الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المعجبانيون

المعجبانيون

«المعجبانيون» هم جمع لصفة «المعجبانى» وهو ما تصف شخصيته الكاتبة الصحفية القديرة والساخرة الكبيرة «سناء البيسى» فى كتابها الرائع «مصر يا أولاد» – (هو غاوى التطلع فى مرآة الأنا المحدبة المقعرة بعيون لا تتحرك للنظر فيما حولها.. لأنها مزروعة خطأ فى مقدمة الجبهة فى تجويف الجمجمة فمكاشفاتها «لجوة» ومتابعتها ورصدها «لجوة» وعندما تخرج «لبرة» فالكلام عن نفسها وبطولاتها وتأثيرها وفضلها وحسنها و«أنا لما كنت» و«أنا لما رحت» و«أنا لما قلت»).. والمعجبانى يُعبر عن إحدى الصفات أو السمات التى أصبحت راسخة وأصيلة فى الإنسان المصرى على مدى العصور.. اللهم أن أهميتها تفاقمت حديثًا –وكما ترى د.عزة عزت فى كتابها عن التحولات فى الشخصية المصرية– نظرًا لمتطلبات العصر المادية والنفعية.. وشخصية المعجبانى شأنها شأن المشهلاتى والفهلوى والمتطفل والذين كتبت عنهم فى المقالات السابقة تتوسع لتحتوى على مترادفات متعددة وذميمة لسلوكيات بغيضة لصيقة الصلة بخصائص متنوعة من الادعاء ومحاولة إثبات الذات والغرور والغطرسة والتكبر والاستعلاء.. وفرض التمييز والتعبير عن النفوذ والتفرد وعلو الشأن والسلطة تزخر بها التشبيهات والمصطلحات والأقوال المأثورة والصفات والأمثلة الشعبية.. ففى إطار الصفات الشعبية تعبيرات دارجة مثل «بحره عالى» و«إيده طايلة» و«مش شوية فى البلد» و«له ضهر» و«مسنود من فوق» و«فى إيده الحل والربط» وهى تحمل معنى أنه قادر وقوى وذو نفوذ.. وواصل ومدعم بمن هم أعلى أو أقوى.. ويملك وسائل البطش والتنكيل.. وفى إطار وصف التكبر والاستعلاء والغرور يُقال «عامل قمع» و«بيتكلم من طراطيف مناخيره».. و«شامم نفسه علينا» و«عامل فرخة بكشك» و«نفخة كدابة» و«شايف نفسه».. و«هايطق له عرق» و«زى قنصل الوز» و«شارب كوز نشا».. و«واخد فى نفسه قلم».



وفى سياق الرغبة فى الإحساس بالتميز عن الآخرين والزهو والشعور بالعظمة والاختيال بالنفس «عامل فيها فله» أو «عامل فلوطة» أو «عايش فى الدور» (أى متوهم أن ما أصابه من تميز هو واقع دائم).. و«عامل أبو العُرّيف» أى مدع المعرفة، ومن أساليب التفاخر والتباهى «ولا أى أى ولا زى زى.. ولا كل قط يتقال له يا مشمش».. و«انت عارف بتكلم مين؟!» و«ابن بارم ديله» و«جاى من قولة» (أى من بلد محمد على باشا الكبير ومسقط رأسه وتُقال فى من يدعون أنهم من علية القوم).. و«مفيش على الحجر غيره».

على أن أسوأ أنماط المعجبانية هم المتحولون من حال إلى حال.. ومن أصول اجتماعية بسيطة أو وضيعة إلى منتمين إلى طبقات أعلى من الثراء بعد فقر.. أو مكانة عالية أو شهرة مفاجئة فتحولوا إلى «محدثى نعمة» يفخرون بالجاه والوجاهة والأناقة والتشدق بالأصالة والعراقة والانتماء إلى «أولاد الذوات» أو «الناس الهاى» ويُقال فى التهكم والسخرية منهم المصطلحات الشعبية: «طالع فى المقدر جديد» و«كان فى جرة وطلع لبرة».. هو فاكر نفسه ابن مين فى «مصر»؟! «الله يرحمه ما شافش الدوش غير فى الطاولة.. و«كان بيطرقع صوابع المحشى قبل ما ياكلها» و«سبحان العاطى الوهاب.. بعد الشبشب والقبقاب».