الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الكاتب الصحفى كرم جبر: لا نريد تقييد الإبداع.. ونسعى لاحترام المشاهد الهدف الأهم من دراما رمضان هو تأكيد سمات الشخصية المصرية لا هدمها

الكاتب الصحفى كرم جبر: لا نريد تقييد الإبداع.. ونسعى لاحترام المشاهد الهدف الأهم من دراما رمضان هو تأكيد سمات الشخصية المصرية لا هدمها

ذهبت للأستاذ كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام لأسأله عن فلسفة الضوابط التي أكد عليها المجلس فيما يخص الدراما الرمضانية.. حيث تحدث بشكل واضح أن المجلس لا يستهدف أبدًا تقييد الإبداع أو منع مشاهد بعينها من المسلسلات، ولكن فقط وضع الدراما لخدمة هدفها الأهم فى التأكيد على سمات الشخصية المصرية.



فى حديثه فرّق بين السينما التي يذهب إليها المشاهد بإرادته وبين الدراما التي تدخل كل بيت، ما يحملها ضرورة احترام خصوصية البيت وقواعد المجتمع وطبيعته وسياقه.. وأوضح أن تلك الضوابط التي أقرها المجلس تعتمد على الكثير من المواثيق الدولية فيما يخص الإبداع والفن.. كما كان لنا معه حديث شخصى، حيث تحدث للمرة الأولى عن سبب عدم خلعه دبلة الزواج حتى الآن..

وإلى نص الحوار: 

فى البداية دائمًا ما تكون استعدادات المجلس لرمضان منصبة على الرسائل التي تحملها الدراما أكثر من المواد الأخرى التي يتم بثها على الشاشة، دائمًا يكون هناك رصد وحالة انشغال بالرسالة التي تقدمها الدراما فى رمضان.. هذا العام قبل بداية الموسم الدرامى الرمضانى أعلن المجلس الضوابط الخاصة بالدراما.. نريد أن نشرح للرأى العام فلسفة هذه الضوابط

- أريد الحديث فى البداية عن رمضان فى مصر الذي ينفرد بميزات مختلفة عن أى مكان فى الدنيا سواء من الزينات أو المساجد التي لا تنطفئ أنوارها طوال الشهر الكريم، ودائمًا ما يجتمع المصريون فى صلاة الفجر وصوت الشيخ محمد رفعت الذي يعد سمة أساسية فى الشهر الكريم، كما أن المصريين فى رمضان لا ينامون فى الليل أو النهار، وأتذكّر موقف مستشار ثقافى ألمانى مقيم فى مصر، فعند انتهاء مهمته قدم استقالته حتى لا يرجع إلى بلده، لأن الحياة والحركة موجودة فى مصر طوال اليوم عكس ألمانيا التي ينام أهلها من المغرب.. والحمد لله العام الحالى انقشعت أزمة كورونا وسنجد المساجد ممتلئة عن آخرها.

أيضًا رمضان فى مصر يعلى روح التسامح والبعد عن التطرف، وهذا مستمد من جريان النيل، حيث يحمل الخير والنسمات الجميلة والخضرة، كل ذلك ترك بصماته على المصريين.. لذلك نريد أن تركز الدراما على سمات الشخصية المصرية.

 هذا جزء مما وصفه جمال حمدان فى «شخصية مصر» عن تأثير النيل على الشخصية المصرية

- طبعًا.. كما أننا الحمد لله لسنا شعبًا يتقاتل على المياه أو يبحث فى الصحراء عن بئر مياه، ولكن النيل دائمًا ما يجرى فى أرضنا، حتى أنهم يقولون: مصر هبة النيل، وأنا فى اعتقادى أن «النيل هبة مصر».

كل هذه السمات التي تميز الشعب المصري والطبيعة المصرية لا بد أن تنعكس على الدراما، حتى لا تكون غريبة أو شاذة أو بعيدة عن سمات هذا الشعب وطبيعة تكوينه وطقوسه التي تميزه، ولذلك كان المجلس الأعلى للإعلام حريصًا على تأكيد الضوابط التي سبق وأصدرها بشأن هذه المسلسلات. 

وأهم هذه الضوابط: احترام عقل المشاهد والحرص على قيم وأخلاقيات المجتمع، وأيضًا التزام الشاشات بالمعايير المهنية والأخلاقية، بمعنى عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة وفاحش القول والحوارات المتدنية واقتحام السيرة الذاتية أو السمعة الشخصية.

من المهم أيضًا أن تظهر المرأة المصرية فى صورتها الحقيقية، خصوصًا أنها تضرب نموذجًا فى الصبر والصمود، ونتذكر مواقفها المشرفة وقت حكم الجماعة الإرهابية، حيث خرجت وصرخت فى وجه حكم الجماعة، وتم استهدافها، حيث كانت الجماعة الإرهابية تعلم أن المرأة هى روح الثورة ومفجرتها، لكنهم لم يستطيعوا أن ينالوا منها.

 تأكيدًا على كلام حضرتك نجد القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسي دائمًا ما يؤكد على محورية دور المرأة فى عملية بناء الدولة وفى الجمهورية الجديدة.. كذلك فى الإصلاح الاقتصادى أكد الرئيس أنه لولا صمود المرأة المصرية لم تكن الأسرة تتحمل تبعات هذا الإصلاح، وجدد هذا الحديث قبل أيام فى احتفالية يوم المرأة. 

ونجد أن الضوابط تحمل رسالة واضحة فيما يخص ظهور المرأة المصرية فى الدارما.

بمناسبة الحديث عن دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي للمرأة، أريد أن أقول بشكل واضح أن المرأة المصرية حصلت فى عهده على حقوق لم تحصل عليها من قبل.. فأنا طوال عملى فى الصحافة والإعلام كان مجرد ذكر أن المرأة تعمل قاضية فى فترات سابقة يسبب الكثير من الهلع والخوف، ولا أريد أن أستفيض فى ذلك، ولكن يكفى أنه كانت هناك قرارات فى بعض الهيئات بعدم دخول المرأة المجال القضائى، وكانوا يغلفون ذلك بدعاوى دينية بأنهن ناقصات عقل ودين، ولا يعرفون أن «عقلها يوزن بلد»، ولا توجد أدلة شرعية تمنع المرأة من تولى مناصب بالقضاء.  

 ربما لا يعلم البعض أنك درست القانون قبل بداية عملك الصحفى

- طبعًا، وعشت تلك الفترة وتابعتها بحكم عملى الصحفى حيث كان القضاء من المحرمات على المرأة دون سند دينى أو مجتمعى، وأنا أعلم أنه لا يوجد دليل قانونى أو شرعى يمنع المرأة من ذلك.

 وجاء الرئيس السيسي بفهم عميق وحقيقى للدين وظروف المجتمع، ودخلت المرأة مجلس الدولة والنيابة العامة والنيابة الإدارية ومناصب القضاء. 

حضرت مؤخرًا احتفال مجلس الدولة بالقاضيات، وشعرت بالفخر والفرح، لأننى عشت الفترة التي كان ذلك فيها من المحرمات كما ذكرت. 

بالإضافة لذلك نجد تمثيلًا حقيقيًا للمرأة فى الحكومة بعدد كبير من الوزيرات.. وأريد تذكيرك بانتخابات قبل 2011، حيث رشحت سيدة من سوهاج نفسها للانتخابات وواجهت الكثير من أهلها، حيث طلّقها زوجها وتبرأ منها والدها وأخوها، لمجرد أنها تجرأت واقتحمت مجتمع الرجال، تخيل تلك الفترة حيث كانت الكثير من الأفكار السوداء تخيم على الأجواء. 

زمان كانوا يقيسون تقدم المجتمع بالدخل القومى أو وجود الكهرباء وغيرها من المقاييس، أما الآن تمكين المرأة هو المقياس الحقيقى لتقدم أى مجتمع.

انظر الآن للبرلمان وتمثيل المرأة به.. 

طبعًا.. والجلسة الأولى للبرلمان الحالى كانت برئاسة السيدة فريدة الشوباشى..

بالإضافة لذلك نجد أن الصورة أصبحت حلوة ومختلفة، وتمثيل المرأة فى البرلمان يقدم صورة حضارية شكلًا وموضوعًا، أجد سيدات وبنات فضليات رغم صغر أعمارهن لكن يقدمن دراسات وأبحاثًا مهمة، ويتحدثن بلغة رصينة.

زمان مثلًا كنا نقسم النواب إلى نواب المخدرات والقروض وحتى نواب «النوم».. دائمًا ما أقارن هذه الصورة بالبرلمان الحالى وحركة النشاط به وصورته الحضارية.

مؤخرًا أيضًا حضرت قافلة لمفتيات بالسودان من تنظيم وزارة الأوقاف وكانت صورة جميلة جدًا.. قبل ذلك كان الإفتاء محرمًا على المرأة.

 تتحدث أن هذه الحالة الموجودة وهذا المشروع الذي تتبناه الدولة يجب أن تعكسه الدراما ولا يصح أن تخرج صورة المرأة المصرية على غير واقعه الموجود الآن

- بالضبط.. ولا يصح أن تظهر المرأة المصرية على أنها مطلقة وترمى أولادها فى الشارع أو وصفها بأنها متبرجة وغير ذلك من الأوصاف.. وإذا أردت كمبدع إظهار مثل هذه الحالات يجب أن تضعها فى حجمها الحقيقى دون تعميمها، لأنها استثناء وليست أصلًا، وبالتالى من غير المنطقى أن تُصَدِّر الدراما حالة شاذة باعتبارها أمرًا شائعًا.

 حضرتك سبقت بتقديم إجابة لمن يرى أن هذه الضوابط تقيد الإبداع بأنه حتى تقديم مثل هذه الحالات يجب أن يكون فى سياقه وحجمه الطبيعى

- طبعًا.. فالإبداع هو طاقة تفجر وتطلق فى الإنسان أحسن ما فيه .

 كتبت مؤخرًا عن «الدوم» وضرورة اكتشاف المبدعين

- مشروع الدوم ألح عليه منذ حوالى 5 سنوات فى مقالاتى بجريدة الأخبار، وأتحدث كثيرًا عن المواهب المصرية.. لأننى مدرك كيف تعرضت المواهب المصرية الشابة للإجهاض، ولا أريد أن أقول مؤامرة خلال السنوات السابقة.. كان يتم قتل أى صوت جديد أو موهبة شابة من البداية لصالح أصوات أخرى.

وبالتالى وجود برنامج وطني بلجان تحكيم وطنية لاكتشاف المواهب يعد خطوة أولى ومهمة جدًا فى هذه الطريق.. والخطوة الأهم هى رعاية تلك المواهب المكتشفة ومساعدتهم على إكمال الطريق.

وبالتالى عندما أتحدث أن على الدراما أن تعكس مثل هذه الحالة المجتمعية النشطة أعى جيدًا الفرق بين الإبداع وعدم الإبداع.

 ما الفرق فى رأيك بين الإبداع وعدم الإبداع فيما يخص الضوابط التي أعلنها المجلس للدراما الرمضانية؟

- كما ذكرت أن الإبداع يفجر أجمل ما فى الإنسان.. أما القبح الحقيقى فيتمثل فى محاولة تجميل الأفعال القبيحة وتصديرها على أنها حالة عامة، مثلًا عندما يظهر البطل بقصة شعر غريبة ويحمل سيفًا أو بشلة ويقوم بتقطيع الناس من حوله وإسالة الدماء.. لا أعترض على أن يقوم المبدع بإظهار مثل هذه المشاهد، ولكن يجب أن يحدث ذلك بطريقة تثير الاشمئزاز عند المشاهد لا تقديمه باعتباره نموذجًا للبطل. 

لكن للأسف ما يحدث هو تقديم البلطجى بصورة مشوقة كأنه نموذج أو قدوة للشباب.. وبالتالى يكون ذلك قبحًا وليس إبداعًا.

نريد من الدراما التركيز على سمات الشخصية المصرية والتأكيد عليها لا العمل على هدمها.. لدينا الكثير من القيم التي نحتاجها الآن كاحترام الكبير ومساعدة الآخرين، عكس الآن، عندما يقع أحد فى مصيبة يتجمع الناس حوله لتصويره.. وحتى فى الأفلام القديمة نجد أن أبناء المنطقة هم من يدافعون عن بناتها عكس الآن، وما نلاحظه فى حالات التحرش بالبنات من أبناء المنطقة نفسها.. 

ومن سمات الشخصية المصرية الأساسية أيضًا التسامح الدينى، حيث يعيش المسلم والمسيحى واليهودى تحت مظلة واحدة مثل ما قال كرومر: «ذهبت إلى مصر لم أجد فيها إلا مصريين بعضهم يذهب إلى المساجد وبعض يذهب إلى الكنائس ولا فرق» هذه وجهة نظر المستعمر الذي كان يريد إحداث فتنة طائفية فى مصر لتقسيمها ويسهل حكمه.

لكننا أحدثنا فتنًا ومؤامرات لم يقدر أن يحدثها المستعمر نفسه، وهنا تبرز أهمية الدراما فى التركيز على سمات الشخصية المصرية.

  بعد عرض مثل هذه المشاهد نجد الكثير من الشباب يريدون التشبه بشخصية البطل «البلطجى» ويقلدون طريقته.. رغم أن الفن عنصر وجدانى بالأساس

- طبعًا عنصر وجدانى، ومن يفعل ذلك يرتكب جريمة فى حق البلد.. أنا لا أريد منع مثل هذه المشاهد ولكن كل ما أريده هو وضعها فى سياقها الطبيعى وليس فى صورة مشوقة.. أيضًا نجد الدراما تقدم لنا نموذجًا لشاب جيد ويرتدى بدلة ويدخن سيجارة وكأن التدخين هو السبب فى شكله الجميل.. على المبدع أن يضع مثل تلك الأفعال فى وضعها الطبيعى والحقيقى وتظهر لى الجانب الآخر من تأثيرات التدخين السلبية عليه والأمراض التي يعانيها من سعال وربو وغيرها.. حتى لا يكون تشجيعًا على فعل سيئ.

الإبداع الحقيقى هو أن يظهر الإنسان فى صورة طيبة ورسولنا الكريم كان جميلًا يحب الجمال وديننا يحثنا على الجمال.. لكننا نجد مثلًا فى الدراما تصديرًا لبعض الأزياء الغريبة على مجتمعنا، فتتسبب فى انتشار موضة «البناطيل المقطعة» بزعم الحرية الشخصية.

لكن الحرية الشخصية هى ألا تتعدى على حريات الآخرين ومثل هذه المشاهد تؤذينى وتؤذى المجتمع.

 كيف تفرق بين العمل الدرامى الذي يدخل كل البيوت والفيلم الذي تذهب لمشاهدته بإرادتك؟

- هنا فرق كبير طبعًا، والمساحة بينهما واسعة.. لأن الفيلم كما قلت تشترى تذكرته وتذهب لمشاهدته بإرادتك، أما الدراما فتدخل كل بيت، ولا يجوز أن يشعر الأب بالتحرج من مشهد ما أمام أبنائه وزوجته، لأن البيوت لها قدسية تتوافق مع طبيعة المجتمع وسلوكياته.. وبالتالى من غير الممكن أن يدخل البيوت مسلسل يناقش الشذوذ الجنسى مثلًا.

 تناولت السينما المصرية مثل هذه القضايا والأستاذ نجيب محفوظ نفسه هذا الأمر لكن تناوله فى السياق الذي تشير إليه وأن المجتمع ليس كذلك

- هناك فرق كبير.. لأن السينما زمان كانت ترسخ قيم الجمال، فكان محمد عبد المعطى فى فيلم «الوردة البيضاء» يرتدى البدلة ويضع وردة فى جيبه، فوجدنا كل شباب الجامعة يقلدونه بارتداء البدلة ووضع الورود.. كما أن لغة السينما كانت راقية مما انعكس على المجتمع.. أما الآن الوضع انعكس تمامًا، فنجد لغة الدراما والسينما من قبيل «كوز المحبة اتخرم» وغيرها من الأحاديث المتدنية.

هذا هو الفرق بين الإبداع وبين القبح.. بين أن تضيف قيمة للمجتمع وبين أن تقتل قيم المجتمع أصلًا وتقضى عليها..

لذلك نجد الشباب الآن له لغة مختلفة لا نفهمها، وأصبحوا أشبه بصندوق مقفول.

 كيف ترى خطورة ذلك الآن؟

- طبعًا خطر كبير على المجتمع.. مثلًا بعد 25 يناير رأيت الممثل وجدى العربى يجمع الأطفال حوله ليرتدوا الأكفان البيضاء مكتوبًا عليها «مشروع شهيد».. السؤال الحقيقي: هذا الطفل الصغير سيستشهد ضد من؟ ضد ضابط ابن بلدك ودينك؟.. خصوصًا أننا نعى جيدًا أن الجماعة الإرهابية لم تطلق رصاصة واحدة ضد عدو أو احتلال..

كل ما أريده أن يكون أطفال وشباب مصر مشاريع للحياة تفيد البلد، وليسوا مشاريع للموت.. وهذا ما أتحدث عنه فيما يخص الشباب والأطفال.

 لم تتجاهل ضوابط الدراما أيضًا مراعاة الأطفال وتلك الفئة العمرية

- بالتأكيد.. هناك نماذج كثيرة مشرفة لأطفال وشباب ومصر، عكس هذه الصورة التي تقدمها الدراما عن الأطفال بأنهم مشردون وهاربون من المدارس.. لدينا الكثير من الأطفال فى المدارس الحكومية ومدارس اللغات ونأمل لهم مستقبلًا باهرًا.. وتقديم الطفل بصورة مسيئة فى الدراما ضد مواثيق الطفولة الدولية أيضًا.. ووضعنا ضوابط مشددة بناء على هذه المواثيق الدولية التي تؤكد على عدم استجواب طفل أقل من 16 سنة فى موضوعات تخص مصالحه إلا فى وجود ولى أمره.. وعدم دفع أموال للقصر للحصول منهم على معلومات..

وبالتالى نشر أى موضوعات وحتى فى الدراما عن الأطفال يجب أن يكون بمناسبة وفى سياقه تبعًا للكثير من المواثيق الدولية. 

 

ما المرجع الذي وضعت على أساسه هذه الضوابط والأكواد فيما يخص الدراما؟ 

- المرجع الأهم «لا تفعل شيئًا إلا تحت مظلة القانون».. نشرنا هذه الأكواد التي تخص الدراما فى الجريدة الرسمية بحيث يصبح الجميع على علم بها وهى مستمدة من معايير دولية ومعايير محلية.. 

وأريد أن أشير بشكل سريع لميثاق الصحافة والنشر فى بريطانيا مثلًا، والذي يتحدث عن الخصوصية بما فى ذلك شؤون المنزل والأمور الصحية والمراسلات الخاصة بمعنى أن وسائل الإعلام مجبرة على حماية الحياة الخاصة.. فى المقابل نتابع فى وسائل التواصل الاجتماعى انتهاكات لا تنتهى للحياة الخاصة دون موافقته.

 فيما يخص ذلك.. أستحضر لحضرتك موقفًا نبيلًا خلال عزاء الأستاذ وائل الإبراشى حيث وقفت وقلت إنه لن يكون مستباحًا

- طبعًا قلت وقتها: «اتركوه ينام فى سلام».. وترك المجال للتحقيق إذا كان حدث أى خطأ طبي يتم المحاسبة عليه.

أرجع للحديث عن الخصوصية فى الميثاق البريطانى ومعناها فيما يخص «الأماكن الخاصة حتى لو اتسمت بالعمومية» بمعنى لو أنك تجلس فى مكان عام ممنوع أن يتم تصويرك دون إذنك، أو أن تظهر فى مشهد مسلسل مثلًا.. وهذا فى بريطانيا أم الحريات فى العالم.

أقول ذلك لأننا دائمًا عندما نقدم ضوابط للمشاهد نتهم بتقييد الإبداع.. لذلك لا بد أن نعرف ماذا تفعل الدول التي ابتكرت الإبداع أصلاً.. ونفعل مثلها. 

أيضًا يمنع الميثاق الحصول على صور أو معلومات عن طريق الابتزاز.. أو مثلًا عندما تسأل أحدًا فى حالة حزن أو وفاة لا بد أن يكون ذلك بمنتهى اللطف دون الوقوف على أوجاع الناس.

وفيما يخص ذلك أقول دائمًا إنه فى مواكب الشهداء علينا أن ننمى مواقف البطولة وليس ثقافة «لطم الخدود» لأن كل شهيد هو بطل يحمل قصة يجب أن ننقلها للأجيال القادمة.

لذلك أحيى أمهات الشهداء، تجد إحداهن تقول «ابنى ما ماتش»، وأخرى تزغرد وتلبس أبيض وفخورة، وهذه هى ثقافة البطولة الحقيقية.. وبالتالى على الدراما أن تنقل هذه الحالة لا أن تعكسها.

أصدر المجلس منذ شهور قليلة بعض الضوابط فيما يخص تعامل الصحافة والإعلام مع حوادث الانتحار.. كيف تمت مراعاة هذا البعد فيما يخص الدراما أيضًا؟

- رأينا أن المعالجة الإعلامية لبعض حوادث الانتحار من نشر فيديوهات وغيرها مشجعة على الانتحار أصلًا، فيما لجأ المتطرفون لمحاسبة المنتحر والنيل منه أصلًا.. وكلا الاتجاهين كان مرفوضًا.

وفيما يخص الدراما فهى تشكيل لوجدان المجتمع كما ذكرت، لا نمنع تلك المشاهد ولكن كل ما نريده هو وضعها فى سياقها وشرح جميع جوانب المعاناة والعلاج لمواجهة الظاهرة وليس ترسيخها. 

البعض يتحجج بأن «الجمهور عاوز كده»، والحقيقة أن الجمهور يبحث عن العمل الجيد ويتابعه كما حدث فى متابعة بطولات الجيش المصري فى «الاختيار» على سبيل المثال.. والأطفال على وجه التحديد يبحثون عن القدوة، خصوصًا أن الاختيار مثلًا يقدم البطولات بما يتناسب مع رؤية وتكنولوجيا الجيل الجديد.

 قبل توليك حتى مسؤولية المجلس الأعلى للإعلام كان لك موقف ضد برامج المقالب.. هل برامج المقالب لها نصيب من الضوابط هذا العام؟

- أرى أن الفنان قدوة وقيمة كبيرة فعندما أسخر منه فى برامج المقالب بكل الأشكال ويوافق على ذلك يفقد جزءًا كبيرًا جدًا من احترام الجمهور له.. وللأسف لاحظت أن أغلب الفنانين الذين يظهرون فى هذه البرامج مصريون.

 بجانب برامج المقالب.. نجد برامج الطهى تزدهر فى رمضان لكن للأسف يكون الكثير منها استفزازيًا للمشاهد خصوصًا فى ظل الظروف الاقتصادية التي نمر بها الآن.. كيف تتابع ذلك؟

- هذه البرامج لها نسبة مشاهدة كبيرة، ولكن فعلًا أزمتها الحقيقية أنها تستفز المشاهدين كما قلت، لذلك أتمنى أن يقدموا أشياء فى متناول كل بيت بعيدًا عن البهرجة.. نريد برامج طبخ فى متناول الأسرة المتوسطة، وأن تكون الخامات المستخدمة فى كل بيت.. وأؤيدك تمامًا فى رفض الاستفزاز، خصوصًا خلال ذلك الظرف الاقتصادى.. كما أطالب بذكر تكلفة الوجبات التي يتم إعدادها أيضًا.

و ما الذي يمنع ذكر السعرات الحرارية فى كل وجبة خصوصًا أن الصحة المصرية مشروع قومى تتبناه الدولة؟

- طبعًا هذا أمر مهم.. اضطرتنى الظروف للإقامة شهرًا كاملًا فى اليابان، ووجدت تلك الفكرة مطبقة فى كل سوبر ماركت، وكل وجبة مكتوب عليها السعرات، فضلًا عن أن كل مواطن يشترى بقدر استهلاكه من دون إسراف.. لذلك أريد أن نرفع شعار «احترام الطعام» من دون تقطير أو إسراف.

 أريد أن أستغل المساحة التي تربطنى بحضرتك وأسأل سؤالى الأخير: لماذا حتى هذه اللحظة لا تخلع دبلة الزواج؟

- عشت 30 عامًا متزوجًَا، منها حوالى 10 سنوات عانت خلالها زوجتى من المرض، فأنا مؤمن وواثق أن الله يكافئنى لأننى وقفت بجانب زوجتى فى فترات مرضها، لم أتبرم أو أتضايق، ورغم صعوبة مرضها لم أشعر فى يوم من الأيام بضيق من خدمتها وفعلت ذلك بكل حب.. وأشعر أن الله يكافئنى بسببها «وما ينفعش أقلع الدبلة».