مزايا وعيوب «دستور يونيو»!
شوقى عصام
تقف جموع الشعب المصرى فى انتظار دعوة الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، لطرح مسودة التعديلات الدستورية التى مكثت عليها لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى الذى كتب لنفسه شهادة ميلاد جديدة، بالوصول إلى هذه المسودة، التى وصفت بالأفضل فى التاريخ السياسى المصرى الذى شهد 8 دساتير، ومع التأكيد على ذلك فإن الدستور عبارة عن عمل بشرى لن يشهد الكمال، ولكن من الممكن أن يشهد تعديلات مستقبلية طفيفة على بعض المواد والنقاط البسيطة التى يأخذها البعض، حتى يتمكن المواطن من اتخاذ قراره بالتصويت بـ «نعم» أم «لا» بعيدا عن السلبية التى يعمل عليها التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المحظورة شعبيا وقانونيا بالمقاطعة.
بعض المواد القليلة التى تتطلب تعديلات مستقبلية قريبة، ليس الحديث عنها إبخاسا للمنتج النهائى الذى خرج من لجنة «الخمسين»، التى تدور عنه فى الكواليس أزمة فى الديباجة النهائية حتى مثول المجلة للطبع، وصلت إلى حد الاتهام بالتزوير تقدم للمواطن «القارئ»، لتكون خريطة مساعدة فى تفسير مواد الدستور من ناحية المميزات والعيوب، ليكون قادرا على اتخاذ القرار، فى ظل مواد أثارت جدلا، مثل مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتفسير المحكمة الدستورية لمادة الشريعة الإسلامية، وتقليل سلطات رئيس الجمهورية لصالح الحكومة والبرلمان، مما يجعله قريبا للمنصب الشرفى، وسط مخاوف بتسلل «الإخوان» بأكثرية إلى البرلمان، ومن ثم الوصول إلى رأس النظام مرة أخرى.
دستور «الخمسين» وضع العديد من المكتسبات، المستمد من ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وصحح أخطاء ووضع تحصينات للدولة ذاتها، وليس تحصينات لأشخاص كما تردد، أهم هذه المزايا ما جاء بالمادة الأولى بأن جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شىء منها- ونجد أن هذا النص تحصين للتراب الوطنى بأنه غير قابل للتقسيم بإقامة أقاليم صاحبة حكم ذاتى مثلا، ولا يتم التنازل عن جزء منها، وجاء هذا التحصين، كنوع من تعلم الدرس الذى عشناه فى حكم المعزول «محمد مرسى»، الذى امتزج حكمه بأحاديث حول إعطاء جزء من شبه جزيرة سيناء لإقامة دولة فلسطينية، يكون حكمها ذاتيا تحت إدارة فيدرالية مصرية، مثلما كان الحال مع قطاع غزة قبل حرب يونيو ,1967 ويمنع التنازل عن شبر واحد من الوطن، مثلما كان يتفاوض مرسى مع السودانيين على خروج مثلث حلايب وشلاتين من تحت يد الدولة المصرية، وهو ما كان واضحا بعدم رد المسئولين الإخوان فى عهد المعزول على المسئولين السودانيين حول ما وعد به، وهو ذاته ما خرج من مواقع الإخوان و«الحرية والعدالة» بنشر خرائط لمصر منزوعة من هذا المثلث.
ميزة أخرى قدمها منتج الخمسين، وهو ما نص عليه صراحة بتحقيق تكافؤ الفرص دون تمييز بين جميع المواطنين على أساس الدين أو اللون أو العرق أو العقيدة، وإذا نظرنا إلى هذه المادة نجدها نوعا من المسلمات ونتخيل أنها موضوعة فى الدساتير المصرية السابقة، ولكن تعديل الصياغة بشكل مثالى، جعلها تحمل الكثير من المكتسبات، والمكتسبات هنا تتعلق بالمسيحيين وسكان المناطق الحدودية، فهذه المادة تعيد حقا مباشرا للمسيحيين بتبوؤ جميع الوظائف المدنية والعسكرية، حيث كان يعانى المسيحيون من عوائق غير رسمية أو صريحة بعدم تقلد مناصب وظيفية بالمؤسسات السيادية مثل جهاز المخابرات العامة، والأمن الوطنى وهيئة الرقابة الإدارية أو تولى مناصب عليا فى الدولة مثل رئيس الحكومة، وهو الأمر الذى أصبح بقوة الدستور الذى يزيل أى قانون عنصرى كان مكانه الأدراج، ليخرج فى أوقات معينة ويختفى فى أوقات أخرى، ونفس الأمر كذلك لأبناء المناطق الحدودية مثل سيناء ومطروح، الذين كانوا مهمشين فى أداء واجباتهم فى مناصب حساسة داخل المؤسسات العسكرية أو المدنية، وذلك بحكم قوانين عرفية جاحدة !
ميزة جديدة فى إطار تنفيذ العدالة الاجتماعية، أحد مطالب ثورة 25 يناير، بتحقيق نوع من إعادة بناء الطبقات أو بمعنى أصح عمل أرضية جديدة لتصعيد الطبقة الوسطى التى تلاشت فى الـ 3 عقود الأخيرة، وذلك بالأخذ بنظام الضرائب التصاعدية الذى يأخذ من الغنى الذى يحصل على مكاسب كبيرة من خلال المناخ الاقتصادى الذى توفره الدولة، للإعطاء للفقير لخلق نوع من التوازن المجتمعى، لتحسين وتجويد الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق، وذلك بتصاعد تحصيل الضرائب على الدخل على الثروات الخاصة والأرباح.
فى سياق العدالة الاجتماعية أيضا وضع الدستور الخمسينى، مادة منضبطة فى الصياغة، كان قائمًا أجزاء منها بصياغة مائعة فى الدساتير الماضية، وذلك بحتمية أن يكون للعاملين نصيب فى إدارة المشروعات وفى الأرباح، وهو ما كان فى الماضى يتم التلاعب فيه بسبب عدم وضوح المادة التى حتمت ذلك، وعلى الرغم من هذه الميزة إلا أن القانون سينظم التعامل مع شركات القطاع الخاص فى هذا السياق.
ومن المزايا أيضا، إطلاق حرية العقيدة، فى الوقت الذى كانت هذه الحرية مقيدة مع دستور الإخوان، عبر المادة 219 التى كانت تفسر الشريعة الإسلامية، حسب أهل السنة والجماعة، وهو ما كان بمثابة شريعة مستوردة من الأفكار الوهابية، مما كان عائقا فى إطلاق حرية العقيدة، وعدوانا على عادات وتقاليد وظاهر المجتمع المصرى.
وامتدت المزايا أيضا إلى حظر مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام الأحزاب على أساس دينى، وهو ما جاء بأحزاب تخلط الدين بالسياسة مثل «الحرية والعدالة» الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب «النور» السلفى، وحزب «البناء والتنمية» الجناح السياسى للجماعة الإسلامية، لتكون السياسة بعيدة بكل ألاعيبها عن استغلال الدين فى الوصول إلى السلطة والمنصب، وعلى الرغم من أهمية هذه المادة إلا أن هناك مآخذ عليها، بعدم حظر ما أقيم من أحزاب دينية بعد ثورة 25 يناير، مما جعل الكثيرين يصفون عدم الحظر على الأحزاب السلفية بمثابة الصفقة.
وهناك مواد تحمل عيوبا وتتطلب تعديلات مستقبلية، فمن هذه العيوب التى جاءت فى الدستور هو عدم الذكر المباشر لمدنية الدولة، فى حين أن كثيرين من السياسيين والقانونيين، وجدوا عدم حتمية ذكر مدنية الدولة، لما يتمتع به الدستور من مواد تجعل مصر دولة مدنية بدون ذكر الكلمة صراحة، وذلك عبر مواد الحقوق والحريات ونظام الحكم وحظر إنشاء الأحزاب الدينية.
عيب آخر يتحدث عنه دعاة الدولة المدنية لتطبيق المساواة والمواطنة مع المسيحيين، وهو ما يتعلق بتفسير مادة الشريعة الإسلامية المعتمد على تفسير المحكمة الدستورية العليا، وهو التفسير الذى يجعل شهادة المسيحى غير معتد بها أمام ساحات القضاء، ولا يحرم على المسلم الخوض فى أعراض المسيحيين، لأن التفسير القائم على مناهج فقهية يتم اللجوء إليها، يجعل عقوبة الخوض فى الأعراض 80 جلدة بشرط أن يكون المقذوف مسلما، أما بالنسبة لدية الرجل القبطى فستكون نصف الرجل المسلم، ونفس الأمر للمرأة القبطية، وفيما يتعلق بقصاص القاتل عمدا، تكون العقوبة الإعدام بشرط أن يكون المقتول مسلما بمعنى أن من يقتل مسيحيا عمدا لا عقوبة له، وذلك بحسب خبراء دستوريين.
أكثر العيوب التى أثارت جدلا، ويطالب الكثيرون بتحسين صياغتها مع البرلمان الجديد، هى المادة الخاصة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وعلى الرغم من السيناريو التضليلى من الإخوان حول هذه المادة، التى روج لها بأن المحاكمات فى أى قضايا مدنية أو عسكرية للمدنيين ستكون أمام المحاكم العسكرية، وبتفسير هذه المادة التى تنص على أن القضاء العسكرى يختص دون غيره بالفصل فى جميع الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، فإنه حق أصيل للقوات المسلحة الدفاع بقوة الردع لحماية هذه العناصر، ولكن فى الحالة المصرية، وفيما يتعلق بكلمة «ما فى حكمهم»، فإن للقوات المسلحة أعمالا مهمة فى تحسين الأحوال المعيشية على المدنيين عبر محطات البنزين والأندية العسكرية التى تقدم خمات مميزة للمدنيين، ولكن فى إطار النفس البشرية المصرية، فإنه من المجحف أن يحاكم مواطن مدنى بالقضاء العسكرى فى حالة وقوع خلاف مع أحد العاملين فى هذه المنشآت العسكرية التى تتعامل مع المدنيين.
من المواد المثيرة للجدل الخاصة بعلاقة رئيس الجمهورية مع البرلمان الذى تخرج منه الحكومة، علاقة السلطات الثلاث ممثلة فى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب والحكومة، ولكن بالتدقيق والقراءة الجيدة، فإن الدستور أوجد نوعًا من التداخل لعدم وجود نوع من الانفراد بالسلطات، مما يمنع تحول الرئيس من موظف حكومى إلى إله أو ديكتاتور، كما هو معهود فى الأنظمة السابقة، حيث أعطى هذا الدستور الحق للبرلمان فى مساءلة ومحاسبة الرئيس، فضلا عن تقييد الدستور لأى تلاعب من التيار المسيطر على البرلمان الذى تأتى منه الحكومة، على أساس مصالح سياسية أو حزبية وذلك عبر الشعب الذى سيكون بمثابة الحكم بين هذه السلطات وليس رئيس الجمهورية كما عهدنا.
هذه العلاقة التى وضحت فى المواد (146 -ت 162)، نظمت نظام حكم منضبط، حيث يكون الرئيس صاحب السلطة فى اختيار رئيس الوزراء الذى يقوم بتشكيل الحكومة، ويقوم هنا رئيس الحكومة المكلف بعرض برنامجه على البرلمان، الذى يكون هنا صاحب سلطة فى الموافقة أو الرفض للحكومة الجديدة، وإذا رفض البرلمان إعطاء الثقة للحكومة بتولى أعمالها خلال 30 يوما، يتحرك الرئيس بسلطة جديدة مواجهة لسلطة البرلمان، سلطة تعطى مساحة ديمقراطية أكثر من كونها سلطة معطلة، حيث يكلف الرئيس، رئيسا للحكومة بترشيح من الأكثرية (الائتلاف السياسى الحائز على 50 ٪ + 1 من قوام البرلمان)، فإذا لم تحصل الحكومة على ثقة البرلمان خلال 30 يوما، وهنا نجد سلطة شبه معطلة، فيقوم الرئيس باستخدام سلطة أخرى تحولنا إلى السلطة الأعلى وهى السلطة الشعبية، حيث يقوم الرئيس بحل مجلس النواب، ولا يكون الحل هنا إلا عبر استفتاء، نظرا لحكم مادة سابقة وهى المادة 137 التى عممت حل مجلس النواب باستفتاء شعبى.
المادة 147 فى الدستور، استكملت رسم هذه العلاقة بين السلطات، حيث يحق لرئيس الجمهورية، إعفاء الحكومة من أداء عملها، بشرط موافقة أغلبية مجلس النواب (ثلثى الأعضاء) وهو ما يجعل الرئيس صاحب حق فى إدارة الدولة، ولكن هذا الحق له أصول ديمقراطية، هذه الأصول تتمثل بتدخل البرلمان بسلطاته، حسبما يرى من تردى طريقة عمل الحكومة أم أن الأمر لا يتعدى صراعا بين رئيس الجمهورية والحكومة، وفيما يتعلق بمحاسبة الرئيس، فأعطى الدستور الحق للبرلمان باتهام الرئيس بانتهاك أحكام الدستور أو الخيانة العظمى أو أية جناية أخرى بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، ليقوم بدوره النائب العام بالتحقيق فى قرار الاتهام، وبمجرد صدور القرار بوقف الرئيس عن عمله من جانب النائب العام، ليحل رئيس مجلس النواب كرئيس مؤقت للبلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال 90 يوما.
وتأتى بعد ذلك المادة ,161 التى تكمل صياغة العلاقة بإجازة سحب الثقة من الرئيس عن طريق مجلس النواب وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب مسبب وموقع من الأغلبية البرلمانية، ولا يجوز تقديم الطلب لنفس السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة، وفى حالة الموافقة على سحب الثقة من الرئيس، يطرح الأمر على استفتاء عام يحكم فيه الشعب باستمرار الرئيس من عدمه، وإذا رفض الشعب سحب الثقة أصبح مجلس النواب منحلا.
مكرم محمد أحمد أكد أن أهم مشكلة تواجه الدستور الجديد، هى التكلفة الاقتصادية العالية الخاصة بالارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية إلى الجودة، لأن ذلك معناه القضاء على كثافة الفصول الدراسية، وأن نجد المدارس حضارية ومنضبطة، ونفس الأمر للصحة فى المستشفيات والعلاج، لنجد لأول مرة فى مصر دستورا يراعى مستوى الجودة، ولذلك فأنا أشفق على الحكومات القادمة لأن وجود هذه الأشياء بنصوص دستورية، جعلها حقوقا يطالب بها المواطنون وذلك لن يتحقق إلا بتوفير مبالغ مالية ضخمة، ولذلك أقترح تنظيم مؤتمر اقتصادى لبحث كيفية توفير وسائل التمويل ببنود الدستور.
وتابع «مكرم»: باب الحريات جعل هذا الدستور من أعظم الدساتير بالنص على حق المواطن فى الضمان الاجتماعى، فضلا عن مواد نظام الحكم التى تعطى الحق لأول مرة للبرلمان بسحب الثقة بطريقة مباشرة من رئيس الجمهورية.
وأوضح مكرم أن البعض يأخذ على هذا الدستور ترسيخ حكم العسكر وإسقاط الشريعة الإسلامية، استنادا إلى 3 مواد، وهذا المأخذ يتم ترويجه من قبل الإخوان، الذين يعتمدون على المغالطة بأن هذا الدستور يحقق المساواة بين الرجل والمرأة وبالتالى فإنه يقوم بتغيير نظام الميراث، وذلك الأمر غير صحيح لأن هناك المادة الثانية التى تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، بالإضافة إلى مادة محاكمة المدنيين عسكريا، والتعميم هنا مغالطة كبيرة لأن المحاكمة العسكرية هنا تكون على أثر الاعتداء المباشر على المؤسسات العسكرية والأفراد والأسلحة، وفى إطار المغالطة أيضا ردد الإخوان أن إدراج ميزانية القوات المسلحة كرقم واحد فى الموازنة هو نوع من عدم الشفافية، ولكن الحقيقة أن هذه الموازنة تعرض على مجلس الدفاع الوطنى الذى يضم فى عضويته رؤساء لجان الخطة والموازنة والدفاع والأمن القومى بالبرلمان، أما كشف التفاصيل فى وسائل الإعلام فيعتبر إفشاءً للأسرار العسكرية.
«أحمد خيرى» عضو لجنة الخمسين، قال إن هذا الدستور أرسى مبادئ عالمية فى الحقوق والحريات والديمقراطية، حيث يحقق إرادة شعب مصر التى تجسدت عبر ثورات منذ عام 1919 حاملة ذات هذه المطالب التى استمرت حتى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، فهو دستور للمرأة والطفل والفقير ومتوسط الدخل، وأعطى حريات كبيرة فى الأديان السماوية وتنظيم دور العبادة وإرساء العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية والسياسية، وقدم بشكل واضح الضمان الاجتماعى فى المعاشات والصحة والإسكان، وهم أمور تلتزم بها الدولة.
وأكد أهمية ترسيخ حقوق العمال والفلاحين عبر 45 مادة، بإلزام الدولة بشراء المحاصيل بالسعر المناسب وبتحقيق هامش ربح، مع حظر الفصل التعسفى للعمال وتوفير عناصر السلامة والأمان والصحة المهنية، بالإضافة إلى خلق علاقة متوازنة بين صاحب العمل والعامل، والالتزام بإعانة بطالة وتوفير فرص العمل وتوفير التدريب الفنى والمهنى، وجعل التعليم إلزاميا إلى الثانوية العامة وليس إلى المرحلة الاعدادية كما كان فى السابق.
وأشار «خيرى» إلى أن دستور الخمسين عبر بشكل واضح عن الإسلام عبر مبادئ الشريعة الإسلامية، التى ستكون بمثابة الضابط لإطلاق الحريات والعدالة الاجتماعية فيما يخرج عن فكرة «كن حرا إن لم تضر»، فضلا عن وضع الدستور لنظام حكم عبقرى يجعل رئيس الجمهورية يحكم وعند الخطأ يتم عزله بقواعد لا يتم التلاعب بها، فضلا عن وضعه لآليات التعاون بين البرلمان والرئيس فى القرارات الاستراتيجية وتشكيل الحكومة وإسقاطها، مع وجود آليات لتعديل الدستور بتقديم المقترح التعديلى من خمس الأعضاء ليأخذ دورته بأغلبية ثلثى البرلمان، ثم الخروج إلى الاستفتاء الشعبى، مع التزام الدولة بتطبيق ما تعهدت عليه فى المواثيق الدولية بمجرد الموافقة البرلمانية.
عاطف مخاليف - عضو جبهة الإنقاذ، أكد أن دستور الخمسين، لم تشهد مصر ما جاء فيه من حقوق وحريات ونظام سياسى ديمقراطى ,منذ أول دستور عام 1882 فى عهد الخديو توفيق، ثم دستور 1923 ودستور 1930 ودستور 1954 الذى لم يكتب له الحياة بسبب الصراع على السلطة التى فاز بها جمال عبدالناصر، والدستور المؤقت عام 1956 ، ودستور 1971 ودستور 2012 الذى وضعته جماعة الإخوان المسلمين.
وقال مخاليف: الدستور فى مجمله هو الأفضل فى تاريخ مصر، ولكن هناك تناقضات بسيطة، لحين مجىء مجلس النواب صاحب السلطة فى تعديل الدستور ومرور المرحلة الانتقالية، وأهم هذه التناقضات جاءت بسبب وجود قانون التظاهر الجديد، الذى سيسقط بمجرد العمل بالدستور الجديد، وكل من تم القبض عليه بموجب هذا القانون سيحصل على براءة مع هذا الدستور، الذى يعطى حق التظاهر، لا سيما أن الدستور يحظر أى قانون يعطى الحق للشرطة بمواجهة التظاهرات بالفض العنيف، وعلى الرغم من أن هذا القانون ظالم، ولكن الاظلم هو إرهاب الإخوان.
وتابع : نجد من أهم التناقضات، هو وجود مواد تميز صفة العامل والفلاح والمرأة، وذلك فى الوقت الذى جاءت فيه المادة 53 التى تؤكد أن المواطنين لدى القانون سواء فى الحريات والواجبات بدون تميز على أساس الدين أو العقيدة أو الأصل أو الإعاقة.
وأوضح مخاليف أن من أهم مزايا الدستور، هو عدم وجود مادة لتقسيم مصر مثلما جاء فى دستور 2012 الذى مكن أيضا جماعات بفرض الوصاية على المجتمع، مثل جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، قائلا: فرق السماء والأرض بين دستور قائم على أهداف ومرجعيات خارجية مثل إقامة حكم ولاية الفقيه على الطريقة الإيرانية فى الوقت الذى أعطى فيه دستور 2013 حرية شبه مطلقة، مع عمل هذا الدستور على ازدهار الإنسان المصرى عبر مواد عدة أهمها، القضاء فورا على الأمية الهجائية والجديد فى الأمر القضاء على الأمية الرقمية.
وقال «مخاليف»: إن هذا الدستور أعاد مادة الشريعة الإسلامية إلى نصاب الدين الإسلامى الصحيح البعيد عن الاعتماد على تفسيرات لكل من يطلق على نفسه عالم دين أو استيراد دين بأفكار رجعية متشددة ليست من الإسلام الذى يحمى المسيحيين كما عهدنا من الرسول عليه الصلاة والسلام، بالغاء المادة .219