الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أكثر من 45 ألف وفاة ناجمة عن القتل بسلاح فى «الولايات المتحدة» خلال عام التعتيم الإعلامى فى مواجهة القتل العلنى

عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل 19 طفلًا وشخصين بالغين فى مدرسة ابتدائية فى تكساس يوم الثلاثاء، نفذها شاب يبلغ من العمر 18 عامًا لقى حتفه أيضًا، فى حادث هز الأوساط الأمريكية، جاء بعد عمليتى إطلاق نار جماعيتين الأسبوع الأسبق، نفذت أولاهما فى «بوفالو» بمدينة «نيويورك»، حيث قام شاب عنصرى من دعاة تفوق العرق الأبيض باستهداف 10 مواطنين سود، فى حين نفذ الحادث الثانى فى كنيسة بمدينة «لوس أنجلوس» بولاية «كاليفورنيا»، حيث أسفرت عن قتيل و5 جرحى.. ولا تزال عمليات إطلاق النار تتوالى، وعدد الضحايا يزداد.



 

وخلال الفترة الأخيرة، سيطرت على وسائل الإعلام الغربية جملة «فى حادث ليس جديدًا على الولايات المتحدة» مع نشرهم أخبارًا وتحقيقات تتناول حوادث وجرائم قتل، إذ بات من الملاحظ زيادة نسبة عدد جرائم القتل التى تشهدها «الولايات المتحدة» بشكل شبه يومى فى أماكن عامة، حيث أكد موقع «فرانس 24» أن بعض المدن الكبرى، مثل: «نيويورك، وشيكاغو، وميامى، وسان فرانسيسكو» صارت تسجل زيادة فى الجرائم التى تستخدم فيها أسلحة نارية.

ورغم التعتيم الإعلامى الأمريكى الملحوظ على زيادة الجرائم، فإن عددًا من التقارير والإحصائيات كشفت ما تم غض البصر عنه من أرقام مخيفة عن حوادث القتل، وكان أحدثها التقريرين المنشورين من قبل وزارة العدل الأمريكية يوم الثلاثاء الأسبق، ثم مكتب التحقيقات الفيدرالى يوم الاثنين السابق، الأول الذى أوضح بأن حجم سوق الأسلحة النارية فى «الولايات المتحدة» زاد أضعافًا خلال عقدين؛ والثانى الذى قال إن حوادث إطلاق النار النشطة ارتفعت فى عام 2021 بأكثر من 50 % عن عام 2020، وما يقرب من 97 % من عام 2017، مضيفًا أن حوادث إطلاق النار النشطة امتدت إلى 30 ولاية العام الماضى، مما أسفر عن مقتل 103 أشخاص، وإصابة 140 آخرين.

وبشكل عام، فضلت عدة تقارير أمريكية ربط نسبة العنف المتزايدة فى الفترة الأخيرة بالعوامل النفسية المرتبطة بتداعيات جائحة فيروس كورونا، مثل: الاضطرابات فى الخدمات والتعليم، والضغط الذهنى، والعزل الاجتماعى، الضغوطات الاقتصادية، بما فى ذلك فقدان الوظيفة، وعدم استقرار السكن، وصعوبة تغطية النفقات اليومية، مستدلين بزيادة نسبة الجرائم خلال العامين الماضيين، خاصة بعدما صار لدى «الولايات المتحدة» أعلى نسبة وفيات مرتبطة بالأسلحة النارية بين جميع البلدان المتقدمة، وواحدة من أعلى المعدلات فى العالم. 

 إحصائيات جرائم القتل الأمريكية

ارتفعت الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية بنسبة 35 % فى العام الأول لوباء فيروس كورونا (بين عامى 2019-2020)، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، حيث شهدت «الولايات المتحدة» أعلى معدلات مسجلة منذ عام 1994.

وكتب باحثو مركز السيطرة على الأمراض فى تقريرهم، إنه: «ربما تكون جائحة (كوفيد-19) أدت إلى تفاقم الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الحالية، التى تزيد من خطر القتل والانتحار، لا سيما بين بعض المجتمعات العرقية».

وأوضح تقرير مركز (CDC) أن 79 % من إجمالى الوفيات الناجمة عن استخدام السلاح كانت جرائم قتل فى عام 2020، بينما كان 53 % حالات انتحار، وهى نسبة أعلى مما كانت عليه خلال السنوات الخمس السابقة. كما ذكر التقرير أن نحو 77٪ من جرائم القتل المبلغ عنها فى عام 2020 ارتُكبت باستخدام مسدس، ارتفاعًا من %74 فى عام 2019.

بينما أرجع مركز أبحاث «ستاتيستا» سبب زيادة جرائم السلاح إلى الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية؛ موضحًا أن بعض أفقر المقاطعات الأمريكية شهدت ما يصل إلى 4.5 أضعاف جرائم القتل، مقارنة بالمناطق التى بها أقل قدر من الفقر..أى ما يثبت أن عدد الجرائم غير المعلنة فى الإعلام الأمريكى أكبر بكثير من تلك التى تنشر رٌغمًا عنهم، نتيجة لحدوثها فى مدينة كبيرة أو ولاية معروفة، مثل الحوادث المذكورة سابقًا.

كما أكد التقرير أن الأمريكيين السود معرضون للخطر بشكل أكبر، حيث كان الرجال والفتيان السود الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا أكثر عرضة للإصابة بالرصاص بنسبة 21 مرة أكثر من الرجال والفتيان من ذوى البشرة البيضاء بنفس العمر. 

وبالفعل، كانت مخاوف السلامة على رأس أولويات العديد من الأمريكيين السود، فى استطلاع أجراه «مركز بيو للأبحاث» فى منتصف أبريل الماضى، حيث قال حوالى 32 % من السود إنهم يشعرون بالقلق كل يوم من احتمال تعرضهم للتهديد أو الهجوم بسبب عرقهم؛ بينما قال 21 % من الأمريكيين الآسيويين و14 % ممن أصلهم إسبانى الأمر نفسه.

يذكر، أن مكتب التحقيقات الفيدرالى أكد -أيضًا- أن الأمريكيين السود ضحايا لجرائم الكراهية، حيث تم تحديد أكثر من 35٪ من 8 آلاف و263 حادثًا إجراميًا على أنها جرائم كراهية فى عام 2020، تضمنت تحيزًا ضد السود أو الأمريكيين من أصل أفريقى، رغم أن السود يمثلون حوالى 12 % من سكان «الولايات المتحدة». وعلق «مركز بيو للأبحاث» أن إحصائيات مكتب (FBI) تعتبر أقل من العدد الحقيقى، لأن العديد من جرائم الكراهية لا يتم الإبلاغ عنها للشرطة، والعديد من إدارات الشرطة لا تقدم بيانات كاملة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى.

أمّا بالنسبة لعدد الوفيات الناجمة عن القتل بسلاح فى «الولايات المتحدة» فى عام 2020- حيث كان آخر عام توافرت عنه بيانات كاملة- فقد بلغ 45 ألفًا و222 شخصًا من الإصابات المتعلقة بالأسلحة النارية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 14 % عن عام 2019، وزيادة بنسبة 43 % عن العقد السابق، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ويتضمن هذا الرقم جرائم القتل وحالات الانتحار بالأسلحة النارية، إلى جانب ثلاثة أنواع أخرى أقل شيوعًا من الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية، ومنها: تلك التى كانت (غير مقصودة)، والتى تضمنت (تطبيق القانون)، والتى (لا يمكن تحديد ظروفها). 

ومع ذلك؛ تستند إحصائيات الوفيات الخاصة بمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى المعلومات الواردة فى شهادات الوفاة الرسمية، التى تحدد سببًا واحدًا للوفاة.

وأوضح التقرير أنه فى عام 2020، بلغ عدد القتلى بسلاح فى (جرائم قتل) 43 ٪ من العدد الإجمالى للوفيات بسلاح، أى بنحو 19 ألفًا و384 شخصًا، لتصبح هى الأكبر منذ عام 1968 على الأقل؛ فيما بلغت الوفيات بالأسلحة النارية (غير المقصودة) 535 حالة؛ بينما وصلت الحالات التى تتعلق بـ(إنفاذ القانون) إلى 611 حالة. أمّا من كانت لهم (ظروف غير محددة) فقد بلغ عددهم 400 حالة وفاة.

لم تَذكر الأسباب السابقة سببًا آخر، وهو (الإرهاب الداخلى) للولايات المتحدة الذى يساهم فى زيادة نسبة جرائم القتل.. ففى أحدث إحصائية لمؤشر الإرهاب العالمى، أكد أن نسب الإرهاب السياسى الآن فى «الولايات المتحدة» تجاوز الإرهاب الدينى؛ فيما أوضح «مركز الدراسات الاستراتيچية والدولية» الأمريكى أن الهجمات والمخططات اليمينية المتطرفة العنيفة، صارت هى النوع الأكثر شيوعًا للإرهاب الداخلى الأمريكى فى عام 2021. 

وأضاف إنه من بين 77 حدثًا إرهابيًا فى العام الماضى، تم ارتكاب 38 حدثًا، أى ما يقدر بنسبة 49 % من قبَل اليمين المتطرف، بينما كان 31 حدثًا (40 %) من قبَل أقصى اليسار، فيما كان 3 أحداث فقط من قبَل الجهاديين، وحدثان من قبَل القوميين العرقيين. وأشار مركز الأبحاث الأمريكى إلى أن الدافع وراء معظم الجناة اليمينيين المتطرفين هو تفوّق البيض، أو مشاعر مناهضة للحكومة. مضيفًا إن المتشددين لتفوّق العرق الأبيض قتلوا 13 شخصًا، بينما قتل كاره النساء 8 حالات، وقتل المتطرفون المناهضون للحكومة 4 ضحايا.

 صناعة السلاح فى «الولايات المتحدة»

أوضح تقرير وزارة العدل الأمريكية أن قطاع صناعة الأسلحة النارية زاد أضعافًا خلال السنوات العشرين الماضية، إذ ارتفع عدد شركات صناعة السلاح العاملة فى «الولايات المتحدة» من 2222 شركة فى العام 2000، إلى 16 ألفًا و936 شركة فى عام 2020.

وأكد التقرير أن شركات تصنيع الأسلحة النارية الأمريكية أنتجت- خلال تلك الفترة- نحو 140 مليون قطعة سلاح مخصصة للأفراد، بينها 11.3 مليون قطعة أنتجت فى عام 2020. مضيفًا إن السوق الأمريكية لم تكتفِ بإنتاج تلك الأسلحة فحسب؛ بل استوردت «واشنطن»- فى الفترة نفسها- 71 مليون قطعة سلاح نارى، ما يعكس الكم الهائل من الأسلحة النارية المتوافرة فى البلاد، والذى ساهم فى تصاعُد أعمال العنف المسلح، وجرائم القتل، وعمليات الانتحار.

وأظهر التقرير أنه رُغْمَ تفضيل الأمريكيين الأسلحة النصف آلية- النوع الذى استُخدم فى تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار الجماعية- فإن الغالبية العُظمَى منهم اشترت مسدسات نصف أوتوماتيكية من عيار (9 ملليمتر)، وهو سلاح زهيد الثمَن، ودقيق التصويب، وسهل الاستخدام، ويشبه السلاح الذى تستخدمه الشرطة.

ولكن؛ يبدو أن هذه الأرقام لا تزعج السُّلطات الأمريكية، بقدر ما يؤرقها ما يُعرف باسم (الأسلحة الشبحية) التى صارت فى ازدياد واضح، وفقًا لموقع «سكاى نيوز».

 ردود الفعل الأمريكية

رُغْمَ الغضب الشعبى الأمريكى- غالبًا فى أعقاب العنف المسلح- فإن الدعم الأمريكى لقوانين الأسلحة الأكثر صرامة انخفض فى عام 2020 إلى أدنى مستوى منذ عام 2014، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسّسة «جالوب»؛ حيث قال 52 % فقط من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع، إنهم يريدون قوانين أكثر صرامة لحمل السلاح؛ بينما قال 35 % إنهم يجب أن يظل الوضع كما هو؛ فيما أعرب 11 % عن رغبتهم بأن تكون القوانين أقل صرامة. .