الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
اللعب مسئولية اللاعب

اللعب مسئولية اللاعب

 «التمثيل مسئولية كل ممثل».. العبارة السابقة وردت على لسان مخرج أفلام مقاولات هابطة.. ومسلسلات تليفزيونية متواضعة المستوى.. وكان يقصد بها التنصل من مسئوليته الفنية فى توجيه الممثل إلى التعبير المرئى الملائم لتجسيد الشخصية الدرامية بأبعادها المختلفة تجسيداً يتسق مع البناء الدرامى ومضمون العمل الفنى وخلاصة الرسالة التى يوجهها المؤلف إلى المتلقى.. وقد أوقعنى حظى السيئ مع ذلك المخرج بالصدفة حينما ألح عليّ منتج أن يضمّنا لقاء مبدئى معه فى مكتب المنتج الهدف منه إقناعى بالتعاون معه ليخرج لى مسلسلاً كتبته ووافق المنتج على أن يقوم بإنتاجه.. وفى الاجتماع الموعود سأله عن ترشيحاته للممثلين الذين ينوى اختيارهم لتجسيد الأدوار.. انبرى بعدد أسماء نجوم ونجمات كبار فى كل الأدوار حتى الثانوى منه.. فدهش المنتج وسأله عن سبب هذه المغالاة فقال له بمزيج من السخرية والنكتة: «أنا مخرج ضعيف الشأن وأحتاج إلى مساندة النجوم.. والتمثيل فى النهاية مسئولية كل ممثل».. ثم انفجر فى ضحك صاخب.



المدهش فى الأمر أن هذه العبارة المعيبة الخاطئة صارت بفعل التكرار والإلحاح «أكلاشيه» شائعاً وشعاراً مقيتاً يتردد بشكل دائم فى الأوساط الفنية وكأنه قول مأثور لـ«أرسطو» أو «أيزنشتاين» أو كأنه خلاصة الخلاصة ودستور الفن السابع والدراما التليفزيونية.. وبشيوع هذا الشعار المغلوط انتقل ليشمل مجالات أخرى منها عالم كرة القدم فأصبح اللعب مسئولية كل لاعب فاتخذه المدرب الوطنى ذريعة لتبرير الهزيمة فى المباراة الودية الأخيرة بين فريقنا القومى وبين كوريا والتى انتهت بنتيجة فاضحة بخسارتنا بأربعة أهداف.. فقد أدلى بتصريح فى المؤتمر الصحفى الذى انعقد بعد المباراة بأنه فوجئ بمستوى اللاعبين المتدنى.. وهذا يعنى أنه كان يشاهد المباراة مثلنا.. أو بحسب تعليق ساخر سطره مواطن على صفحات التواصل الاجتماعى بقوله أن المدرب كان يتابع أحداث المباراة من استوديو التحليل.. والحقيقة أنه يطبق فى فلسفته التدريبية شعار «اللعب مسئولية اللاعب» فإذا جاء مستوى الأداء مرتفعاً فـ«خير وبركة» وإذا جاء متدنياً فـ«يابخت من بات مغلوب ومابتش غالب».. و«السعد وعد».. و«قيراط بخت ولا فدان شطارة».. والبخت يتبع أصحابه.

هذا وقد بنى خطته الجهنمية على مبدأ «خد من عبد الله واتكل على الله».. والحقيقة أنه أوضح للاعبين فى محاضرته لهم قبل المباراة أنه ليس معنى أن اللعب مسئولية اللاعب أن يبخل عليهم بالنصيحة.. وأهمها أن ينتصروا للأخلاق الحميدة.. والسلوك الرياضى المتحضر.. والروح المثالية فى التعامل مع الخصم.. والتحلى بفضيلة إنكار الذات.. فليس صحيحاً أنه يتشاءم من تسجيل الأهداف.. ولكنه يؤثر دائماً عدم جرح مشاعر الخصوم.. ولتجعلوا من رائدنا ومعلمنا وملهمنا المدرب العبقرى «كيروش» الجنتلمان الرومانسى قدوة لنا جميعاً فى فضائله العميمة وأهمها تحقيق الهزائم العظيمة المتتالية والخروج المشين الرائع من كل البطولات ابتداء من البطولة العربية مروراً بالبطولة الأفريقية ثم التصفيات فى كأس العالم.. وذلك لسمو أخلاقه التى منعته من الفوز خشية الإصابة بالتعاظم الكريه والزهو البغيض والتعالى الذميم على الخصم.. ونقيصة ازدراء الآخر.. ضعوا إذاً نبل المقصد والعفو عند المقدرة عنواناً لسلوككم داخل الملعب.. وفى النهاية اللى من نصيبك محرم على غيرك.

«ولك الله يا مصر».