الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإبداع بين المخرج والنجم

الإبداع بين المخرج والنجم

أما وقد انقلب الهرم فى زماننا السعيد فيما يتصل بالدراما السينمائية والتليفزيونية فأصبح «النجم أو النجمة» ينفرد باختيار المنتج والنص والسيناريست والمخرج والممثلين فى الأدوار الرئيسية وربما الثانوية وبالتالى فقد صار المؤلف ترزيًا لصالح النجم والنجمة لوحدهما.. وأصبح المخرج مجرد منسق بين رغبات النجم والشروط الإنتاجية ينفذ التعليمات تميزًا عما كان سائدًا وثابتًا وتقوم على أساسه فنون الصور المرئية المختلفة فى الزمن الجميل ومنذ بداية صناعة السينما ونشأة الدراما التليفزيونية حيث يقوم بكتابة السيناريو والحوار فنان واحد وليس ورشة من مجموعة صبيان.. ويتعاون السيناريست مع مخرج معين يتسق معه فكريًا وفنيًا ويتم تعاقد المنتج معهما بعد تقديم معالجة درامية يتم الاتفاق عليها وبعد انتهاء كتابة السيناريو والحوار يقوم المخرج باختيار نجوم العمل الأساسيين والأدوار المساعدة والثانوية.



وإذا كان من السائد والمعروف أن دور المخرج المبدع يتحقق بقيادته لتنفيذ عناصر البناء الدرامى للفيلم أو المسلسل بواسطة أداء الممثل وحركة الكاميرا وبناء المشاهد واللقطات المتتالية وأحجام الكادر وزوايا التصوير وشكل الإضاءة وعلاقة الأحداث باختيار الموسيقى التصويرية المناسبة والإيقاع المطلوب.. فإنه من المنطقى والبديهى أن كيفية اختيار الممثلين تُعد من أهم الأمور وأصعبها وأكثرها إثارة للمشاكل فى عملية الإخراج لأن التطابق الكامل بين الممثل المختار والشخصية التى عليه أن يؤديها أمر نادر الحدوث ولعل ذلك هو ما جعل الروائى يتمتع بحرية أكبر من تلك التى يتمتع بها المؤلف الدرامى فى خلق شخصياته دون أن يضطر إلى تجسيدها من خلال نماذج حية، كما أن عملية التطابق المستمرة التى يجريها المتفرج بين نفسه وبين الممثل تزيد من المسؤولية الملقاة على عاتق الممثل والمخرج معًا، فمشاعر المتفرجين التى تنجذب أو تبتعد عن الممثل فى حركة مستمرة تترجم بطريقة حاسمة وصادقة قدرة الشخصية الدرامية على التأثير من خلال مجموعة من الأفكار والمشاعر المطلوب إبرازها فى الفيلم أو المسلسل.

ولأن المتفرج لا يمكنه أن يرى إلا ما يريد له المخرج أن يراه لأن الرؤية تتم من خلال عين الكاميرا التى تحدد زوايا التصوير وحجم اللقطة على عكس المتفرج فى المسرح الذى يتمتع بحرية النظر فى كل الاتجاهات؛ فإن لقطة قريبة على وجه ممثل غير كفء لدوره فى لحظة درامية مهمة كفيلة بأن تنسف المعنى العام للفيلم بأكمله والمعنى السابق يؤكده «ستانسلافكي» بتركيزه على توضيح الفارق الكبير بين الفن الحقيقى والتمثيل الآلى فهو يرى أنه لن يأتى ذلك إلا من خلال الدراسة العميقة من جانب الممثل لكل ما يتصل بالشخصية التى يؤديها.. ظروفها الاجتماعية.. تكوينها النفسى.. سلوكها العام.

ولن يتم ذلك بصورة صادقة ومؤثرة وفعالة إلا من خلال مخرج يستخدم أدواته الفنية استخدامًا ملائمًا وخلاقًا لكل أحداث وصراعات وأفكار القضايا المطروحة من خلال السيناريو. 

ومن هنا فإنه من البديهى أيضًا أن المخرج هو الذى يختار البطل وليس البطل هو الذى يختار المخرج.. ويختار كل عناصر العمل الدرامى.