السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. قصيدة أم كلثوم التى سرقتها إسرائيل

كلمة و 1 / 2.. قصيدة أم كلثوم التى سرقتها إسرائيل

لو لَدَينا فريقُ عمل يُنَقِّب فى أرشيف الإذاعة المصرية التي بدأت رسميًا عام 1934 لاكتشفنا دُرَرًا، ولكن مع الأسف لا أحد يشغل باله باقتحام مغارة (على بابا) الصوتية فى (ماسبيرو) للعثور على ما هو أندر من الزمرد والمرجان واللؤلؤ.



أقصد ما تبقى منها لأن هناك عبر الزمن مَن استولى على جزء كبير من تراثنا الإذاعى؟ هذا هو السؤال الذي طاردنى عندما تساءلت: لماذا لم نستفد من أرشيفنا؟ قالوا إن جزءًا ذهب لبعض دول خليجية.. وأضفتُ لهم أن إذاعة إسرائيل سرقت بعض هذه الكنوز.. وضربتُ مَثلاً بقصيدة (غريب على باب الرجاء)، التي مُنعت من التداول، ولم يُفرج عنها إلا بعد رحيل أم كلثوم عام75.. البث بدأ أولاً لهذه القصيدة من الإذاعة الإسرائيلية.

أصل الحكاية أثناء بروفات أوبريت (رابعة العدوية) شِعْر طاهر أبو فاشا، فى منتصف خمسينيات القرن الماضى، دخل «عبدالوهاب» إلى الاستوديو، بعد أن تناهى إليه صوت أم كلثوم فى نغمة جديدة مختلفة، لم يتبين مَن ملحنها على وجه الدقة؟ وتنبّه أنه كمال الطويل، فأثنى على لحنه وبادله «الطويل» الشكر مؤكدًا أنه الأستاذ الكبير، واستأذن «عبدالوهاب» فى الانصراف، فطلب منه «الطويل» أن يستكمل البروفة، وفى تلك اللحظة شَعَر «الطويل» بحذاء أم كلثوم تحت المائدة يضربه بعنف، ولم يفهم سر تلك الضربات الغاضبة والمتلاحقة، وبمجرد أن غادر «عبدالوهاب» الاستوديو قالت له أم كلثوم: (اللحن اتْشَم يا كمال). 

مرّت أسابيع قليلة وقبل المونتاچ النهائى للأوبريت طلب «الطويل» من أم كلثوم حذف (غريب على باب الرجاء)، حاولت إثناءه مؤكدة أن اللحن رائع، إلا أنه  أصَرّ، وهنا قالت له أم كلثوم: (مِش قلت لك يا كمال اللحن اتْشَم).

كان «الطويل» فى أغلب ألحانه يستشعر قبل تسجيلها أنها ينقصها شىء ما، بعد رحيل أم كلثوم  ببضع سنوات وفى مطلع الثمانينيات وصلت (غريب على باب الرجاء) إلى الإذاعة الإسرائيلية، ولا تتعجب هناك (مافيا) استولت على جزء من تراثنا الإذاعى والتليفزيونى وباعته لإسرائيل، ربما عن طريق شركاء فى إحدى الدول العربية، وكان التسجيل الذي بثته إذاعة إسرائيل يتضمّن عن طريق (المكساچ) مع صوت (السِّت) تصفيقًا، وكأن أم كلثوم قدّمت القصيدة فى حفل، وبدأ المصريون يستمعون إلى القصيدة  بإعجاب واستغراب، ويتساءلون: مَن الذي أخفاها؟ وطلبت شركة (صوت القاهرة)ـ والتي تحتكر توزيع كل أغنيات أم كلثوم ـ من «الطويل» السماح بطبع القصيدة  على (كاسيت)، فصار متداولاً، وسألتُ وقتها الأستاذ كمال: هل شعرت بندم بعد مرور 30 عامًا على منع اللحن من التداول؟ أجابنى: قناعتى كانت ولا تزال أن اللحن أقل بكثير من طموحى الموسيقى.. سألته: هل عبدالوهاب (شَمّ اللحن)؟ ضحك وقال: عندما رأيت الأستاذ فى الاستوديو تذكرت قصة حدثت لى معه فى معهد الموسيقى العربية قبلها بنحو 15 عامًا، عندما كنت طالبًا بالمعهد، كان «عبدالوهاب» يُجرى بروفة أغنية ليلى مراد (اتمخطرى يا خيل) وتسللتُ لأحضرها، حتى أرى الأستاذ أثناء ولادة اللحن، وجلستُ فى نهاية الصف حتى لا يلمحنى، إلا أنه رُغْمَ ضعف بصره قال: (فيه جاسوس هنا يتفَضَّل يخرج من غير مطرود) وكان موقفًا مُحرجًا، ليس فقط بسبب طردى ولكن لأنه ألْحَقَ بى صفة جاسوس، ومن بعدها قررت أن أردها له، واعتبرت حضوره بروفتى لأم كلثوم اعتذارًا متأخرًا عن نعتى بالجاسوس، ونفى تمامًا إيمانه بأن اللحن اتحَسَد، رُغْمَ أن أم كلثوم ظلت تعتقد وحتى رحيلها أن عبدالوهاب (شَمّ اللحن)، ولم يكن هذا هو اللحن الوحيد الذي سرقته إسرائيل، هناك عشرات أخرى!.