تظهر فى صورة امرأة عاملة ومرهقة ولا وقت لديها لكى تتزين وتضع مكياچا يُظهر جمالها ونضارتها، ولستُ هنا بصدد تقييم مسلسل لم يشاهده أحدٌ حتى الآن ولا الحديث عنه فنيًا أو ما هى رسالته، كما إننى لا أدافع عن منى ذكى؛ ولكن ما يعنينى أن اسم المسلسل يتحقق على يد من هاجموه فهم يريدون وضع المجتمع تحت الوصاية، ويخططون لإجبار الناس على اتباع أفكارهم وفى سبيل ذلك يبذلون كل جهد ويستخدمون كل حيلة؛ بل إنهم يكذبون من أجل تحقيق أهدافهم رُغْمَ تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب؛ حيث نفى عن المسلم أن يكون كذابًا، وحين سُئل أيكون المؤمن كذابًا؟ قال لا.. ولكنهم يبررون كذبهم بأنهم فى حرب وهى تبيح كل الأفعال، وأن الحرب خدعة، ويتناسون أن الفارق كبير بين الخدع الحربية والكذب على المجتمع.



لقد حاول الإرهابيون والمتطرفون فى التسعينيات فرض الوصاية على المجتمع بقوة السلاح تحت زَعْم أنهم يريدون تطبيق شرع الله؛ فقتلوا الأبرياء وسرقوا بالإكراه وهو ما فعلوه وقتها فى محلات الذهب المملوكة للمسيحيين، وحين فشل إرهابهم لجئوا إلى إقامة دعاوَى الحسبة ضد المفكرين والكتّاب والفنانين مستخدمين هذا السلاح فى فرض وصايتهم على المجتمع.. صحيح أن هذا السلاح خففت حدة استخدامه ولكنه لا يزال موجودًا ولا يزال البعض منهم يترصد كل فكر مختلف وفن متفتح، الآن اتبعوا أسلوبًا جديدًا للتأثير على المجتمع وفرض وصايتهم عليه بطريقة ناعمة ودون استخدام عنف أو إجبار، وهو الترويج لأفكارهم من خلال اصطناع الأكاذيب بقصد تشويه المختلفين معهم وتقليل تأثير الفن، وهو ما فعلوه كثيرًا وآخرها مع منى ذكى.. والغريب أن تتزامن أفعالهم مع اليوم العالمى لمكافحة كراهية الإسلام والمحدد له يوم 15 مارس من كل عام والذى تحاول الأمم المتحدة من خلاله مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا؛ خصوصًا فى الغرب الذى يتنامى به اتهام المسلمين بالعنف والإسلام بالإرهاب.. والمتطرفون بأفكارهم وتصرفاتهم يؤكدون للغرب هذه الصورة السيئة والإسلام منها ومنهم براء.. وما فعلوه مع صورة منى ذكى يُعَبر عن فوبيا فلديهم اعتقاد راسخ أن الإسلام يتعرّض لمؤامرة من الغرب وهو ما يجعلهم يفسرون كل شىء باعتباره هجومًا على الإسلام فيتصرفون بعدوانية تصل إلى حد الإرهاب وتذهب أحيانًا إلى اختلاق الأكاذيب ضد مَن يتوهمون أنهم يعملون ضد الدين، ويظنون أنهم بذلك يدافعون عن العقيدة فى حين أنهم بأفعالهم يرسّخون الصورة المشوّهة للدين الحنيف ويزيدون من موجة الإسلاموفوبيا، وإذا كنا حقًا نريد مكافحة كراهية الإسلام فعلينا التصدّى لهؤلاء المتطرفين وأن نرفض أفكارهم ومحاولتهم فرض وصايتهم على المجتمع.