الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1/2.. زاد الرقم إلى «72» وضاع مذاق «برلين»!!

كلمة و 1/2.. زاد الرقم إلى «72» وضاع مذاق «برلين»!!

أعلنت قبل 48 ساعة جوائز مهرجان برلين وسط شبه غياب كامل، من الجمهور، أكتب كلمتى بسبب ظروف النشر، قبل معرفة النتائج، فى تلك الدورة التى حملت رقم «72»، وبعيدًا عما تثيره عادة النتائج، ما بين مؤيد إلى حدود الهتاف للجنة التحكيم، والمطالبة ببقائها مدى الحياة، ومستهجن مشككًا فى توجهها ومطالبًا بإسقاطها فورًا، هذه التناقضات فى الرؤية تظل من طبائع التقييم الفنى، الذى مهما وضعنا له من قواعد ومحددات فالأمر يخضع فى جانب كبير منه للذوق الشخصى، لا تصدقوا أن الموضوعية والقواعد الصارمة هى وحدها التى تملك مفتاح التقييم، هناك بالطبع معايير، ولكن الإبداع يأتى ليهدم قاعدة مستقرة ليبنى على أطلالها إبداعًا آخر، ولو أعدت تشكيل لجنة تحكيم - أى لجنة تحكيم - لحصلت بالضرورة على نتائج مغايرة.



‎ليست هذه هى قضيتنا ولا هذا هو موضوعنا، ولكنى هذه المرة أريد أن أحدثكم عن قيمة أراها تقف دائما وراء تلك الصورة المبهرة للمهرجانات وخاصة «برلين»، إلا أننى افتقدتها تمامًا هذا العام، إنه الجمهور الصانع الأول لهذا الشغف الذى يمنح المهرجان خصوصيته، كما رأيتها بين عشرات المهرجانات، ولو أحلت المشاعر إلى رقم لاكتشفت أن الإقبال الجماهيرى كان يصل فى قبل ذلك إلى نصف مليون مشاهد، هذه المرة كثيرًا ما دخلت دار العرض واكتشفت أن المقاعد خاوية، صحيح أن القاعدة المطبقة هى ألا تزيد كثافة الجمهور عن 50 فى المئة من القدرة الاستيعابية لدار العرض، واقعيًا رأيت الجمهور لا يتجاوز ربما 10 فى المئة فقط من القدرة الاستيعابية للقاعة، تكرر ذلك العديد من المرات.

‎عندما أعقد مقارنة بين مهرجانى «كان» و«برلين» أقول لكم بضمير مستريح أن الجمهور فى «كان» فى العادة لديه هذا الشغف بأفلام المهرجان، ولكنه يعشق أكثر رؤية النجوم، وهكذا يتم مطاردتهم من الفندق إلى السلم فى قاعة «لوميير» الكبرى المطلة على شاطئ «الريفييرا» الساحر، هناك من يستيقظ مبكرًا ليحجز لنفسه مكانًا خاصًا قريبًا من السجادة الحمراء فى انتظار أن يرى فى المساء نجمه أو نجمته المفضلة، في«برلين» هذا الشغف قائم بالطبع ولكن تدافع الجمهور لأفلام المهرجان يسبق شغفه بالنجوم.

 الوجه الآخر للصورة وهو ما نراه فى العديد من المهرجانات العربية وخاصة المقامة فى مصر، تكتشف أنها لعدد من النقاد والصحفيين القاهريين، بينما الجمهور غائب تمامًا، اين الناس أقصد أصحاب الحق الأول فى إقامة المهرجان؟ لن تعثر عليهم إلا فى ما ندر، مهرجان «القاهرة» فى الدورات الأخيرة حاول مد الجسور مجددًا مع الجمهور، ونجح فى تحقيق هذا الهدف، كما أن مهرجان «أسوان» لديه تواصل ملحوظ فى هذا الشأن مع شباب أسوان، إلا أننا لا نزال نتطلع إلى إقبال أكبر.

أتذكر قبل 35 عامًا كانت الحالة مختلفة تمامًا فى مهرجان «القاهرة»، حيث إن الشغف الجماهيرى كان صاخبًا، وتردد وقتها تعبير «قصة ولا مناظر»، كانوا يقصدون الفيلم الذى به مشاهد جريئة، وسمحت به الرقابة، فهو إذن مناظر، أما القائم على فكرة فهو قصة ولن يشاهده أحد، تلاشى تقريبًا كل ذلك فى السنوات الأخيرة، فلا قصة ولا مناظر تثير اهتمام الناس.

هذه الدورة فى «برلين» فقدت شغف الناس، شعرت حقًا أن قرار إقامة المهرجان واقعيا مع كل تلك القواعد الاحترازية لعب دورًا سلبيًا، وخصم الكثير من معنى المهرجان، الإعلام العربى غاب تقريبًا، لم أجد أحدًا من الزملاء المصريين والعرب الذين كان وجودهم يشكل بالنسبة لى ملامح المهرجان، كما أن الإعلام الأوروبى، ندر تواجده، وهكذا فقد المهرجان الكثير من الألق، وصارت الدورة مجرد إضافة رقم من عمر المهرجان، وصل فيها إلى الدورة رقم «72» فقط لا غير!!