الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
على عبدالخالق وأغنية على الممر

على عبدالخالق وأغنية على الممر

حينما كانت السماء كابية ملبدة بالغيوم، وشبح الهزيمة (67) المُرّة لا يزال جاثمًا على الصدور، ومَرّ عام الحسم بسحابته المضللة.. واليأس والقنوط وقد سيطر على ملامح الوجود وكاد يعصف برجاء العبور واستعادة الأرض.. وبينما كانت السينما المصرية مفصولة عن الواقع المعاش وتسيطر عليها أفلام التسلية التافهة والهزل الرخيص والميلودراما الفاجعة.. انبثقت جماعة السينما الجديدة الشابة.. ترفع شعار سينما مصرية معاصرة.. تعالج قضايا سياسية وفكرية واجتماعية بلغة سينمائية جديدة يصبح فيها المخرج صاحب رؤية تعبر عن حركة المجتمع المصرى وتشتبك مع مشاكله ومعاناة شخصياته بصدق بعيدًا عن تزييف الواقع وسعيًا نحو التأثير فى وعى وذائقة المتلقى.. وعدم سيطرة النزعة التجارية وسيطرة النجوم على الأفلام والسعى لتغيير نمط الإنتاج والتوزيع السارى. ضمت الجماعة فى ذلك الوقت مخرجين شبانًا، وهم «محمد راضى» (المنسوب له تأسيس الجماعة) والمخرج المبدع على عبدالخالق.. ورأفت الميهى وداوود عبدالسيد وأشرف فهمى.. والمصورين «محمود عبدالسميع» و«سعيد الشيمى».. والنقاد «سامى السلامونى» و«سمير فريد» و«أمير العمرى».. وأنتجت الجماعة أول أفلامها (أغنية على الممر) عن مسرحية لـ«على سالم» وسيناريو وحوار «مصطفى محرم» وإخراج «على عبدالخالق».. وكان وقتها شابًا طموحًا تخرَّج فى المعهد العالى للسينما فى دفعته الثانية (1966) حتى أصبح الآن درة من درر الإخراج السينمائى واحتل المركز رقم (66) فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية.



يكشف الفيلم من خلال شخصياته عن بطولات منسية تشمل صمود الجندى المصرى وصلابته رغم ما يحدث من هزيمة.. وتتجلى هذه البطولات ممزوجة بأبعاد تلك الشخصيات الاجتماعية والنفسية والإنسانية فى سرد بديع يتراوح ما بين اللحظات الحاضرة وبين العودة إلى الماضى فى فلاشات باك تصور أحلامهم ومعاناتهم وطموحاتهم ونجاحاتهم وفشلهم وسعيهم نحو التحقق ومعانقة الآمال.. وإحساسهم بالإحباط والعجز عند الفشل.. والفخر والسعادة عند النجاح.. وهم شخصيات بسيطة الحال.. مختلفة الأنماط والبيئات والسلوكيات والنوازع النفسية.

حقق على عبدالخالق فى فيلمه الأول نجاحًا لافتًا يعكس موهبته البازغة فى السيطرة الكاملة على أدواته الفنية وقدرته الفائقة على التعبير المكانى والزمانى للأحداث بصدق وبراعة؛ حيث المكان الواحد المحدود المساحة فى بقعة صغيرة فى الصحراء.. والانتقال البليغ بين الماضى والحاضر والمفارقة الواضحة بين عالم الأحلام المشروعة والإحباطات المجهضة للآمال المرتقبة من خلال لقطات معبرة ومؤثرة.

«على عبدالخالق» مخرج عظيم القيمة والأهمية فى ذاكرة السينما المصرية ندعو الله– فى محنته المرضية- أن يمد له يده لتشمله برعايته ويسبغ عليه شفاء عاجلًا.