الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الملحمة.. و«المحنة»

الملحمة.. و«المحنة»

نحن لا نتعلم من أخطائنا.. سواء كانت تلك الأخطاء صغيرة أو كبيرة.. متراكمة أو مفاجئة.. منطقية أو قدرية.. عابرة أو مؤثرة..تظهر وتتصاعد بسبب حسن النية أو سوء النية، كنتيجة حتمية لثقة خادعة.. أو غرور أحمق.. لكن المفارقة السخيفة أن تاريخ الفشل والهزيمة والإخفاق يكرر نفسه، فلشدة ما كانت دهشتى وأنا أقلب فى أوراقى القديمة أن أجد تطابقًا مذهلًا ومذريًا بين ما أصاب منتخبنا القومى من تصدع وانهيار وهزائم مخزية بقيادة المغفور له «كوبر» المدرب الأسبق ابتداء من الهزيمة المنكرة من منتخب «بلجيكا» (3 - صفر) فى المباراة الودية بينهما فى إطار الاستعداد لمباريات الدور الأول لكأس العالم وانتهاء بخروجنا منها.. مع ردود الأفعال المصاحبة للمنتخب وإدارييه ومسئوليه لتبرير الهزيمة والتهوين منها يُشاركهم المحللون الذين يتشدقون بالمصطلحات الرياضية والأحكام القاطعة والتفسيرات القاصرة.. ولكن تجمعهم المداهنة وتطيب الخواطر والتهوين من أمر الخيبة الثقيلة والفضيحة الكروية بعبارات مخزية ومضللة مثل «الهزيمة ليست ذات بال.. المهم التعلم من الأخطاء».. أو «نحن مازلنا فى إطار الإعداد والتجريب» ولا أحد يعلم إلى متى تستمر الأخطاء ولا كيف يمكن علاجها.. المهم آلا نحبط لاعبينا ونتسبب فى انخفاض روحهم المعنوية بتأنيبهم والإشارة إلى انخفاض مستواهم الفنى وهو يذكرنى بفترة الستينيات عندما كنت مراهقًا أتابع مباريات كرة القدم بستاد كفر الشيخ ويهتف المشجعون للفريق عندما يصاب مرماه بالهدف الأول «معلش.. معلش» حتى يخرج الفريق مهزومًا بستة أهداف أو أكثر.. المفارقة المضحكة التى تفرض نفسها هى التشابه بل التطابق الكامل بين ما فعله «كروش» مع ما ارتكبه «كوبر».. يلعب الاثنان بطريقة دفاعية طول الوقت ويعانيان فى الوقت نفسه من الأخطاء الدفاعية المتتالية.. أما الهجوم فـ«كوبر» لا يلعب إلا برأس حربة واحد «مروان محسن» وكذلك «مصطفى محمد» مع «كيروش» والاثنان لم يسجلا هدفًا واحدًا.. فهما فى الحقيقة يلعبان فى مركز قلب الدفاع فى ظل غياب تكتيكى ومستوى متواضع لكل الخطوط وعدم انسجام بينهم وفقر واضح فى خيال المدربين وعدم قدرتهم على الابتكار ورسم الخطط ووضع الحلول بالإضافة إلى الفشل المريع فى اختيار اللاعبين والبدلاء فعيناهما –المدربان– غير اللاقطة للمواهب الحقيقية والاستعانة بمن هم أقل شأنًا سمة واضحة فى التشكيل، بالإضافة إلى عدم استخدامهم فى الأماكن التى تميزهم.. و«كيروش» الذى يؤمن بالتجريب على غرار مسرح العبث فقد ابتدع أن يلعب صانع الألعاب مهاجمًا فى المرمى وقلب الهجوم يراقب حكم المباراة.



ولما أدى ذلك إلى الخروج المهين من البطولة العربية بإحراز المركز الرابع أعلن دهشته من غضب وحزن الجماهير العريضة لأنه لم يعد بأكثر من ذلك وأن تركيزه منصب على إحراز البطولة الأفريقية التى ما لبث أن خرج منها مدحورًا فأعلن أن الأقدار اللعينة والحظ العاثر هما المسئولان مسئولية كاملة عن الفشل الذريع، فالسعد وعد وقيراط بخت ولا فدان شطارة.. وأكد قدرته على الوصول إلى كأس العالم فلما فشل فى ذلك أكد المعلق على المباراة بيننا وبين السنغال إننا قدمنا «ملحمة» تاريخية رائعة وهزمنا بسبب أحداث الشغب والليزر كما أعلن رئيس اتحاد الكرة بمكافآة كروش بتمديد مدة القيادة الممنونة لكروش حتى مسابقة البطولة العالمية القادمة وعلينا انتظار الإنصاف بإعادة المباراة وإذا لم يحدث ذلك فيابخت من نام مغلوب ومانمش كسبان.

أما نحن المتفرجون البؤساء فلا يحق لنا أن يزعجنا صنبور التصريحات المتفائلة والمديح الزائف والنفخ فى القربة المقطوعة والمبالغة فى التدليل.. والبعد عن الموضوعية فى التقييم والكذب فى إخفاء الحقيقة.. والتعتيم على المستوى الفنى الضعيف للفريق ومدربه الفاشل وآلا نُتهم بازدراء الرموز وانعدام الروح الرياضية والنخوة الوطنية وتطاردنا اللعنات على طريقة «يا عديم الاشتراكية.. يا خاين المسئولية.. يا محبط يا سوداوى.. يا متآمر.. بينما الحقيقة أن الاعتراف بالحق فضيلة.. وإصلاح العيوب واجب والتعلم من الأخطاء مهمة تفرض عن نفسها والاعتماد على المدرب الوطنى هدف قومى.. فالفوز لن يأتى إلا بشجاعة مواجهة النفس والاعتراف بالقصور.. وإلا فإن الأمر لا يعدو أن يكون نوعًا من التدليس.