الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أحلف بسماها .. المناخ وحرب المياه فى المنطقة العربية

أحلف بسماها .. المناخ وحرب المياه فى المنطقة العربية

إذا كان نقصُ الغذاء من أهم تداعيات تغيُّر المناخ؛ فإن أزمة نقص المياه لا تقل أهمية عن أزمة الغذاء، فمنذ عقود ونحن نقرأ آراء المحللين والخبراء وتحذيراتهم بأن الحرب المقبلة هى حرب المياه؛  خصوصًا فى المناطق الصحراوية التى تتميز بها المنطقة العربية سواء دول الخليج أو شمال إفريقيا باستثناء مصر ولبنان وسوريا والعراق والأردن التى يمر بها عددٌ من الأنهار، لكن أصاب معظمها التدهور الشديد نتيجة المناخ والصراع السياسى والعسكرى لنَيْل حق الدول العربية فى المياه العذبة.



أتذكر ما كتبه الدكتور مصطفى محمود منذ سنوات عن حرب المياه فى الشرق الأوسط وما تنبأ به عن استغلال إسرائيل لمياه نهرى الأردن والليطانى وسلبها حق الفلسطينيين فى المياه واستخدامها فى مناطق المستوطنات.. وتحكُّم تركيا فى نهرى دجلة والفرات، وتنبأ أيضًا بالتدخل العدوانى لإثيوبيا بحجز مياه نهر النيل لبناء عدد من السدود.

وهذا ما حدث بالفعل، قامت إسرائيل بسرقة مياه العرب؛ حيث يجرى فى الأراضى الواقعة تحت سيطرة إسرائيل أربعة أنهار تشترك فى ثلاثة منها، وهى أنهار «الأردن واليرموك واليركون»، بينما تسيطر بالكامل على نهر ميسون، وقد بدأت المياه فى تلك الأنهار فى التناقص نتيجة موجات الجفاف، وهى من أبرز آثار التغيرات المناخية.

نهر دجلة الذى كان يتميز بغزارته تدنى منسوب المياه به بشكل موجع حتى تحولت عدة أجزاء به إلى مساحات منحسرة يستطيع أى شخص السير فوقها بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.. أيضًا انخفض منسوب نهر الفرات بمعدل خمسة أمتار لأول مرّة فى التاريخ بسبب حجز تركيا لمياه النهر لبناء الخزانات والسدود لأنها دولة المنبع لنهرى دجلة والفرات اللذين أصبحا وسيلة تحكُّم وضغط سياسى على سوريا والعراق، إضافة إلى العوامل المناخية التى أثرت فى طبيعة النهرين ليزداد الصراع المائى بين الدول.. ثم نهر النيل الذى تحاول إثيوبيا التحكم فى مياهه ببناء سد النهضة الذى من الممكن أن يؤثر فى حصة مصر والسودان والذى خلف صراعًا سياسيًا وتتم الآن محاولات احتواء الأزمة.

المناخ وحرب المياه فرض واقع ومستقبل مخيف عن حق العرب فى مجارى الأنهار المارة لديهم وإلى أن يتم تنفيذ الخطط والاستراتيچيات للتكيف وتخفيف آثار المناخ والمحاولات الدبلوماسية لتهدئة الصراع حول المياه؛ فإننا فى مصر بالتحديد وبسبب الزيادة السكانية لا بُدَّ أن توضع إجراءات فعالة وجادة لوقف هدر المياه سواء بسبب شبكات المياه المتهالكة والسباكة الرديئة التى تتسبب فى فقد 60 ٪ من المياه.. وفى الإجمالى يهدر 80 ٪ من مياه الشرب فى رى الحدائق وملء حمَّامات السباحة فى مشروعات الإسكان الفاخرة وغسيل السيارات فى الشوارع إضافة إلى ضياع كميات كبيرة من مياه الزراعة نتيجة الرى بالغَمْر، أشكال كثير من مَظاهر الهَدر يمكن أن نتباكى عليها مستقبلاً.