اتزان يكشف حقيقة اللا اتزان

هناك اتفاق شبه تام بين فلاسفة الفن، أن الأهم من موضوع الفن، طريقة التوصيل، ومن هنا سنتحدث عن مسلسل (اتزان) الذى يُعرض على منصة watch it.

فإن قيمته الأخلاقية ورسالته الفنية تكمن فى التأكيد على أهمية التربية السوية للأطفال وإشباعهم بالمشاعر الإيجابية والحنان حتى لا نخلق نماذج مشوهة تصل لحد الجرائم.. وما أكثرهم.

لكن طريقة توصيل هذه الرسالة جاءت أعمق وأكثر تحليلا ومتعة لك كمشاهد.. أولاً لأن شخصيات مسلسل (اتزان) مرسومة بدقة وحرفية.. رسم واضح لملامح الشخصيات الجسمانية والنفسية وخاصة بطلة العمل «ركين سعد» فى دور «رحمة»، فهى امرأة تعانى من أزمة نفسية وتراكمات كثيرة منذ طفولتها إلى أن كبرت، فخلقت منها تلك الأزمات نموذجا مشوها غير متزن تعانى اضطرابا نفسيا واضحا ومؤذيا لكل المحيطين به، وإذا ركزت كمشاهد فى رسم ملامحها، شكلها وحركتها ستلمس الاضطراب النفسى من نظرات عيون يغلب عليها التوتر وعدم التركيز مع انحناءة جسدها أثناء جلوسها وحركتها ما يعبر عن الانكسار والضعف، بالإضافة لكلامها المقتضب وصمتها الذى وظفه المخرج «شادى عبدالسلام» فنيا كتعبير قوى عن اضطرابها وتفكيرها الكثير المشتت وضعفها فى مواجهة مشاكلها.

ومن رسم الشخصيات إلى حبكة الكشف التي  اعتمد عليها العمل الفنى، كشف لغز أزمتها النفسية فأنت كمشاهد فى كل حلقة، وتحديدا  فى بدايتها تحل جزءا من اللغز من خلال مشهد افتتاحى عبارة عن فلاش باك لحدث من ماضى البطلة كما لو أنه «بازل» تجمعه للوصول للحقيقة، ما يصل بك للاندماج الكلى مع الأحداث والتركيز فى كل التفاصيل ويساعدك على التماهى مع العمل، ومنها حركة الكاميرا واختيار الكادرات وخاصة الضيقة على وجه الشخصيات وأبرزهم البطلة لتلمس وتشعر بمشاعرها وكادر آخر تم استخدامه كثيرا وهو «bird eye»، عبارة عن كادر أفقى كأن الكاميرا فى السقف ليعبر عن تيهة البطلة وتفكيرها الزائد.

هذا ونجد، صراعا عائليا متصاعدا وعلى خط متوازٍ مع صراع البطلة «رحمة» الداخلى وصراع آخر ساكن فى شخصية «أمل»، بحيث يخدّم كل منهم على الآخر فى خيوط متشابكة معقدة تساعدك على كشف الحبكة وفهم الأحداث بشكل أوضح.

عناصر قوية فى مسلسل (اتزان) تضافرت معا لتوصيل رسالة العمل وقيمته الأخلاقية التى تهم عددًا هائلاً يقدر بالملايين من الأهالى  كما  يدمجك كمشاهد فى العمل ويعزز مشاركتك الشخصيات فى حل اللغز.