الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المرأة فى السينما المصرية

المرأة فى السينما المصرية

 تُعتبر السينما المصرية هى السينما الوحيدة فى العالم التى تعد امرأة رائدة لها.. ومن هنا تأتى أهمية «عزيزة أمير» فى تاريخ النقد السينمائى وفى تاريخ صناعة السينما.. فقد اقترن اسمها بفيلم «ليلى» الذى اعتبره المؤرخون على مدار عقود طويلة أول فيلم روائى مصرى تقوم ببطولته وإنتاجه امرأة.. وعرض فى 1927، فاعتبر ميلاد السينما المصرية وصدرت جريدة الأهرام قبل أيام قليلة من هذا الحدث فى 1 نوفمبر 1927 تحمل البيان التالى عن موعد هذا الفن الجديد: ولد التمثيل الصامت فى مصر أخيرًا.. فقد ظهر فى جو مصر نجم لامع وكوكب ساطع يريد أن يخدم مصر وجماهيرها هى السينما المصرية القومية الحديثة.. قامت السيدة الفاضلة «عزيزة أمير» وهى كوكب من أشهر كواكب التمثيل فى مصر ببدء المشروع الخطير وهو إحياء فن السينما فى مصر.. «ليلى» هو اسم الرواية التى تدور حول الشرف المصرى.. المشروع موجود وقد تكلف إنتاج الفيلم الف جنيه.. كان الجنيه يساوى خمسة دولارات فى ذلك الوقت.. وحقق أرباحًا كبيرة دفعت «عزيزة أمير» وآخرين إلى الاستمرار فى صنع الأفلام فى مصر.. ففى العام التالى مباشرة ظهرت أربعة أفلام روائية طويلة.. ثم فيلمان.. ثم ستة أفلام عام (1930) من بينها «زينب» أول أفلام «محمد كريم». 



وفى عام 1929 قدمت «عزيزة أمير» فيلمها الثانى بنت النيل الذى لعبت بطولته وشاركت فى كتابته واستكملت إخراجه بنفسها.. وفى عام 1933 قامت بإخراج فيلمها الثالث «كفرى عن خطيئتك» الذى لعبت بطولته وكتبته أيضًا.. أما «بهيجة حافظ» فقد لعبت دور البطولة فى فيلم «زينب» 1930 وأسست شركة للإنتاج السينمائى وأنتجت عدة أفلام صامتة وناطقة أهمها فيلم «ليلى بنت الصحراء» 1937.. أما «آسيا» فقد أسست شركة «لوتس» لإنتاج وتوزيع الأفلام واستحقت لقب سيدة المنتجين وكانت بكورة إنتاجها فيلم «غادة الصحراء» 1929 وقدمت للسينما المصرية مخرجين جددًا أصبحوا من الكبار مثل «بركات» و«حسن الإمام» و«عز الدين ذو الفقار» و«كمال الشيخ» وأنتجت من الأفلام التاريخية «شجرة الدر» و«أمير الانتقام» و«الناصر صلاح الدين» 1963.

لكن المفارقة المدهشة التى تستحق إلقاء الضوء عليها ومناقشتها هى أنه رغم ريادة المرأة للفن السابع فى بلادنا فانها -ومنذ بدايتها- لا تقدم فى السواد الأعظم من أفلامها المختلفة لشخصيات المرأة إلا باعتبارها راقصة لعوبًا تنصب شباكها لاصطياد ثرى أحمق تستولى على أمواله.. أو عاهرة تغرى بمفاتنها شابًا فتضيع مستقبله الواعد أو تتسبب فى دخوله السجن.. أو خادمة فاجرة تسرق زوج مخدومتها وتشرد أطفاله أو زوجة خائنة تستولى على أموال زوجها بتدبير عشيقها.. وهكذا.. فى تضاؤل واضح لنماذج من شخصيات نسائية فاضلة وبراقة وإيجابية تدعو إلى التبجيل والتقدير والاحترام.. لكن فى عصور التراجع الحضارى وتفشى الطيارات المتشددة تسيطر تلك النماذج الرديئة وتتطرف فى انحطاط يُساندها جمهور من شباب عشوائى يلوك لغة وضيعة.. ويتداولها فى جهل منتشر.. وهكذا تتوالى الصفعات والركل والإهانة والاحتقار للنساء التى تنحصر فى مجرد أنثى محرضة على الفجور.. ولابد درءًا للفتنة أن ترتدى أكفانًا متراكمة تخفيها عن العيون.. وتبعد شرها عن المؤمنين.. ذلا لا يعنى بالطبع أن صورة وضع المرأة فى السينما المصرية هى صورة قاتمة.. لكننا أيضًا بالطبع لا يمكننا أن نقول إنها صورة ساطعة.. ربما يرجع ذلك إلى -إضافة إلى الظروف الاجتماعية والتاريخية- أن السينما المصرية لم تحظ فى تاريخها الطويل سوى بعدد محدود جدًا من المخرجات وكاتبات السيناريو والمنتجات ظهرن على استحياء.. فلم يكن هناك منذ منتصف الثمانينات سوى إيناس الدغيدى ونادية حمزة ثم أسماء بكرى وساندرا نشأت ثم انضمت إليهن هالة خليل وكاملة أبو ذكرى ومعهن من الكاتبات مريم نعوم ووسام سليمان.. وإذا كانت إيناس ومعها نادية حمزة انشغلتا إلى حد كبير بما يمكن تسميته الدفاع عن قضايا وحقوق المرأة ورصد عورات مجتمع ذكورى يسعى دئمًا إلى إجهاض هذه الحقوق فإن إيناس استطاعت بجرأة وحرية كسر حواجز الحياء المفتعل أو الاستكانة الراضخة إلى أوضاع ظالمة ومتعسفة ضد المرأة وناقشت المسكوت عنه دون تردد أو تراجع (انظر مثلا فيلم عفوًا أيها القانون).. أما نادية حمزة فقد انحرفت إلى المبالغة فى رسم شخصيات الرجال بافتراض مسبق بسوء السلوك والاقتصار على الدوافع الجنسية الحيوانية التى تحركهم، فانتقص هذا التوجه من مصداقيته ومن عمق التناول لتلك القضايا التى تطرحها تلك السينما.. لأنه اختصر الرجال فى نموذج واحد شائه يُثير النفور والاشمئزاز ربما انتقامًا من قهر الرجل الطويل للمرأة ذلك القهر الذى عاشته فى كهف سحيق من الاستعباد والجهل أمة وجارية خلقت من أجل استغلال الآخرين وقهرهم لها.