الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سمير صبرى.. والسعادة الحقيقية

سمير صبرى.. والسعادة الحقيقية

كان يملأ الدنيا بهجة وألقًا وحبورًا وحضورًا بَرّاقًا.. وينثر زهرات الحُب.. ورياحين السعادة على كل من حوله بقدراته الفائقة التأثير فى نفوس الخاصة والعامّة بما يتمتع به من روح خفاقة بمعانقة الحياة فى تجلياتها الإنسانية الرائعة التى تشى بكل المعانى الجميلة والخلاقة والودودة والتى تنبذ كل المَظاهر القبيحة والكريهة والدنيئة، بما يملكه من قدرة آسرة على التماهى والتوحد والاحتواء وإقامة علاقات حميمية من عطاء ورغبة صادقة وأصيلة فى إسعاد الجميع والمبادرة الحانية فى تضميد الجروح ورأب الصدوع وتجاوز الإساءات والسّمو فوق الصغائر والترفع عن منازلة الأشرار أو مواجهة مشاعر الغدر والحقد والكراهية بالغضب أو الثورة أو الرغبة فى رد العدوان أو دحض المعتدين.. ففى أزمته التى تقرر فيها إيقاف برنامجه الشهير «النادى الدولى»- وقد كان أول برنامج توك شو فى تاريخ التليفزيون المصرى ويحظى بنسبة مشاهَدَة ضخمة - صرّح فى حديث تليفزيوني أن وراء ذلك الإيقاف مؤامرة مغرضة. مشيرًا إلى أطرافها.. فلما سأله مقدم البرنامج عن رد فعله وموقفه تجاه هؤلاء الذين تربّصوا به رغبة منهم فى إيذائه.. قال إنه ابتسم فى سخرية وصمت دون أن يُعبر عن غضبه أو استنكاره أو يسعى إلى إثارة الموضوع والتحقيق فيه.. ومضى إلى حال سبيله، فهو لم يعرف فى حياته مشاعر الكراهية أو السخط.. ثم ما لبث أن عاد إلى تقديم البرنامج بقرار رئاسى من الرئيس «أنور السادات» الذى كرمه فيما بعد وأشاد بأدائه فى فيلم (بالوالدين احسانًا).



عرفته عن قرب منذ زمن بعيد فى منتصف السبعينيات وسعيت إلى التعاون معه من خلال كتابة السيناريو والحوار لأفلام أوحى لى ببعض أفكارها ولم تكتمل تلك التجارب لأسباب إنتاجية.. كان من بينها فيلم اتفقنا على تسميته (سفروتة) تشارك فى بطولته معه طفلة فى السابعة من عمرها وقد بادر إلى نشر إعلان يدعو فيه إلى مسابقة لاختيار الطفلة المناسبة للدور.. فاحتشد مكتبه بعشرات من الصغيرات مع أمهاتهن.. وبدأ فى صبر ودأب فى اختيارهن مع المخرج «عاطف سالم» الذى ما لبث أن ثار ثورة عارمة حين رأى طفلة لطخت لها أمّها وجهها بالمساحيق والرّوچ.. مرتدية فستان سهرة عاريًا.. فبدت مَسخًا مشوهًا ومضى فى انفعال بالغ فى تأنيب الأمّ على فعلتها النكراء فانفجرت الطفلة فى البكاء.. وإذا بـ«سمير صبرى» يسرع بالتدخل لاحتواء الموقف وضم الطفلة إليه فى حنو ومسح دموعها.. وانتحى بمدير الإنتاج جانبًا طالبًا منه شراء حلوى متنوعة وألعاب وهدايا تناسب عمرها.. واجتمع بها وبأمّها موضحًا فى هدوء وود أنه ليس مطلوبًا أن تقلد الطفلة الكبار فى مظهرهم وحديثهم.. فهذا معناه اغتيال لطفولتها، وشرح لها أنه حينما كان طفلًا فى البرنامج الإذاعى الذى كانت تقدمه «لبنى عبدالعزيز» كان يمثل سنّه.. وودعهما فى النهاية.. والطفلة فى امتنان بالغ تغمره بقبلاتها المُحبة.

وكما سعى إلى عودة «سامية جمال» إلى الرقص بعد سنوات طويلة من اعتزالها.. أعاد أيضًا بإصرار «ماجدة» إلى الأضواء من جديد بفيلم (ونسيت أنى امرأة) الذى كتبت له السيناريو والحوار وأخرجه «عاطف سالم» وقامت «ماجدة» ببطولته مع «فؤاد المهندس» و«غادة نافع» واكتفى هو بدور شرفى فى الفيلم.

كثيرًا ما سألت نفسى بصرف النظر عن مظهره الأنيق وسلوكه المُحب للحياة ووجهه المشرق دائمًا بابتسامة واسعة.. هل هو إنسان سعيد بحق رُغْمَ ما صادفه فى حياته من أهوال ومَتاعب وصدمات وأحزان وإحباطات.. فيتأكد لى يقينًا أنه يعرف جيدًا معنى السعادة الحقيقية لأنه من القلائل الذين حرروا أنفسهم من سجن الذات والتمركز حولها والتى تفقد الإنسان الحب الحقيقى للطرف الآخر.. ومما يمكن أن يقدمه للحياة السعيدة من عطاء وفير.. إن الحب المتبادل يصل إلى أقصى درجة وهى السعادة الحقة وهو ما لمسناه عند وداعه الذى كان موكبًا من مواكب الحب العظيم.