الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المتطفلون

المتطفلون

 «كل واحد يبص فى ورقته» هذا النداء الذى ابتدعه ويردده دائمًا الإعلامى الرياضى المعروف «سيف زاهر» فى برنامجه التليفزيونى والذى يحذر من خلاله من نقيصة التطفل أو التدخل المعيب فى شئون الآخرين.. والذى يعنى فى المأثور الشعبى «خليك فى حالك» أو «ملكش صالح» أو «اطلع منها وهى تعمر» أو «انت مالك» أو «اللى ما لك فيه ما تتحشرش فيه».. وهذه النقيصة تمثل سمة من سمات سلبيات الشخصية المصرية والتى تتجاوز مجرد ظواهر شائعة ومتكررة من سلوك كثير من العامة مثل شخص يتوقف خلفك فى طابور ماكينة صرف النقود ويدس رأسه متلصصًا ليعرف رصيدك ويقترح عليك سحب مبلغ بعينه.. أو آخر يستوقفك فى الشارع مدعيًا أنه «يشبه عليك» ويسألك عن اسمك وديانتك.. أو ثالث يتعمد أن يجلس حول المنضدة المجاورة لك فى كافيتريا ويتدخل فى الحوار الدائر بينك وبين صديقك أو زوجتك.. لكن هذه النقائص تفاقمت واتسعت دائرتها لتحتوى على مترادفات متعددة وذميمة مثل التظاهر والادعاء والنفاق وترويج الشائعات والنميمة والوقاحة والتبجح والخداع والتضليل والتحايل والتسلل والاستعطاف وإفشاء الأسرار، فصفة الادعاء المتصلة بالتطفل تشمل ادعاء المعرفة.. ادعاء الثقافة.. ادعاء الحكمة.. ادعاء ممارسة مهن لا تتفق مع مهارات وقدرات أو دراسات أو شهادات المتطفل وتعبر عنها الأمثلة الشعبية مثل: «أعمى وعامل منجّم» أى أنه يعمل بمهنة أو صنعة يجهلها.. أو «عامل عنب والباقى فراطة».. أى معجب بنفسه ومتظاهر بالانفراد عن الناس بمزايا معينة و«قالوا الجمل طلع النخلة قالوا آدى الجمل وآدى النخلة».. ويضرب المثل لمن يدعى المستحيل وتكذبه شواهد الرؤية الواقعية.. و«زى القط يسبح ويسرق» وتطلق على الذى يكثر من التلاوة المتظاهر بالورع ومع ذلك لا يتورع عن سرقة أموال الناس.



وتتصل بصفة التطفل أيضًا نقيصة «التنطع» التى تعنى فى الأقوال الدارجة والتعبيرات الشعبية «رامى» أو «ملقح جتته» أو عايش عوالة أو سفلقة أو أونطة أو «لزقة بغرا» كما يتصل بالتطفل أيضًا خاصية «العشم» التى يعبر عنها بأن المتطفل «زود العشم» أو «خلاها خل» أو «عام على وش الفتة».

أما عن سعى المتطفل فى معرفة الأسرار فيقال فى المأثور الشعبى عنه «طرطق ودانه» و«يهلفط ويرطرط فى الكلام» و«يعرف الكفت».. و«يعرف دبة النملة».

أما ما يتصل بالغيبة والنميمة والمرتبـط بالتطـفل فهـو – كما تورد «د.عزة عزت» الأستاذة فى علم الاجتماع – أسوأ أنواع الكلام الذى يصيب فى مقتل والذى انتشر مؤخرًا ليس كمجرد ذم.. ولكن تشويه للسمعة وخوض فى الأعراض ووصفته الأقوال المستحدثة بـ«ضرب تحت الحزام»، وينطبق ذلك على ما تشيعه كثير من البرامج التليفزيونية وما تحتشد به وسائل التواصل الاجتماعى الغارق فى التطفل والنميمة وإثارة الشبهات والشائعات الذميمة حول النجوم من الفنانين والفنانات والمشاهير والرياضيين.. والتى تعبر عنها الأقوال الشعبية مثل «ينهش لحمه» و«طراطيش كلام» و«الناس مابتسبش الناس فى حالها» و«كلام يخرب البيوت العمرانة» و«خلى اللى ما يشترى يتفرج».. وصدق الشاعر الكبير «صلاح عبدالصبور» حين قال: اللفظ حجر/ اللفظ منية/ فإذا أنت ركبت كلامًا فوق كلام من بينهم استولدت كلام/ لرأيت الدنيا مولودًا بشعًا.. وتمنيت الموت/ أرجوك.. الصمت.. الصمت.