الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. البيضة والفرخة

ع المصطبة.. البيضة والفرخة

لا ينكر أحد أن زيادة أسعار البيض فى الآونة الأخيرة من شأنها زيادة الأعباء على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل، نظراً لكون البيض أحد مصادر البروتين الرئيسية على المائدة المصرية.



لكن، هل هذا الارتفاع فى السعر بلا مبرر؟ وهل هناك حلول لهذه المشكلة؟

الإجابة عن هذين التساؤلين يشبه فزورة «البيضة والفرخة.. من جاء أولاً»، ففى الوقت الذى تنتج فيه مصر نحو 14 مليار بيضة سنوياً، الأمر الذى يوفر اكتفاءً ذاتياً، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن منتجى البيض يمرون حالياً بأزمة، ووفقاً لأحد كبار منتجى البيض، فإنهم يعانون خلال الشهور الماضية من خسائر، قد يتحملها كبار المنتجين إلا أنها تعصف بالصغار منهم.

تعانى صناعة الدواجن بشكل عام فى مصر من التقلبات والأزمات الاقتصادية العالمية، حيث تمثل الأعلاف نحو 80 فى المائة من كلفة الإنتاج، فما لا يعلمه كثيرون، أن معظم هذه الأعلاف مستوردة من الخارج، وحتى مصانع الأعلاف المحلية نفسها تعتمد على الذرة الصفراء وفول الصويا المستوردة، ومع تفاقم أزمة إمدادات الغذاء عالمياً ارتفعت أسعار هذه الأعلاف مما زاد من كلفة الإنتاج، ومن ثم فإن المستهلك هو من يدفع فاتورة هذا الغلاء باعتباره الحلقة الأضعف فى هذه الدائرة.

لكن كيف يكون الحل؟

هناك طريقان متوازيان يمكن أن يخلقا حلاً يجعل من أسعار البيض والدواجن فى حالة استقرار، الأول يتمثل فى تشجيع زراعة الذرة الصفراء باعتبارها المكون الأساسى للعلف، وهو أمر ليس سهلاً لكونه قد يؤثر على المساحات المزروعة بمنتجات زراعية أخرى، إلا أنه ليس مستحيلاً، ويحتاج إلى استراتيجية وطنية واضحة لتوطين زراعة الذرة الصفراء، لأن ترك الوضع على ما هو عليه ينذر بعواقب وخيمة، ليس فقط فى أسعار البيض، بل الدواجن نفسها.

وطالما ظلت صناعة الدواجن فى مصر معتمدة على استيراد الأعلاف فإنها ستظل رهينة التقلبات العالمية، بالإضافة إلى أن الأعلاف المستوردة ليست بالضرورة «درجة أولى»، بل تكون من درجات أقل من حيث نسبة البروتين وغيرها من مكونات العلف المطلوبة، فى حين أن توطين زراعة الأعلاف فى مصر سيضمن أعلافاً بجودة أعلى وسعر أقل.

كما سبق أن ذكرنا، فإن الأعلاف تمثل 80 % من كلفة الإنتاج، لذلك فإن اعتماد العنابر المغلقة وفقاً للمعايير القياسية، (وهذه قضية أخرى تحتاج للحديث عنها فى مقال قادم)، سوف يوفر كثيراً فى معدلات استهلاك الأعلاف، ويقاس هذا الوفر من خلال ما يعرف بمعدلات التحويل، أى كم يستهلك الطائر لتكوين كيلو من اللحم، ففى العنابر المفتوحة وشبه المغلقة يتجاوز فيها معدل التحويل 1.7 كيلو من الأعلاف للحصول على كيلو جرام من اللحم، فى حين يصبح هذا المعدل 1.2 كيلو فى العنابر المغلقة، أى أنه يتم توفير كيلوجرام من العلف عند تربية طائر بوزن 2 كيلوجرام، وهذا يعنى توفير طن كامل من الأعلاف عند تربية ألف طائر، وهى كمية هدر كبيرة تزداد فى العنابر العشوائية يدفع ثمنها المستهلك.

ووفقاً لمركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، فإن اجمالى إنتاج القطاع التجارى من الدواجن فى مصر 1.4 مليار طائر، بينما ينتج القطاع الريفى حوالى 320 مليون دجاجة، هذه الأرقام الرسمية تعنى أن إجمالى الإنتاج مليار و720 مليون دجاجة سنوياً، وفى حال تطبيق نظام العنابر المغلقة القياسية، فإن حجم التوفير فى الأعلاف سيبلغ مليوناً و720 ألف طن سنوياً، بما يعادل 17 مليارًا و200 مليون جنيه مهدرة حالياً، فى حال احتساب متوسط طن الأعلاف 10 آلاف جنيه.

الخلاصة، لا البيضة أو الفرخة هما السبب فيما نعانيه من ارتفاع فى الأسعار، ولكن كلمة سر حل اللغز تكمن فى توطين زراعة وصناعة الأعلاف وتعميم نماذج العنابر المغلقة ذات الأبعاد القياسية.