السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. التحالف الوطنى للعمل الأهلى للتنمية والتوعية.. خطوات محسوبة فى سبيل بناء مجتمع مدنى حقيقى!

مصر أولا.. التحالف الوطنى للعمل الأهلى للتنمية والتوعية.. خطوات محسوبة فى سبيل بناء مجتمع مدنى حقيقى!

ظلت العلاقة بين منظمات المجتمع المدنى والدولة المصرية هى العلاقة المحرمة.. تلك العلاقة التى كان الإطار الحاكم لها هو الشك والتخوين لسنوات طويلة حتى وصلنا لأحداث 25 يناير 2011. والتى لعبت فيها بعض المنظمات القليلة والمعروفة بالاسم دورًا سلبيًا فى تأجيج الفوضى بدلًا من دعم جهود التوعية والتنمية.. تحت ستار الحريات السياسية حيث اتخذوا حينها من مسألة «حقوق الإنسان» شكلًا موجهًا لإشاعة مناخ الفوضى؛ بالتشكيك فى مؤسسات الدولة، والقيام بمحاولات مستميتة من أجل تفتيتها والقضاء عليها، وكانت وزارة الداخلية هى الهدف الأساسى لتلك الفوضى.



كانت المرحلة الفاصلة هى صدور القانون رقم 70 الذى صدر فى 24 مايو 2017، وما ترتب عليه من تشويه لصورة الحكومة المصرية والتشكيك فى مواقفها تجاه عمل المجتمع المدنى، ومحاولة ترسيخ صورة افتراضية بموقف معادٍ ضد حرية الجمعيات والمراكز والمنظمات. وهو بالطبع ما يتعارض مع دور المجتمع المدنى دوليًا من جانب، ومع المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بعمله من جانب آخر.

فى منتدى شباب العالم سنة 2018، كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة بتعديل قانون الجمعيات استجابة لطلب «يوستينا ثروت» إحدى المشاركات بالمنتدى. وفى شهر يوليو من العام التالى.. وافق مجلس النواب على صدور قانون «تنظيم العمل الأهلى رقم 149 لسنة 2019» الجديد المقدم من الحكومة بعد جلسات حوارية ونقاشية لمدة عامين بين سنة 2018 و2019. وهو ما يتسق مع المادة 75 من الدستور التى تنص على أن (للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل فى شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائى، ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سريًا أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى).

وأذكر أننى كتبت حينها أن صدور هذا القانون.. يعتبر استجابة فعلية للعديد من المطالب والملاحظات غير الإيجابية على قانون 2017. الأهم فى تقديرى أن صدور هذا القانون.. يمثل البداية الحقيقية لفض حالة الاشتباك المستمر بين الحكومة والمجتمع المدنى. كما أنه يتجاوز فكرة العمل الخيرى للجمعيات والمنظمات بتطور أشكاله فى المجتمع المصرى إلى القيام بدور رئيسى فى التنمية باعتباره دورًا مساندًا ومكملًا لجهود الدولة، وليس بكل الأحوال بديلًا عنها أو موزيًا لها. وما يتزامن مع تقديم خدمات التنمية من تنفيذ برامج التوعية. 

 

التوعية بالدرجة الأولى..

نحتاج إلى تركيز «التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى» على التوعية بشكل خاص من خلال الإسهام فى دعم تنفيذ برامج ومشروعات تندرج تحت القضايا التالية: مجال حقوق الإنسان، والتربية على المواطنة، وحرية الإعلام، وحل النزاعات بشكل سلمى، وحقوق الطفل، وقيم ومبادئ الديمقراطية، وحقوق المرأة وتمكينها اقتصاديًا وتشريعيًا، وتنمية اقتصاد السوق، وتمكين وتقوية الجمعيات، والنقابات المهنية والعمالية، والتعليم وثقافة السلام، ونشر ثقافة المشاركة فى الانتخابات ومساندة كوتة المرأة. وعلى أن يتم تنفيذ كل ما سبق بشكل حقيقى من خلال معايير وثوابت الأمن القومى والمجتمعى للدولة المصرية.. حتى لا تتكرر أهداف «الفوضى الخلاقة» حسبما حدث فى أحداث 25 يناير 2011.

 

مجتمع مدنى جديد..

كان صدور هذا القانون بمثابة خطوة حقيقية فى طريق تحرير عمل المجتمع المدنى مؤسسيًا 

وقانونيًا وعدم التدخل فى عمله، وعدم وجود عقوبات سالبة للحريات، وعدم التعطيل الإدارى لمسار عمل الجمعيات، وضبط نظام التبرعات والتمويلات من خلال تنظيم إدارة أموال الجمعيات الأهلية تحت إشراف البنك المركزى ومتابعته. وهو ما يعنى زيادة مساحة الحرية مع مراعاة الأمن القومى المصرى لوقف فوضى التمويل ومنع تسرب التمويل للجماعات الإرهابية.

ورغم كل ما سبق، لم أجد أى تفسير حينها فى عدم الاحتفاء والاهتمام الإعلامى الكافى بصدور القانون الجديد للجمعيات الأهلية والذى يعتبر نوعًا من إعادة مناخ الثقة بين المجتمع المدنى والحكومة، وتشجيع عمله.

وإذا كان صدور القانون.. محسوبًا بالدرجة الأولى على جهود منظمات المجتمع المدنى وجمعياته، فإن الإنجاز الحقيقى هو استجابة الحكومة لمتغيرات العصر لتيسير عمل المجتمع المدنى بشكل حقيقى ومؤثر. ومن هنا تم تخصيص علم 2022 كعام المجتمع المدنى. وما نتج عن ذلك من ظهور «التحالف الوطنى للعمل الأهلى» بمشاركة 24 جمعية ومؤسسة أهلية على «ميثاق العمل الأهلى التنموى». وبدأ عهد جديد للتكامل بين المجتمع المدنى المصرى والحكومة المصرية.. لتنهى سنوات طويلة من النفور والتقاعس والتشكيك والتخوين.

 

تحالف من أجل الإنسان..

فى تقديرى، أن وجود «التحالف الوطنى للعمل الأهلى».. يعنى بوضوح وبشكل مباشر أيضًا.. اعتراف الحكومة المصرية بدور المجتمع المدنى فى التنمية والتوعية، باعتباره صاحب دور فعال وشريك حقيقى، ومساند لجهود الدولة.. وليس مجرد ديكور للاستثمار الافتراضى بحقوق الإنسان.

دعم القيادة السياسية المصرية للمجتمع المدنى بهذا الشكل غير المسبوق.. يؤكد على إدراكها للدور الذى يمكن أن تقوم به منظمات المجتمع المدنى وجمعياته فى قدرتها على الوصول للمواطن المصرى، أى رجل الشارع، بقدر أكبر؛ بل وأسرع من وصول الحكومة له قبل أحداث 25 يناير 2011، وهو ما تم من خلال الأنشطة والبرامج والخدمات التى قدمتها تلك المؤسسات والمنظمات سواء فى مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان، أو من قبلها فى مجال تنمية المجتمع، وهى خدمات تم تقديمها حينها فى ظل تراجع دور الدولة فى تقديم تلك الخدمات، سواء لتكلفتها المرتفعة من جانب، أو بسبب نقص الموارد البشرية من جانب آخر؛ خصوصًا فى محافظات الصعيد، أو للسببين معًا.

 

رؤية دولة..

المتتبع لسياسات الدولة المصرية، يستطيع أن يرصد الخطوات المتتالية للدولة المصرية بداية من تخصيص عام 2022 كعام للمجتمع المدنى المصري، ثم اصدار «الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان» التى تعد فى كل الأحوال خطوة غير مسبوقة فى مسيرة حقوق الإنسان فى مصر، وهى خطوة يترتب عليها إصدار العديد من القوانين والإجراءات، وهى من شأنها تطبيق نصوص الاستراتيچية بشكل عملى قابل للقياس والمتابعة، ما يعنى بداية مَرحلة جديدة لدور حقيقى للمجتمع المدنى المصرى. وصولًا إلى وجود كيان «التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى».

 

نقطة ومن أول السطر..

اهتمام الدولة المصرية بالشراكة والتعاون بين منظمات المجتمع المدنى وجمعياته.. والدولة المصرية.. يدعونا إلى إعادة تقييم دور المجتمع المدنى طبقًا لمعايير مدى اتساقه مع احتياجات المجتمع، وطبقًا لمدى قدرته على تلبية هذه الاحتياجات فى ظل دعم الدولة لدوره سواء قانونيًا أو إجرائيًا كما طالبت من قبل.  

وجود مجتمع مدنى مصرى قوى هو دليل على مدى قوة الدولة وثقتها فى مؤسساتها.. بما يتطابق مع مصلحة المواطن المصرى.. بعيدًا عن تحقيق أهداف غير مشروعة لمصالح هنا أو هناك.