الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قلبُ الدُنيا .. قمةُ الجزائر انتصارٌ للدبلوماسية وللعرب!

قلبُ الدُنيا .. قمةُ الجزائر انتصارٌ للدبلوماسية وللعرب!

إنَّ القمةَ العربية المُقبلة فى الجزائر، والمُزمع انعقادُها فى شهر نوفمبر المقبل يومَيْ الفاتح والثانى منه؛ تزامنًا مع ذكرَى ثورة نوفمبر الخالدة،هى انتصارٌ للعروبة؛ خصوصًا بَعد محاولاتٍ كثيرة لإفشال المبادرة الجزائرية من خلال أطراف سياسية وأخرَى إعلامية، لكنَّ تَوَحُّدَ الصفّ العربى أحبطَ كلَّ تلك المحاولات، وتمّ الإعلان عن انعقاد القمة العربية فى موعدها الرسمى، وجاء الإعلان من السيد «أحمد أبوالغيط»، الأمين العام لجامعة الدول العربية.



من أمّ الدنيا تمّ الإعلانُ عن موعد القمة العربية، تحديًا لكلِّ مَنْ تمنّوا لها الفشل، أو عَمِلوا على ذلك!

هى قمةٌ استثنائية بامتياز، من حيث إنها تنعقد فى ظلِ ظروف سياسية واقتصادية دولية وإقليمية استثنائية أيضًا؛ بل حسّاسة، وقد وضعت الجزائر كلَّ إمكاناتها المادية والاستراتيچية والبشرية فى سبيل إنجاح هذه القمة،هدفها الأسمَى هو لمّ الشمل والمصالحة العربية (ونبذ الفُرقة وتغليب التوافق والائتلاف على التنافر والاختلاف)، وما كان ليحدث ذلك؛ لولا قوة الديبلوماسية الجزائرية ذات التاريخ المشرّف منذ الاحتلال حتى الآن؛ فقد كان لها دورٌ كبير ومحورى إبان الاستعمار.

نعرف أنَّ قاطرة ثورة 1954، سارت فى عملها على خطيْن متوازييْن:

طريق العمل الثورى الداخلى العسكرى، وطريق العمل الديبلوماسى الخارجى.

وساهمت الديبلوماسية الجزائرية التى آمنتْ بقضية الوطن، وحق الشعب فى استقلاله؛ فى تدويل القضية الجزائرية وجعلها قضية رأى عام دولى، وكان ذلك فى الأمم المتحدة فى دورتها العاشرة- على ما أذكر- وقد لاقت صدًى طيبًا ومساندة، من دول إفريقية وغربية ومن مجلس الأمن الأمريكى، نذكر الرئيس «كينيدى - الذى كان سيناتور»، آنذاك، حين ألقى أوّل خطاب له فى مجلس الشيوخ الأمريكى معلنًا دعمَه لاستقلال الجزائر وندّد بمحاولة فرنسا لقمع حركة التحرر. من بين ما قاله «كينيدى» فى خطابه عام 1957:

«هناك العديد من حالات الصدام بين الاستقلال والإمبريالية فى العالم الغربى التى تستدعى اهتمامنا. لكن الحالة الأبرز والأكثر أهمية اليوم هى الجزائر. لقد حان الوقت للولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الحقائق القاسية للوضع، والوفاء بمسئولياتها كدولة رائدة للعالم الحُرّ- فى الأمم المتحدة، فى حلف شمال الأطلسى، فى إدارة برامجنا للمساعدة وفى ممارسة دبلوماسيتنا- فى خَلْق مسار نحو الاستقلال السياسى للجزائر».

إنَّ الديبلوماسيةَ التى استطاعتْ أن تساهم فى تحقيق استقلال الوطن، كفيلةٌ بلعب الدور الكبير فى تحقيق الوحدة العربية، التى من تجلّياتها، القمة العربية المقبلة. 

وقد شهدت الديبلوماسية الجزائرية، منذ الثورة، تطورًا كبيرًا من حيث أدائها وهياكلها وتنظيمها، بجهود المناضلين فيها.

الجزائر افتكت الاعتراف من كبرى دول العالم، ومن الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية، وغيرها، إلى أن تمّ الاعتراف بالثورة وبحق الشعب الجزائرى فى تقرير مصيره، فمن بنود الثورة الجزائرية ومن مبادئها؛ مناصرة الشعوب من أجل الحرية والاستقلال..

وأصبحت القضية الجزائرية، قضيةً دوليةً، ساندتها كبرى دول العالم كلِّه. وتمّ استقلال الجزائر فى 1962، بَعد مسارٍ طويل - وهذا المقام لا يسمح بذكر التفاصيل التاريخية؛ لأهمّ حدث وهو استقلال الجزائر بَعد استعمار دام نحو أكثر من قرن وربع.

منذ اندلاع ثورة أوّل نوفمبر 1954، أُعطى العمل الديبلوماسى أهمية كبيرة؛ حيث حُدّدت الأهدافُ الخارجية عن طريق المواثيق المتمثلة فى بيان أوّل نوفمبر ومؤتمر الصومام، التى تدعو إلى تدويل القضية الجزائرية فى المَحافل الدولية؛ ((وقد أرسى الوفد الخارجى لجبهة التحرير الوطنى المقيم فى «القاهرة»، أرضية للعمل الديبلوماسى؛ حيث أسندت له مهمة تدويل القضية الجزائرية على الصعيد الخارجى والقيام بزيارات وبعثات لكسب التأييد الدولى)).

(وللحديث عن العلاقات المشتركة بين مصر والجزائر عبر التاريخ؛ خصوصًا فى كلِّ من ثورة نوفمبر وحرب أكتوبر؛ مَقام آخر، إن شاء آلله).

إنَّ الحديث عن تاريخ ثورة الجزائر، هو حديث ذو شجون، بامتياز، لِمَا فى الحدث من معانٍ جميلة وقيّم سامية، فيه النضال والوفاء للوطن؛ لأنَّه حديثٌ عن ثورة عظيمة، تكاد تكون أعظم ثورة فى تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر، من حيث مدة الاستعمار ومنهجية النضال، التى أبهرت العالم، عسكريًا وديبلوماسيًا.

ولرُبّما اختيار تاريخ الفاتح من نوفمبر؛ تاريخًا لانعقاد القمة العربية فى الجزائر، له رمزيةٌ كبيرة ومعانٍ عميقة، باعتباره تاريخًا كرّس لتضامُن الدول والشعوب العربية مع الثورة الجزائرية، وإيمانها اللا مشروط بقضايا التحرّر العادلة وبقيم النضال فى سبيل تقرير المصير العربى المشترك؛ ولعلّ هذا التاريخ هو مؤشر يعكس الالتحام بالتاريخ والمَدّ العربى، الذى كان هو الضامن الحقيقى لضرورةِ تحريرِ الأوطان واستقلالها وحرية شعوبها.

طوبَى لنا جميعًا إخوةً.. ونتمنى كلَّ التوفيق والنجاح لهذه القمة على أرضِ الجزائر، أرضِ المليون ونصف المليون من الشهداء. 

 إنَّ نجاحَ القمة العربية فى الجزائر، هو انتصارٌ للديبلوماسية الجزائرية من جهة، وللعربِ جميعًا قادةً وشعوبًا، من جهة أخرى، وهى رسالة مهمة إلى العالَم، ألاَّ تنتظروا انكسارنا أو انهزامنا، أو تَفَرُقَنا، مادام فى قلوبِ شعوبِنا مَحبّة لا تنضب، ممتدة عبر التاريخ، وفى العروق تسرى، ومادام لأوطاننا عزّة وكرامة، ومادام فينا رجال ونساء، أحرارُ وحرائرُ، يعرفون كيف يدافعون عن هذه الأوطان ويحافظون عليها.

حفظ آللهُ أوطانَنا العربية وأمتَنا.

 

كاتبة عربية جزائرية