الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سيمفونية فى حب «على إسماعيل»  بقلم رانيا يحيى

سيمفونية فى حب «على إسماعيل» بقلم رانيا يحيى

 دع سمائى فسمائى مُحرقةْ.. دع قناتى فمياهى مُغرِقةْ.. واحذر الأرض فأرضى صاعقة.. هذه أرضى أنا وأبى ضحّى هنا.. وأبى قال لنا مزقوا أعداءنا.



أنا شعبٌ وفدائيٌّ وثورةْ..ودمٌ يصنع للإنسان فجْرهْ.. ترتوى أرضى به من كل قطرة..وستبقى مصرُ حرة.

مين ما بيحبش أنشودة «دع سمائي» بصوت فايدة كامل وألحان الموسيقار العملاق «على إسماعيل» التى قاومت العدوان الثلاثى على مصر ثم تحولت إلى أيقونة النصر فى حرب أكتوبر المجيدة وعابرة لكل الأجيال فى حب مصر.

حكاية هذه الأغنية العظيمة كاملة وحصرية فى كتاب «على إسماعيل..غرام فى السينما» تأليف د.رانيا يحيى رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون المعروفة إعلاميا «بفراشة الفلوت»، والكتاب ضمن مطبوعات مهرجان الإسكندرية السينمائى فى إطار الاحتفال بمئوية ميلاده وبحضور ودعم ابنته الرائعة «شجون على إسماعيل» التى تسلمت وسام تكريمه.

أهمية هذه الأنشودة ليست فقط لأنها وطنية بصوت نسائى رغم أنها تحتاج لحالة من القوة والصمود والشجاعة بل لدورها فى بث ذعر للمعتدين وتقول رانيا يحيى: كانت هذه الأغنية أيقونة معبرة عن الشعب والجيش وتعكس الروح الوطنية وغلبة مشاعر الانتصار خاصة فى مدن القناة، وكان الأهالى يذيعونها بمكبرات صوت ليؤذن بكلماتها ولحنها فى أذن العدو لمكيدته وكان أهالى بورسعيد يطوفون بها مما استفز السلطات البريطانية التى أصدرت قرارا بالبطش بهم ومواجهة أى مصدر لهذا النشيد لتأثيره الكبير. 

«دع سمائي» نموذج من روائع الأغنيات الوطنية المؤثرة والخالدة والتى تعكس دور القوة الناعمة وتأثيرها على تحميس الشعب وتنمية المشاعر الوطنية، وروعة الأنشودة أنها مازالت تذاع فى احتفالات تخرج دفعات الكليات العسكرية، بينما تعزف د.رانيا يحيى فى هذا الكتاب المهم على الورق لتقدم لنا وثيقة ثمينة عن موسيقى مصرى عالمى أشبه بمقطوعة موسيقية بالقلم.

«على إسماعيل» صاحب الرحلة الثرية والمليئة بنقاط التحول ولد حسبما كتبت د. رانيا منذ 100عام فى «حارة المناصرة» على أطراف منطقة الأزهر والحسين وتطوع بالجيش وفيه تعلم النوت الموسيقية وانجذب لآلات النفخ الخشبية والنحاسية حتى احترف العزف لموسيقى الجاز على آلة الساكسفون بمهارة قادته لاختيار الموسيقار محمد عبد الوهاب له فى فرقته لعزف أغنية عاشق الروح فى فيلم غزل البنات عام 49، ثم ذاع صيته كعازف وملحن.. لم يكتف على إسماعيل من دروس اليونانى الأصل والمصرى النشأة والشهرة «اندريا رايدر» الذى علمه قيادة الأوركسترا ووصفه بعد ذلك بأنه التلميذ الذى تفوق على أستاذه؛ بل درس بمعهد فؤاد الأول الذى تحول إلى معهد الموسيقى العربية برمسيس لتعلم العزف الاحترافى مزاملا عبدالحليم حافظ وفايدة كامل وكمال الطويل الذين أصبحوا أصدقاء عمره ثم ملحنا لعبد الحليم حافظ لأغنية «يا مغرمين» ومنه لتأليف الموسيقى التصويرية لأفلام تُعد روائع السينما المصرية على حد وصف الكاتبة الدكتورة رانيا يحيى وهى: «الأيدى الناعمة» و«السفيرة عزيزة» «مراتى مدير عام» «صغيرة على الحب» «حسن ونعيمة» «بين القصرين» «معبودة الجماهير» «العصفور» «الاختيار» و«فجر الإسلام» و«الأرض» و«أبى فوق الشجرة» و«حكايتى مع الزمان» (لاحظوا عبقرية التنوع فى الأسلوب الموسيقى والمضمون فى هذه الأعمال واستنباط أفكار لحنية مستوحاة من موروثاتنا الشعبية والفولكلور المصرى)، وهنا مرحت موهبة «رانيا يحيى» أستاذة فلسفة الفن فى شرح جمالياتها على المستوى الفنى الأكاديمى لتقدم مرجعية للدارسين والباحثين عن شفرة عبقرية «على إسماعيل» الملقب بـ«بيتهوفن الشرق» والذى قال عنه الكاتب إحسان عبد القدوس بعد رحيله: إنها الوفاة الثانية لسيد درويش باعتباره أروع امتداد (أمس واليوم وغدا).