الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«روزا» عَبَقُ المَقَامِ والتاريخ

«روزا» عَبَقُ المَقَامِ والتاريخ

هذا الضوءُ العربيُّ الذى يُحاصرُ أرواحَنا، تلك العقيدة الراسخة بأنَّنا إخوةٌ وأشقاءُ، مقوّماتنا واحدة، نشترك فيها، هى، الدين، اللغة والهوّية. 



صوتُنا الآتى من أعماقِ التاريخ، ممتد  فينا عبر أجيال وأجيال... مازالتْ جذورُها خضراءَ!

هُنا التاريخ..

هُنا التجّليات المنتفضة للقولِ المُحبّ، والتاريخ والحضارة، لعَبَقِ كلِّ مَنْ أثْروا حياتَنا أدبيًا وفكريًا، معرفيًا وثقافيًا.. هُنا وثبةُ الرُّوحِ والانعتاق..

هُنا تاريخٌ كاملٌ من المجدِ وِرفعةِ الكلمة! 

هُنا دُرَّةُ الصحافة. 

هُنا مسئوليةٌ حقّة، حملتْها امرأةٌ عظيمة، ثم استمرتْ مع أجيال وأجيال..

هُنا «روز اليوسف» المجلة والحكاية، 

هُنا العَبَق والعظمة!

«روز اليوسف»، المجلة العريقة التى جُبِلنا على نُطقِها فى مصر والوطن العربى بـ«روزا»، إيجازًا جميلا ودلالاً! هى رائدةُ المجلات العربية فى الأدب والفن والثقافة والسياسة، وقد أنشأتْها السيدة المُلهمة «فاطمة اليوسف» فى 25 أكتوبر 1925، السيدة التى أسمتْها الصحافةُ المصرية «نون القوة»!

لن أضيفَ كثيرا، إلى مسيرةٍ عربيةٍ مُضئية، إذا قلتُ إنَّ السيدة «فاطمة اليوسف» رائدة الصحافة فى مصر، والمناضلة النسوّية التى نهضت بحقوق المرأة ونادت بها، هى والدة الأديب الكبير «إحسان عبد القدوس»، هى المُلهمة للكُتَّاب والصحفيين فى مصر والوطن العربى.

هى سيدةٌ سابقةٌ لعصرها، هى سيدةٌ استثنائيةٌ بكلِّ المقاييس، هي سيدةٌ عربية من القرن العشرين، امرأةٌ من نورٍ وضوء!

هى المبدعة، الفنانة، والكاتبة الصحفية، هى مُلهمتُنا جميعا، وستبقى!

والمجلة المصرية الأسبوعية الأشهر التى تصدرها مؤسسة «روز اليوسف»، وما زالت تصدر حتى الآن، مازالتْ واقفةً بشموخٍ، على قمةِ المنافسة الصحفية المصرية والعربية، إذ يُعرف عن المجلة، أنّها حملتْ منذ صدورها، لواءَ التنوير فى مصر والوطن العربى. وقد تتلمذنا على كتابات وأفكار كُتّابها وصحفييها، ومازلنا نتابعها بشغفِ المحبّة وعطرِ العروبة! 

توالى على رئاسةِ تحريرِها، قاماتٌ فى الصحافة، إلى أن وصلت إلى جيلِ ذهبيّ آخر، ومع أحدِ أبناء هذا الجيل النبلاء، خير خلف لخيرِ سلف، وهو الأستاذ «أحمد الطاهري» وهجٌّ إنسانيٌّ وإبداعيٌّ استثانيٌّ، أيضًا.

والحقيقة أقول، إنَّه عندما استضافنّى الكاتبُ القدير والإعلامى البارز الأستاذ «أحمد الطاهري»، رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» الغرّاء، من أجلِ الكتابة فيها، أعترف بأنَّها اعترتنّى مشاعرُ شتّى، تمتزج بين الفخر الشديد والخوف الأشدّ!! فخرٌ لأنْ تنتمى إلى هذه المؤسسة العريقة الرائدة وهذا الصرح الإعلامى الرائد العظيم، هو شرفٌ لأنّكَ تخطُّ حروفَك على منبرِها، وهو المنبر الذى يحلم به كلُّ كاتب فى العالَم العربى، والخوف من المسئولية التى أُلقيت على عاتقى ككاتبة عربية، ممّا يجعلنّى أدعو وأتمنى أن أكونَ عند حُسن ظنكم بى. 

وسيكون  مقالى معكم؛ فسحةً للذكرى وللحكاية؛ نلتقى كلَّ أسبوع -بإذن الله- لنحكى عن مِصْرَ المكان، أمّ الدنيا وقلبها..وعن الذكريات الراسخة.. حكايات الإنسان الطيب والمكان، حيث يَغمُرنا عطرُ الأحبابِ و«نوستالجيا» المكان، والشخصيات  الأيقونات فى الفنون والثقافة، والإبداع والجمال.

لقد كتبَ فى هذه المؤسسة، كُتّابٌ أَجّلاءُ وأسماءُ وازنةٌ كبيرةٌ من مبدعين وكُتّاب صحفيين، من أعلامِ ورموزِ الأدبِ والصحافة والفكر والثقافة فى مصر منذ تأسيس المجلة، فى القرن الماضى،حتى الآن. 

محمودٌ وجميلٌ أن ترى حُلمَكَ يتحقق، والأجمل أن يكون على هذا المنبر، الذى أنشأتْه ملهمتُنا دائمآ، السيدة «روزاليوسف» -رحمها اللهُ-؛ شرفٌ أن أكونَ بينكم ومعكم -أحبائي- ؛ علنّى أكونُ ضيفةً خفيفة عليكم، ثم علنّا أيضا، بهذا، نُجسّد الوحدةَ العربية على الواقع، حيث تجسيد العروبة هنا: مجلة أنشأتْها صحفية من جذورٍ لبنانية، على أرضِ الكنانة، وتديرها قممٌ مصرية وتكتب فيها أقلامٌ عربية!

أليسَ هذا وجهًا للوحدةِ العربية التى ننشدُها ومعنًى من معانى العروبة؟!

حقا نُجسّد عروبتَنا من خلال الفكر والثقافة والمعرفة والكتابة، فى قلبِ الدنيا حيث مصر الحبيبة، قلب العروبة النابض؛ ونحن بالفعل إخوةٌ؛

فعن النعمان بن بشير -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحُمى».

شكرًا يا مصرُ يا قلبُ العروبةِ، بل قلبُ الدنيا؛ وصَدَقَ الكاتبُ المصرى والعالمى الكبير أستاذنا «نجيب محفوظ»، حين قال:

«مصرُ ليستْ دولةً تاريخية، مصرُ جاءتْ أوّلاً ثم جاء التاريخُ».

كاتبة وشاعرة وموظفة سابقة بسفارة الجزائر بالقاهرة