السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. عندما قالت صباح لعبدالناصر «من سحر عيونك ياه»؟

كلمة و 1 / 2.. عندما قالت صباح لعبدالناصر «من سحر عيونك ياه»؟

تردد أن الدولة انزعجت فى عهد أنور السادات من أغنية أحمد عدوية «زحمة يا دنيا زحمة» بسبب مقطع «مولد وصاحبه غايب» اعتبرته الأجهزة يمثل تعريضًا بها، هذا هو ما أكده ملحن الأغنية الموسيقار هانى شنودة فى أكثر من لقاء، غضبت الدولة قبلها فى زمن جمال عبدالناصر من نداء «زواج عتريس من فؤادة باطل» فى فيلم «شيء من الخوف» قصة ثروت أباظة، الذى تم تفسيره أنه ينفى عن ثورة يوليو شرعيتها، ولولا أن عبدالناصر وافق على عرض الفيلم ما كان من الممكن أن يرى هذا الشريط النور، أتصور أن هاتين الحكايتين وغيرهما تقعان تحت طائلة قانون القراءة الفنية المتعسفة.



الشاعر الراحل حسن أبوعتمان مؤلف زحمة قال إنه كتب «زحمة» وهو فى الحجز بأحد أقسام الشرطة للاشتباه، وكان معه أحد الأصدقاء، وقبل أن يعرضا على المأمور لإخلاء سبيلهما كان هناك زحام شديد، وصديقه يبحث عنه مرددًا «زحمة يا دنيا زحمة» والتقطها أبوعتمان وأكملها، إلا أنه لم يعن بها سوى فقط الزحام، الذى حال بينه والتواصل مع صديقه.

 أما «شيء من الخوف» فإن السؤال الذى علينا التفكير فيه بصوت مسموع، هل من الممكن أن يجرؤ كاتب على مهاجمة عبدالناصر فى ظل ما أطلقوا عليه «زوار الفجر»؟ أكثر من ذلك فإن الفيلم إنتاج «مؤسسة السينما» أى أنها الدولة، التى تسند إلى متخصصين قراءة النصوص قبل الموافقة على تصويرها، فهل من الممكن أن تتحمس الدولة لفيلم يهاجم شرعية الدولة وثورة 23 يوليو وجمال عبدالناصر.

أرى أننا فى أحيان كثيرة نُسقط أفكارًا ليس لها علاقة بالعمل الفنى لأنها ترضينا نفسيًا، فتحدث نوعًا من التوازن. كثيرًا ما كانت مشاعر الناس تتعطش للحرية، فإذا تناول فيلم مثلًا الديكتاتور سارع الجمهور بالقول أنه يريد أن ينال من عبدالناصر، ومن الممكن أن تعبر المشاعر للشاطئ الآخر تمامًا أقصد من الخوف المرضى  إلى الحب المفرط، وهكذا مثلا فسروا أغنية شادية «آه يا أسمرانى اللون»، بأنها غزل فى عبدالناصر، بينما بعد القبض على مصطفى أمين بتهمة التخابر قالوا إن أم كلثوم عندما قالت فى قصيدة الأطلال «أعطنى حريتى أطلق يديا» كانت توجه نداء الى عبدالناصر لكى يفرج عن مصطفى أمين الذى ارتبط معها بصداقة وطيدة.

فى أحيان كثيرة يؤدى الخوف إلى تفسير لا يخطر ببال أحد، مثلًا أشهر أغنية فرانكو أراب «يا مصطفى يا مصطفى» التى لحنها محمد فوزى وغناها بوب عزام، ترددت لأول مرة فى فيلم «الفانوس السحرى» ورغم ذلك قالوا إن معانيها سياسية، والمقصود بمصطفى الزعيم الوفدى مصطفى باشا النحاس، الذى كان رئيسًا للوزارء قبل ثورة 52، وأنها تحض على إسقاط الثورة، رغم أن الفيلم كوميدى ودور مصطفى يؤديه إسماعيل يس، وأنقذ الموقف نجيب محفوظ الذى كان يشغل فى تلك السنوات -عام 59 - موقع الرقيب، ولولا ذلك لكانت هذه الأغنية فى خبر كان.

عندما تقول شريفة فاضل أنها غنت للسادات «أسمر ياسمارة يا أبودم خفيف» يجب أن نضعها فى باب الطرائف، وعندما تقول صباح فى مسلسل «الشحرورة» الذى عرض قبل نحو عشر سنوات أنها كانت تقصد توجيه رسالة غرام الى عبدالناصر فى أغنية «من سحر عيونك ياه» نضعها بالبنط العريض تحت عنوان «أشياء لا يصدقها عقل»!!.