الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. جدل حقوقى واجتماعى دولى لحماية الأطفال  من الترويج للشذوذ الجنسى مقاطعة ديزنى .. هى الحل

حقك.. جدل حقوقى واجتماعى دولى لحماية الأطفال من الترويج للشذوذ الجنسى مقاطعة ديزنى .. هى الحل

تحكمت والت ديزنى لسنوات طويلة فى تشكيل الوعى الجمعى لأطفال العالم عبر مئات الشخصيات الكرتونية المحبوبة والتى شكلت عالمًا سحريًا ينطلق من القصص الأسطورية والخيالية، القائمة على العلاقات السوية وانتصار الخير على الشر، وفتحت البيوت من الشرق إلى الغرب أبوابها لعالم ديزنى الذى حقق انتشارًا وتأثيرًا عابرًا للقارات وذاع صيت محتواها العابر للأجيال والحدود الجغرافية.



 

والتزمت ديزنى بأن تقدم موضوعات لا تحمل أى أجندات سياسية أو دينية أو عرقية لتبتعد بأعمالها الموجهة للأطفال عن مناطق التجاذبات والجدل الإنسانى ومحافظة على استقلالية أعمالها لأنها تتناسب مع أفكار الجميع، وهو ما جعلها تحافظ على مكاسبها وتستمر فى حصد النجاح على الرغم من وفاة مؤسسها وتغير شكل إدارتها.

تخلت ديزنى عن حذرها خلال العام الحالى وبدأت فى الاستجابة لضغوط لوبيهات الشواذ والمتحولين جنسيًا فى الولايات المتحدة، وبدأت فى تحويل شكل أبطالها الطبيعى إلى أبطال ينتمون لذلك التيار وأقحمت فى أعمالها سواء الكارتونية أو السينمائية مشاهد جنسية للشواذ بشكل فج، ورفضت كل محاولات التحذير القادمة من داخل المجتمع الأمريكى وخارجه والتى وصلت إلى حد منع عرض أفلامها ذات الإيرادات الملياراتية حول العالم وما ترتب عليه من خسارتها لأسواقها فى الصين وروسيا والدول العربية والإسلامية حول العالم.

إلا أن المفاجأة أن أسواقها داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بدأت تتأثر بعدما بدأت الأسر الأمريكية العادية تخشى من تأثير تلك المواد على أطفالهم، وأن اطلاع الأطفال على مثل تلك المشاهد فى سن صغيرة قد يؤثر على نشأتهم بشكل لا يقبله الآباء.

أكثر من إعلامى أمريكى، بالإضافة إلى الكنائس بدأت فى التحذير من الهجمة الشرسة التى يقوم بها لوبى الشواذ جنسيًا والدعم السياسى الذى يحصل عليه من الإدارة الديمقراطية فى البيت الأبيض ومحاولتها لفرض تلك الثقافة عبر ربطها بالتحرك من أجل حقوق الإنسان، والحقيقة أن شمولية حقوق الإنسان تقبل الجميع وتدعو للمساواة، لكنها لا تفرض أفكارًا بعينها على من يرفضها، لأن فرض الأفكار نوع من أنواع القمع الذى لا يتسق مع مبدأ حرية الرأى والتعبير، كما أن حرية الاعتقاد تعطى الحق للمتدينين لرفض تلك الأفكار لأنها تمس بشكل مباشر الشرائع السماوية وفيها تحذير إلهى من الشذوذ الجنسى.

رفض الشذوذ الجنسى جزء من حرية الاعتقاد بالنسبة للمتدينين، وهو ما دفع الأزهر الشريف إلى إصدار بيان عن دار الفتوى يحذر من المواد الترفيهية التى تسعى للتطبيع مع جريمة الشذوذ الجنسى غير الأخلاقية فى المجتمعات المسلمة والمتمسكة بقيم الفطرة النقية.

واعتبر الأزهر الشريف الشذوذ الجنسى جريمة مخالِفةً للفطرة الإنسانية وفاحشة منكرة تهدم منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية لمؤسسة الأسرة، وتقديمها عبر مواد ترفيهية للأطفال يؤثر على حقهم فى التربية السَّوية بين آباء وأمهات.

واعتبر الأزهر الشريف أن محاولات فرض ثقافة الشذوذ الجنسى على العالم الإسلامى بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحريات هو من قبيل التَّلاعب بالألفاظ، والتنكُّر للدِّين والفِطْرة والقيم الإنسانية، والعودةِ إلى عهود التَّسلط الفكرى فى أزمنة الاستعمارِ وفرضِ الوصاية على الشُّعوب والأمم؛ مُشدّدًا على ضرورة احترام ثقافات الدول والمجتمعات، وأهمية تمسُّك المُجتمعات الإسلامية والعربية بهُوِيَّتها، وقِيَمِها، وتعاليم دينها.

لم يختلف خطاب الأزهر عن خطاب الكنائس المسيحية فى التحذير من التطبيع مع الشذوذ الجنسى باعتباره جريمة دينية ومخالفة للطبيعة السوية للإنسان، وهو ما لا تريد بعض مؤسسات حقوق الإنسان والإدارات السياسية فى الغرب الاعتراف به. 

أصوات عديدة داخل الولايات المتحدة تتحدث بشكل علنى عن رفض أجندة عمل ديزنى، وأنها تنتهك حق الطفل والأسرة فى التنشئة السوية والتعرف على العالم بشكل لا يتلاعب بقيم مجتمعه، وأنه ليس من حق الشركات التلاعب بعقول الأطفال وفرض أفكار معينة عليهم يرفضها الآباء واعتبروا ما تقوم به ديزنى ينطوى على مخالفة لاتفاقية حقوق الطفل عام 1989، ونص المادة 17وفيها اعتراف الدول الأطراف بالوظيفة المهمة التى تؤديها وسائط الإعلام وتضمن إمكانية حصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، وبخاصة تلك التى تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية والروحية  والمعنوية وصحته الجسدية والعقلية، وبالتالى لا يجب أن يتعرض الأطفال لأى محتوى إعلامى لا يتناسب مع أعمارهم، كما أن إقحام تلك الأفكار فى المواد المخصصة لهم يؤثر على النمو العقلى للأطفال بشكل سوى بما فيها من تعارض مع أفكار مجتمعه الخاصة ومعتقداته الدينية، وهو ما قد يعرض الطفل للخطر البالغ والانفصال عن فطرته الطبيعية.

الرفض الأمريكى لمحتوى ديزنى اتضح بعدما أعلنت The Daily Wire وهى مؤسسة إعلامية مستقلة عن خطط لاستثمار 100 مليون دولار لإنشاء برامج للأطفال لمواجهة أجندة ديزنى، وجاء ذلك ردًا على معارضة ديزنى لقانون حقوق الوالدين فى التعليم فى فلوريدا والذى يقيد القانون النقاش حول التوجه الجنسى أو الهوية الجنسية فى الفصول الدراسية.

وقالت المؤسسة الأمريكية المستقلة إنها تخطط لطرح أحداث ترفيهية حية ورسوم متحركة للأطفال، كما ستنفق 100 مليون دولار أخرى على محتوى مماثل للبالغين، وقررت إطلاق خدمة بث الاشتراك فى ربيع عام 2023.

وقالت المؤسسة فى بيانها إنها كانت تعتبر ديزنى فى السابق مصدرًا موثوقًا فيه للترفيه الصحى والبرىء للأطفال، وقالت إن دعمها لحقوق الشواذ هو غسل دماغ للأطفال وتعرضهم للخطر فى كل الأحوال.

بالتأكيد الرفض الدولى لما تقوم به ديزنى لا يعبر عن موقف حكومات، بل تعبير عن رفض من الشعوب فى الغرب والشرق لما يقوم به لوبى الشواذ جنسيًا وداعموهم والذين يحاولون تصوير من يرفض أفكاروهم بأنه متخلف ورجعى ومتشدد، واحتكار خطابهم لقيم الحرية والمساواة وقبول التنوع وأنهم يعبرون عن المستقبل، بينما معارضوهم واقعون أسرى للماضى وهى مقارنة ظالمة تجسد بداخلها نوازع احتكارية للحقيقة المطلقة الرافضة للآخر الذى قرر التمسك بحقه فى احترام تعاليم الدين والفطرة الإنسانية السليمة. 

إن حماية أطفالنا من هذه الهجمة الشرسة تتطلب تعاملاً جادًا وتحركًا منظمًا ينطلق من القيم الإنسانية والدعوة لمقاطعة منتجات ديزنى حق أصيل للشعوب الرافضة لتلك القيم، وربما هى الحل للرد على أجندتها الغريبة وتأثيرها الخطير على عقول الأطفال حول العالم، وهو ما يمكن رصده فى رد الأفعال الرافضة والعقابية من المواطنين العاديين ومن مجموعات إعلامية كبيرة، وقيام العديد من المعجبين بإلغاء اشتراكاتهم فى الشركة التى كانت محبوبة فى يوم من الأيام.

خسرت ديزنى كثيرًا من تأثيرها القديم بخضوعها لأجندة الشواذ جنسيًا ونبهت كثيرًا من الدول حول العالم لخطورة تأثير الشركات الكبرى على حياة الناس بسبب إنتاجها الضخم والأعداد الهائلة من الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إليهم وقدرتها على فرض أى نمط حياة يريدون الترويج له، وهو ما يستدعى مقاومة ذلك بكل قوه للحفاظ على التنوع والتمايز بين الحضارات وتقليل مساحات الصراع من أجل الحفاظ على استقرار العالم.

إن المجتمع الدولى مُطالب بحماية الأطفال من التأثير الضار لتعرضه لتلك المواد، ومطالبة الشركات العابرة للقارات باحترام تقاليد وعادات وأفكار المجتمعات المحلية العربية والإسلامية وأن تتعامل بجديه مع رفضهم للأجندات الخاصة بها، لأن العالم لا ينتمى للفكر الغربى فقط، بل ينتمى للجميع.