الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. مصر تنحاز للقيم الإنسانية بدمجها لأطفال الإرهابيين «يقين» تستحق فرصة للحياة

حقك.. مصر تنحاز للقيم الإنسانية بدمجها لأطفال الإرهابيين «يقين» تستحق فرصة للحياة

حازت قصة الطفلة «يقين» ابنة أحد الإرهابيين فى سيناء، وتكفلت بها الدولة وعالجتها بعدما استخدمها أبوها كدرع بشرية، على تعاطف الحاضرين فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر، وأثارت مقارنات مستحقة بين تصرف الحكومة المصرية مع أسَر الإرهابيين والتى وفّرت لهم الحماية والأمان وفرصة أخرى للحياة الكريمة وإعادة الدمج المجتمعى وبين معاملة حكومات غربية تتحدث عن حقوق الإنسان بينما ترفض استقبال أبنائها العائدين من الإرهاب وتسقط عنهم الجنسية.



التعامُل الراقى الذى قامت به القوات المسلحة عقب عثورها على الطفلة «يقين» ملقاةً فى صحراء سيناء بين الموت والحياة ثم التكفل بعلاجها وإدماجها فى المجتمع بعد ذلك؛ يؤكد على التزام مصر بالمبادئ الإنسانية رفيعة المستوى وكذلك تشريعات القانون الدولى الإنسانى فى حربها على الإرهاب وأن ما تروجه بعض المنظمات المُسَيّسة فى الخارج ضد مصر فى ملف حقوق الإنسان مجرد افتراءات لا تخدم سوى جماعات العنف ومَن يحركها. 

والمقارنة واجبة ومحسومة لصالح جهد الدولة المصرية فى إدماج «يقين» وغيرها فى المجتمع مرّة أخرى، وبين ما قامت به الحكومة البريطانية تجاه البريطانية «شميمة بيغوم»، أو «عروس داعش» التى قررت الهروب والعودة لبريطانيا لتجد حكومة بلادها قد أسقطت عنها الجنسية ورفضت تمامًا عودتها بعد هروبها من جحيم «داعش» فى تصرف انتقدته كل منظمات حقوق الإنسان الدولية.

والمقارنة واجبة أيضًا لأن بريطانيا من الدول الغربية التى تتحدث كثيرًا عن حقوق الإنسان ولكنها ضاقت بحق فتاة بريطانية أن تعود مرّة أخرى إلى حياتها، ولم تلتفت إلى توسلات «عروس داعش» لحكومتها من أجل إنقاذها وجُرّدت من الجنسية البريطانية عام 2019 لأسباب أمنية.

ورُغْمَ أنها دافعت عن نفسها إزاء الاتهامات التى قد تواجهها فى المحكمة، وإنها تعرضت لـ«غسيل دماغ» من طرف تنظيم «داعش»؛ فإن كل ذلك لم يَلْقَ أى آذان صاغية فى بريطانيا وكثير من الدول الغربية وموقفها المتشدد تجاه عودة هؤلاء أو الاهتمام بأسَرهم وأطفالهم الذين لم ينجرفوا للإرهاب.

وهو موقف يتناقض مع القوانين والقواعد الدولية الأممية ودعوتها إلى إعادة إدماجهم ومنحهم فرصة للحياة.

ما قدمته مصرُ للطفلة «يقين» إشارة بالغة الدلالة على التزام القاهرة بالقانون الدولى والقانون الدولى لحقوق الإنسانى وتطبيق عملى لنص المادة 39 من اتفاقية حقوق الطفل التى تطالب الدول باتخاذ كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدنى والنفسى وإعادة الاندماج الاجتماعى للطفل الذى يقع ضحية أى شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة، أو التعذيب أو أى شكل آخر من أشكال المعامَلة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المُهينة، أو المنازعات المسلحة. ويجرى هذا التأهيل وإعادة الاندماج هذه فى بيئة تعزز صحة الطفل، واحترامه لذاته.

والمادة 7 وفقًا للبروتوكول الاختيارى لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال فى المنازعات المسلحة، التى تنص على إعادة التأهيل وإعادة الإدماج الاجتماعى للأشخاص الذين يقعون ضحايا للأعمال الإرهابية، وكذلك مبادئ مدريد التى تحدثت عن أهمية بـرامج إعـادة التأهيـل.

وربما كان للمجتمع المدنى المصرى إسهام مهم فى ذلك المجال عبر مؤسَّسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان والمنتج الحقوقى رفيع المستوى الذى يقوم بإعداده أيمن عقيل الخبير الحقوقى ورئيس المؤسَّسة والذى أصدر عددًا من التقارير المتخصصة فى إعادة إدماج اطفال الإرهابيين.

«عقيل» تحدّث عن أن أطفال الإرهابيين يواجهون رفضًا مضاعفًا فى مجتمعاتهم؛ فغالبًا ما يكونون موصومين من قبَل مجتمعاتهم المحلية، ويواجهون تحديات قانونية ولوچستية وسياسية هائلة فى الحصول على الخدمات الأساسية بسبب أوضاعهم القانونية، لكن مصر أثبتت من خلال تجربة الطفلة «يقين» أن القانون الدولى والاتفاقيات الدولية قابلة للتحقق بالفعل طالما توافرت إرادة سياسية حقيقية.

وأشار إلى أن مصر لم تختَر الزّج بهذه الفتاة إلى نظام العدالة من خلال سجون الأطفال المعروفة بـ«الأحداث»؛ لكنها اختارت الطريق الأطول والأصعب وهو الإدماج.

وبحسب ما انتهت له لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة فى مدريد فى الاجتماع الاستثنائى بشأن وقف تدفق المقاتلين الأجانب، من توصيات، دعت اللجنة الدول الأعضاء إلى دعم جهود المجتمـع المـدنى وتقـديم الـدعم إلى الأسـَر الـتى تمـر بأزمات، وإيجاد الفرص التى تتيح للضحايا المسـاهمة فى مكافحـة التطـرف المصـحوب بـالعنف، والسعى إلى إسناد دور أبرز للقيادات الدينية، ورصـد شـبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتمـاعى مـع احتـرام حقـوق الإنسـان وسـيادة القـانون، ووضـع برامج تعليمية لتعزيز التفكير النقدى وتفهم الثقافات الأخرى.

والحقيقة؛ أن الدولة المصرية تعاملت مع «يقين» واتخذت خطوات شجاعة فى ملف شائك؛ فقد تعاملت بإنسانية شديدة مع طفلة لا ذنب لها سوى أن والدها قرّر السَّيرَ فى طريق الشيطان، ووضعتها على طريق الطفولة الطبيعية بعيدًا عن الحياة القاسية مع ذلك الأب القاتل، لم تتعامل مصرُ مع أبناء الإرهابيين على أنهم إرهابيون، وقامت بالفصل بين تصرفات الأب وبين أسرته وأبنائهم، فهم لا ذنب لهم ومن حقهم حياة مختلفة وفرصة أخرى فى الحياة بكرامة بعيدًا عن عار الأب وأنها لن تترك أولاده لأنها اعتبرتهم أبناء مصر فى مشهد إنسانى مصرى بامتياز.

وبنفس الإنسانية المستمدة من قرار رئاسى شجاع اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى تتعامل الدولة مع المُفرَج عنهم بموجب قرارات العفو الرئاسى والعمل على إعادة إدماج المفرَج عنهم، والعمل على عودتهم إلى عملهم أو توفير فرص عمل، بالتنسيق بين لجنة العفو الرئاسى والجهات المَعنية بالدولة، وكذلك حل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بمنع السفر أو التحفظ على الأموال.

هذه التحركات تؤكد أن الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان هى توجُّه دولة مبنىّ على إيمان بالإنسان المصرى وأنه يستحق الحياة الكريمة فى الجمهورية الجديدة وأنها جمهورية الجميع.