السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2..  الجسمى يغنى «قلة حبيبى ملانة عطشانة يا نا»

كلمة و 1 / 2.. الجسمى يغنى «قلة حبيبى ملانة عطشانة يا نا»

وصلتنى رسالة غاضبة من قارئ له عتاب عمره ثلاثة أعوام لحسين الجسمى؛ لأنه يغنى «أمّا براوة براوة»- وهى واحدة من أشهَر أغنيات نجاة كتبها فى السبعينيات الشاعر مرسى جميل عزيز ولحنها محمد الموجى لكى تغنيها امرأة- تسأل كيف يجرؤ الجسمى؟، وتناسوا مثلاً أن محمد منير قبله غنّى «حارة السقايين» التى رددتها قبل خمسين عامًا شريفة فاضل، ثم أعادتها نانسى عجرم، بينما الكلمات تُعَبر عن مشاعر امرأة تحذر رجلاً يحاول مغازلتها وتقول له «ليك ماضى كله سوابق / فى الحب مالكش أمان / وأنا عايزة حب حنين / مش حب يودّى ليمان »، تَعَوّد الجمهور على التسامُح، مع هذا النوع من الغناء، والفيصل فى النهاية هو القدرة على الغناء، محمد منير كثيرًا ما فعلها، وعندما تعجبه أغنية من التراث لا يسأل هل يجوز أن يرددها أمْ لا، هو فقط يُعايش اللحن ثم يسجله ويترك الحُكم النهائى للناس؟.



لديكم قصيدة الشاعر الكبير كامل الشناوى «لا تكذبى»، فى البداية لحنها محمد عبدالوهاب لتغنيها نجاة، وبَعد التسجيل قال عبدالحليم لأستاذه عبدالوهاب: «أنا الأحق من نجاة»، الكلمات يجب أن ينطقها رجُل، ورُغْمَ ذلك فإن القصيدة وبَعد مرور قرابة 60 عامًا لا تزال لصيقة بصوت نجاة أكثر من عبدالحليم، وهناك مَن يعتقد أن الشناوى كتبها عن واقعة حقيقية مَرّ هو شخصيًا بها، وأن بطلة القصة هى نجاة، مع الزمن اتضح أن كل هذه القراءات المتعسفة لا تمت للحقيقة بصِلة قُربَى أو نَسَب.

من المفارقات قصيدة «أيَظن» لنجاة أيضًا، التى غناها على العود ملحنها محمد عبدالوهاب، بينما صوت الجبل كما يطلقون عليه وديع الصافى فى إحدى الحفلات- وكنت شاهدًا على تلك الواقعة- قرّر أن يقدمها لجمهوره، وجاء عند المَقطع الشهير «حتى فساتينى التى أهملتها» وخجل أن يقول على المَلأ «فساتينى» فأحالها إلى «سراويلى» فضجت القاعة بالضّحك.

 هناك بعض مشاعر قطعًا يجب أن ينطق بها رجُل وأخرى لا ترددها سوى امرأة، إلا أن الأمْرَ لا ينبغى أن يصل بنا إلى فرض قيود صارمة، كُثرٌ من الكُتّاب والأدباء والشعراء من الممكن أن يتقمصوا ويُعَبروا بصدق عن أحاسيس المرأة أكثر من المرأة، مثل نزار قبانى فى الشعر وإحسان عبدالقدوس فى الرواية ومحمد خان فى السينما، سألوا مَرّة عبدالحليم حافظ عن الأغنية التى تمنّى أن يرددها فاختار أيضًا أغنية نسائية «غريبة منسية».

طوال التاريخ لو راجعت كلمات أغلب أغانينا ستكتشف أننا نقول «حبيبى» بينما نقصد «حبيبتى»، لديكم مثلاً المطرب الشعبى عبدالغنى السيد له أغنية شعبية تنافست عليها كل راقصات مصر، بداية من تحية كاريوكا وهى «ياولة ياولة» الكلمات التى كتبها أبوالسعود الإبيارى تتغزل فى جسد المرأة، وعلى طريقة أولاد البلد يُشَبّه- مثلاً- خدودها بالتفاح، وقَدَّها بالياسمين، وغيرهما، ورُغْمَ ذلك يناجيها قائلاً «ياولة » يقصد «يا ولد».

الناس تعايشت ببساطة مع التشبيه، ولم يشعروا بأى غضاضة، بأن يقول لامرأة «يا ولة»، وهو ما تكرّر أيضًا «الجسمى»، لم يستوقفهم فى كثير أو قليل وهو يغنى «قلة حبيبى ملانا عطشانة يانا / أروح له ولاّ أروح أشرب حدانا»، طبعًا فى ذاك الزمن لم يعرف الناس «كورونا»، وكان من الممكن ببساطة أن يشرب الحبيب والحبيبة من نفس «القلة» بل ونفس «الكوز»!!