شعار السبّاحة المصرية نجوى غراب صاحبة الـ 79 عامًا العمر مجرد رقم
جانا عزام
السّن فى مجتمعاتنا عائقًا أمام بعض الناس لممارسة حياتهم بشكل طبيعى سواء للتعليم أو الزواج أو ممارسة الرياضة أو حتى فعل أى شىء فى حياتهم تأثرًا بآراء المجتمع السلبية ويبقون سجناء لعقارب الزمن ويرون أن فرصهم أصبحت أقل فى أشياء كثيرة.. لكن هناك أشخاصًا ترى العمر مجرد رقم وان بالعزيمة والإصرار لا يوجد مستحيل.. وينظرون إلى الحياة بنظرة إيجابية ومختلفة عن باقى المجتمع، ومنهم السبّاحة المصرية نجوى غراب صاحبة الـ 79 عامًا- من مواليد 1 يناير 1943.
تواجه الحياة بروح وحيوية فتاة عشرينية وأثبتت أن الإبداع والنجاح لا ينتهى عند سن معينة، ولا تزال ترتدى ملابس السباحة وتتدرب وتريد تحقيق المزيد من البطولات العالمية.
تقول نجوى غراب: وُلدت فى أسرة بسيطة وليست ثرية مثل الأغلبية من المصريين وكانت أسرة عاشقة للرياضة وتقدّرها.
وكان لديهم ثقافة مختلفة فى التربية ومنحوا أهمية كبيرة للرياضة؛ حيث إن والدى كان ضابط شرطة وبطلاً أولمبيًا فى رياضة الفروسية وحصل على ميداليات من الملك فاروق شخصيًا وكان يرى أن الرياضة هى سر سعادة الإنسان.. ووالدتى دارسة للطب بقصر العينى، وحرصا على أن أصبح أنا وأخواتى البنات رياضيات، ولكن أنا مَن أحببت السباحة وظهرت لدَىّ الموهبة وأكملت المسيرة الرياضية.
ووقعت فى حُب السباحة منذ أن كان عمرى 4 سنوات وتعلمت عندما وجدوا لدىّ الموهبة فى نادى هليوبليس واشتركت فى بطولات جمهورية فردية قوية جدًا وتوّجت ببطولة الجمهورية فى الرابعة عشرة من عمرى، وأرى أن السباحة موهبة ويجب أن تنمّى بأسلوب راقٍ فى التعليم، وأرى أن مدربى النادى كان لهم دور كبير فى حبى للسباحة وتعلقى بها.
وتعلمت منهم نظامًا وهو الدبلوماسية وحب الرياضة وأن اللعبة لا تحتاج إلى العنف، والتحقت بكلية الآداب قسم لغة فرنسية وعملت مُدرسة لغة فرنسية فى كلية السلام من عام 1970 إلى أن وصلت لسن المعاش عام 2003. وتابعت غراب: «الله وهبنى موهبة الرسم أيضًا؛ خصوصًا الرسم التأثيرى ورسم الخيول العربية تأثرًا بعشق أبى لها ودرست الرسم لمدة سنة فى كلية ليوناردو دافينشى».
العودة
تقول نجوى غراب إنها اضطرت للتوقف عن السباحة فى عمر الـ 18 نظرًا لعدم وجود مسابقات آنذاك لمن تخطى الـ 16 عامًا سواء للإناث أو الذكور وأكملت تدريباتها وكانت تمارس السباحة كهواية وتنتظر فرصة مشاركتها فى بطولة عالمية، وعادت مرّة أخرى عندما كانت تبلغ من العمر 60 عامًا بعد ما أصبحت فى سن المعاش وبعد أن أكملت مسيرة التربية لأولادها؛ حيث إنها أم لثلاث بنات.
وتابعت: عندما سمعت عن مسابقات الأساتذة العالمية اشتركت بها وبدأت تدريبات وعُدت أفضل من السابق وشاركت فى أول بطولة عالمية فى سن الـ 67.
البطولات
تقول نجوى غراب: حصلت على ميداليات عديدة محليًا وعالميًا، ومحليًا لدىّ 21 ميدالية و21 كأسًا و7 دروع من الاتحاد المصرى للسباحة.
وعالميًا كنت ضمن أسرع سبّاحات العالم وحصيلة الـ6 بطولات عالمية هى 11 ميدالية؛ حيث شاركت فى أول بطولة عالمية عام 2010 فى السويد والنمسا وحصلت على المركز الـ 11 عالميًا، وشاركت بعد ذلك فى بطولات عالمية في ريتشونى بإيطاليا ومونتريال فى كندا وكازان فى روسيا وبودابست المجر وكوريا الجنوبية عام 2019. وهذه كانت آخر بطولة عالم أشارك بها بسبب منع البطولات من أجل تفشى فيروس كورونا وستعاد البطولات عام 2023.
العقل السليم فى الجسد السليم
وتابعت غراب، أنها ترى أن الله خلق بها الإيجابية فى الحياة وأنها مستحيل أن تنظر إلى أى جانب سلبى فى أى موضوع، وأنها تركز فقط على كل ما هو إيجابى لأنها تقول إن الإيجابية تؤثر على صحة الإنسان النفسية والجسدية.
وأكملت، إن طبيعة حياتها مرتبطة بالناحية الرياضية؛ فهى تعشق النظام والنشاط فتبدأ يومها بالاستيقاظ فى الخامسة والنصف صباحًا وتبدأ ممارسة السباحة من الساعة التاسعة صباحًا حتى 11 وبعدها تكمل يومها بالجلوس مع الأصدقاء أو القراءة ومن ثم تعود لمنزلها.. وتقول إنها مستحيل أن تأكل أى سُكريات أو دهون أو حتى النشويات بنسبة 80 بالمئة، ومن الممكن أن تتذوق شيئًا منها مرّة فى الأسبوع.
وأن كل طعامها هو بروتين أو خضروات وفواكه وتشرب الكثير من الماء، وكل هذا النظام هو أسلوب حياتها منذ سنوات، فالعقل السليم فى الجسد السليم.
سر النجاح
تقول البطلة نجوى غراب: إن سر الاستمرارية فى النجاح هو الإرادة والتحدى، وإن هذا يعنى إنك تتحدى نفسك وتتحكم بها وتضحى بأشياء عديدة على كل المستويات حتى تصل لحلمك، وهذا أسلوب تفكير قوى لا يقدر عليه إلا مَن أراد ومَن يتحمل الصعوبات، فلا يوجد مستحيل من وجهة نظرى.
وتنصح الشباب بأن يضعوا أهدافًا لهم ويسعوا لتحقيقها وأن يطوروا من أنفسهم ويبعدوا عن كل ما هو سلبى ولا يُحبَطوا من أى شىء؛ لأن طالما هناك يوم جديد هناك أمل وهناك وقت لاستكمال الأحلام وتحقيقها.
ويجب المحافظة على نعمة الصحة لأنها هدية من الله، ويجب على الأسَر أن تحتوى الشباب وتمنحهم طاقة إيجابية والتحدث معهم ودعمهم حتى يُكملوا الطريق لأن دعم الأسرة مهم جدًا ويفرق مع الإنسان فى كل شىء، وأنا مثلًا نشأت فى عائلة داعمة ومُحبة، وهو الأمر الذى أثر بشكل إيجابى على حياتى وأعطانى الثقة بالنفس.
ولمَن هم فى عمرى أقول لهم إن الله إذا أراد أن ينهى حياتك فى الستين من عمرك أو أقل أو أكثر لن تكون معنا الآن فى الدنيا، لذلك اليوم الجديد ووجودك فى الحياة له معنى وهو فرصة لتحقيق أحلامك.. الله منحنا العمر حتى يرى ماذا سنفعل به ونشكره على تلك الهدية ونستمتع بها، فيجب أن تكون إيجابيًا؛ لأنه لا يوجد شخص ليس لديه مشاكل سواء أنا أو أنت ولكن يجب ألا نعطى أى موضوع أكبر من حجمه الحقيقى حتى لا يسيطر علينا ونشعر بالاكتئاب ويحطمنا، ولا يوجد ما فاتك أو سيفوتك ولكن أحسن استغلال الوقت والفرص.
وتقول غراب، إنها سعيدة باهتمام الرئيس السيسى بالرياضة؛ وذلك لأن الرئيس رياضى ويعرف أهمية الرياضة، وهناك نشاط قوى فى السباحة وكل المجالات الرياضية.
وتابعت: أتمنى أن يعطينى الله الصحة وأستطيع أن أرفع عَلمَ مصر فى كل البلاد، فأنا أحب مصر وأعشق ترابها وأريد أن أشرّف المرأة المصرية؛ فهى امرأة لا يُستهان بها وأثبتنا هذا لكل العالم.