الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فن الساحرة المستديرة

فن الساحرة المستديرة

سحر الكرة الخلاق.. وتأثيرها الطاغى على جموع المتفرجين فى كل بقاع العالم ولغتها المدهشة فى مفرداتها التى تتوحد مع كل شعوب الأرض.. وهى لغة الإشارة والصافرة والبطاقات الصفراء والحمراء.. يديرها سيد مطاع هو عنوان الحقيقة وميزان العدل.. يشير بيده إلى دائرة السنتر علامة البداية أو عند تسجيل هدف مستحق ويرفع ساعده الأيمن أو الأيسر معلنا ضربة حرة مباشرة أو غير مباشرة.. ويستخدم صفارته الحاسمة القاطعة الصارمة الباترة مقررًا ضربة جزاء.. ويلوح بالبطاقة الحمراء طاردًا لاعبا مشاغبا أو صفراء مؤنبًا متمردًا.. أما تلك الحسناء المستديرة الغادرة حينًا.. الحانية فى إغواء ودلال حينًا آخر.. التى تخطف القلوب وتسيطر على الألباب وتغوى العشاق وتبعث على البهجة والحب وتصدر القلق والجزع والتوتر العاصف.. وتشعل الأمل فى فوز ساحق أو تجنب خسارة ماحقة والتى تحقق متعة بصرية مرئية فاتنة.. وتلك الجماهير التى تشاركها فى توحد تراجيدى مع الأقدام المتصارعة والتى يمثل انتصارها انتصارًا لهم وهزيمتها خيبة أمل.. من خلال عاطفتى الخوف والشفقة.. وكأنها تتبارى معهم خائفة من الهزيمة.. مشفقة على مصير أبطالها عند إخفاقهم.. بل إنها تشاركه لغته الآسرة التى تتجسد فيما يسمى بالبناء الدرامى وعناصره الخلاقة فى فن كتابة السيناريو المتمثلة فى المقدمة المنطقية ورسم الشخصيات وتأليف الأحداث وتصعيدها إلى صراع محتدم يتمخض عن ذروة درامية تعلن فيه النتيجة النهائية لذلك الصراع.



إن المتابع للعروض المبهرة «للسامبا البرازيلية» وأسود الأطلس المغربى ومخترعى اللعبة الإنجليز والعباقرة الفرنسيين فى «المونديال» وفقراتهم الممتعة فى المباريات المتتالية.. يدرك سحر الفن الخلاق وبراعة الإلهام والخليط المدهش من الابتكار والخيال البراق.. والتشويق الدرامى والإثارة المدهشة فالمقدمة المنطقية أو «الاستهلال» أو نقطة الانطلاق تتجسد فى التمهيد للمباراة بعدة تمريرات استكشافية أو ما يطلق عليه «جس النبض» لمعرفة نواحى القوة والضعف فى صفوف الخصم.. ورسم الشخصيات التى يحتوى عليها فن كتابة السيناريو يمثل فى الكرة تنوع وتباين وتناغم أساليب اللاعبين وتميز أفراده فى المهارات المختلفة فى التمرير.. والمراوغة والسرعة والتصويب.. والأحداث وتصاعدها من الدفاع إلى السيطرة التدريجية فى الضغوط على المنافس وغزو منطقة الجزاء والصراع ويتمثل فى تبادل الهجمات بين الفريقين لاستخلاص الكرة والاستحواذ وتحقيق التفوق عن طريق تشكيل الخطورة على مرمى الخصم.. والذروة وتتمثل فى نتيجة الصراع المتمثلة فى النجاح فى تسجيل الأهداف.. واستقرار الكرة فى مرمى المنافس.. وتحقيق النتيجة المرجوة من الصراع الدامى إلى الفوز المبهر.

وهكذا تثبت تلك اللعبة البراقة عندما يتألق مبدعوها أنها تتجاوز صفتها كرياضة محببة هدفها مجرد التسلية والترويح عن النفس.. إلى مرتبة الفن الراقى.