
الفت سعد
أحلف بسماها .. نحن أولى بالترشيد مـن أوروبا
إجراءات شديدة الحزم تقوم بها الدول الأوروبية الآن لترشيد استهلاك الطاقة رغم الشتاء القارس الذى بدأ بالفعل، وذلك حفاظًا على الطاقة المخزنة وخوفاً من استمرار منع أو تقليل إمداد الغاز الروسى إثر الحرب مع أوكرانيا.. فى فرنسا قررت السلطات تخفيض درجة حرارة المياه وتقليص تدفئة المبانى وإغلاق المحال مبكرا، وحظر الإعلانات المضيئة ليلاً.. كل ذلك بهدف إنقاص استهلاك الطاقة بنسبة 10 ٪.. وفى إنجلترا طولب المواطنون باتباع كل وسائل تقليل استهلاك الطاقة مثل إيقاف التدفئة فى الغرف غير المسكونة وخفضها فى الغرف المستخدمة وتعويض نقص التدفئة بالتدثر بالملابس والأغطية الثقيلة وتقليل درجات حرارة غسالات الملابس.. وفى ألمانيا بدأت السلطات بنفسها أولاً عندما أوقفت إضاءة القصر الرئاسى ليلاً باستثناء الزيارات الرسمية وإيقاف إنارة معالمها الأثرية ومبانيها التاريخية وإيقاف تشغيل الماء الساخن فى أماكن العمل وضبط أنظمة التدفئة لضمان صلاحيتها وعدم وجود تسربات من الغاز تؤدى إلى زيادة الاستهلاك.. وسرى ذلك على دول الاتحاد الأوروبى التى طالبت المواطنين من خلال الحملات الإعلامية بتحمل المسئولية مع الحكومات حتى انتهاء أزمة الطاقة الحالية.. ونتيجة زيادة الوعى فقد التزمت الشعوب طواعية بإجراءات ترشيد الطاقة رغم الاعتياد لسنوات طويلة على الرفاهية.
تلك الدول ذات الاقتصاد القوى وما زال لديها مخزون من الطاقة تحاول الاحتفاظ به وعدد السكان بها فى ثبات باستثناء نقص أو زيادة محدودة، ومع ذلك هناك إصرار من الحكومات ومواطنيها على استمرار إجراءات الترشيد وتحمل الأيام الباردة لهذا الشتاء حتى تنتهى الأزمة.. فماذا عن الدول النامية التى تحاول جاهدة تحقيق التنمية فى ظروف اقتصادية طارئة تسود العالم.. فى مصر نحن نعلم كيف تحاول القيادة السياسية بناء الدولة بجميع أركانها بعد سنوات طويلة من الركود أعقبها حركة يناير 2011 وما تلاها من تخريب متعمد.. وإن كان الله قد أنعم علينا باكتشافات الغاز التى جاءت لتكفى حاجة مصر من الطاقة وتصدير ما يمكننا من الحصول على العملة الصعبة، لاستيراد احتياجات متعددة للشعب المصرى على رأسها الغذاء.. والمفترض أننا لسنا بمنأى عن أزمة الطاقة العالمية ونحن أولى باتباع إجراءات الترشيد أكثر من الغرب.. فلدينا زيادة سكانية مطردة ورغم خطة ترشيد استهلاك الكهرباء التى أعلنتها وطبقتها الحكومة المصرية على الجهاز الإدارى للدولة والمولات والمنشآت الكبرى وأعمدة الإنارة ورغم الحملات الإعلامية ومناشدة المواطنين بترشيد الاستهلاك، إلا أن الكثيرين لم يلتزموا ولم ينتبهوا للتصرفات البسيطة التى يمكن أن توفر الكهرباء مثل نزع فيش الموبايلات والأجهزة الكهربائية وتقليل الإضاءة وكلها عادات للأسف لا نطبقها رغم معاناتنا من فاتورة الكهرباء.. وأنا هنا لا أقصد الطبقات البسيطة التى تطبق ترشيد الكهرباء دائما خوفاً من زيادة الفاتورة، ولكن الطبقات فوق المتوسطة التى غالبًا لا يدرك شبابها قيمة الترشيد وأهميته ماديًا ليس لصالح الأسرة فقط، ولكن لتوفير كميات الوقود أو الغاز فى محطات التوليد.. وذلك ما تدركه الشعوب فى الغرب ونحن أولى منهم فى ظل اقتصاد يحتاج كل الدعم.