الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المؤلف ترزيًا

المؤلف ترزيًا

الحقيقة التى لا يمكن الاختلاف حولها أن المبدعين المميزين فى مجال كتابة السيناريو والحوار هم قلة نادرة يعدون على أصابع اليد الواحدة.. ولا يمكنهم بطبيعة الحال تلبية احتياجات الإنتاج التى تتطلب عددًا ضخمًا من الساعات.. فما بالك وقد سقطت الدراما منذ سنوات فى مستنقع أباطرة الإعلانات وسيطرة النجوم والنجمات الذين لا يعنيهم فى قليل أو كثير الاستعانة بالكُتّاب الحقيقيين.. وأصبحت المهنة بهذا المفهوم تشمل عددًا وفيرًا من معدومى الموهبة والأرزقية ولاعبى التلات ورقات وعابرى السبيل.. الكثير منهم لم يقرأ كتابًا واحدًا فى حياته؛ بل إننى أكاد أجزم أن بعضهم لا يجيد أصلًا الكتابة والقراءة.. يتمتعون بإفلاس فكرى وعُقم إبداعى ونضوب فنى وغياب التعبير الحقيقى والصادق عن مشاكل المجتمع وسيطرة حواديت النميمة والحوار السوقى.. وغلظة الإحساس بالواقع الاجتماعى.. وتصورهم المتخلف لوظيفة الفن عمومًا.. وأنت إذا واجهت أحدهم بذلك لأكد لك بغباء أنه يكتب مسلسلًا واقعيًا على اعتبار أن الناس فى الواقع يتكلمون هكذا.. وهم فى الحقيقة لا يفهمون معنى الواقعية ولا رسالة الفن؛ لأن الدراما تستخدم الحوار استخدامًا فنيًا يعنى بالإيحاء.. والدلالة والإيجاز والتكثيف وتعميق الإحساس وتجسيد المضمون.. والارتقاء بالذوق العام وتصفية الواقع من شوائب الترهل والفوضى والقبح والتفاهة.



وفى زمن سطوة الإعلان والنجوم إياهم يبرز الصبية ويتوارى الأسطوات لأن النجم والنجمة يريدان ترزيًا وليس مبدعًا.. فالمبدع ثقيل الظل.. صاحب فكر.. بطىء الإنجاز.. نمَكى.. كثير الجدل.. غاوى فلسفة وله كرامة.. ولديه شروط فى التعامل.. ولا يقبل التنازل.. وبتوارى الأسطوات يتحول دور المؤلف إلى «ترزى» والمخرج إلى «مشهلاتى» أو «سفرجى».. والمُشاهد المسكين إلى متلقٍّ سلبى لا حول له ولا قوة وقد استغفله الجميع.

وبالتالى فإن الصنايعى لا بُدَّ له أن يخضع لشروط وتعليمات ورغبات ونزوات صاحب العمل.. فالعلاقة بين كاتب السيناريو والمنتج علاقة مشوهة؛ حيث يتعامل الثانى مع الأول باعتبار أنه أجير أو عامل من عمال التراحيل فى أرضه عليه الخضوع والامتثال من خلال عَقد الإذعان الذى يتنازل بموجبه السيناريست عن حقوقه بلا سَند قانونى.. والمصيبة الأكبر أن هذا الكاتب الغلبان عليه أن يذهب إلى الشهر العقارى ليتنازل عن عمله وكأنه يبيع درّاجة أو توك توك وليس عملًا فنيًا إبداعيًا..

وفى الحقيقة؛ إن كل ما يحدث للمؤلف الغلبان هو خرق سافر لقوانين حقوق المؤلف التى تنص بوضوح على أن المُصنّف سواء مؤلفًا أدبيًا أو علميًا أو فنيًا هو ثمار تفكير المبدع ومرآة شخصيته؛ بل هو مَظهر من مَظاهر هذه الشخصية ذاتها يُعَبر عنها ويفصح عن كوامنها ويكشف عن فضائلها ونقائصها.

وبناء عليه؛ فإن للمؤلف وحده الحق فى أن ينسب إليه مصنفه وفى أن يدفع أى اعتداء على هذا الحق.. وله كذلك أن يمنع أى حذف أو تغيير فى مصنفه.