الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. القمح.. مشكلة رقعة زراعية وسلوكيات غذائية

ع المصطبة.. القمح.. مشكلة رقعة زراعية وسلوكيات غذائية

الاكتفاء الذاتى من القمح قضية قديمة متوارثة، بات الإسراع فى إنجازها مطلبًا ملحًا، لكن السؤال: هل يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح؟



الواقع والأرقام يؤكدان صعوبة ذلك لأسباب عدة، فى مقدمتها الرقعة الزراعية ذاتها، فمع مشروعات الاستصلاح خلال السنوات القليلة الماضية ارتفعت الرقعة الزراعية إلى 10 ملايين فدان فى حين إن مساحة الأرض المخصصة للقمح فقط تبلغ 3 ملايين ونصف المليون فدان، أى ثلث الأرض الزراعية ومن ثم فإن التوسع فى مساحات زراعة القمح سيكون على حساب محاصيل أخرى مهمة.

السبب الثانى يكمن فى معدلات استهلاكنا للقمح إذ يبلغ معدل استهلاك الفرد المصرى من القمح 180 كيلوجرامًا سنويًا فى حين أن متوسط الاستهلاك العالمى يتراوح بين 70 إلى 90 كيلوجرامًا، أى أن معدل استهلاكنا للقمح ضعف المعدلات العالمية، وهذا يرجع إلى أسباب عدة، منها النمط والسلوك الغذائى الذى يعتمد على الخبز كمكون أساسى فى جميع وجباتنا الغذائية، وقد يكون لذلك مبرره لدى الطبقات الفقيرة التى لا يوجد لديها بدائل متاحة لأغذية أخرى، إذ يعد رغيف الخبز هو المكون الأساسى وما بجانبه الله وحده يعلم كيف تدبره هذه الأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا.

هناك أيضًا الاستخدام السيئ للخبز من خلال خلطه مع الأعلاف الحيوانية.

بالإضافة إلى ذلك، يلاحظ أن السلوك الغذائى فى المجتمعات العربية بشكل عام، ومصر بشكل خاص، يتسبب فى هدر كميات غير قليلة من الخبز، قد يصل فى بعض الأحيان إلى 20 فى المئة من الخبز المستهلك، وهو ما يبدو واضحًا فى المخلفات الغذائية المنزلية.

 لكن ما الحل؟

الحل لا يمكن أن يلقى بكامله على كاهل الدولة، فالأمر يتطلب تضافر الجهود على محاور عدة بداية من التوسع فى الرقعة الزراعية للقمح، وتحسين السلالات الصالحة للزراعة فى الأراضى المستصلحة، أو الأراضى ذات الملوحة، ومنذ سنوات طويلة كانت هناك أبحاث فى هذا الشأن لكن لم تجد طريقها إلى النور.

وهنا نجد أن مساحة الرقعة الزراعية فى مصر بلغت 9.7 مليون فدان، فى حين أن المساحة المحصولية تبلغ 17.5 مليون فدان، كنتيجة لاهتمام الدولة بمحور التوسع الرأسى، وتبلغ مساحة محاصيل الحبوب 58 ٪ من المساحة المحصولية، وتحقق 33 ٪ من العائد الاقتصادى، فى حين أن المحاصيل البستانية تمثل 11 ٪ من المساحة المحصولية، لكنها تحقق عائدًا اقتصاديًا أعلى من محاصيل الحبوب بنسبة 32 ٪.

علينا أيضًا تغيير نمط السلوك الغذائى، وهو أمر لم يعد نوعًا من الترف، بل بات ضرورة، لصالح زيادة استهلاك الخضروات والبطاطس ومصادر غذائية أخرى مقابل تقليل استهلاك الخبز والمعجنات وغيرها من منتجات القمح، خصوصًا أن سعر طن القمح قفز إلى 410 دولارات مقابل 260 دولارا قبل أقل من ستة أشهر. وفى كل يوم تطول فيه الحرب تشهد الأسعار المزيد من الارتفاع، ومن شأن مضاعفة الأسعار أن تؤدى إلى تآكل الاحتياطات المحلية من العملة الصعبة، وهى محنة علينا أن نحولها إلى منحة ودرس مستفاد ولن نستطيع تخطيها إلا بتضافر جهود الجميع.