الأحد 6 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
عكس الاتجاه.. بيت من لحم.. ولا يزال

عكس الاتجاه.. بيت من لحم.. ولا يزال

ليست مكايدة دينية أن نستعرض وننشر هُنا حكاية «Timothy Oluwatimilehin» رجل الدين النيجري الذى مارس الجنس مع الأم وابنتيها فى وقت واحد بعد أن حجزهن بحجرة فى دار العبادة بولاية Ogun، وهى بالمناسبة الحكاية التى قتلتها نشرًا هذا الأسبوع كل الصحف والمواقع الأوربية والأفريقية، تلك الصحف والمواقع التى لم تجد غضاضة فى فضحه والاحتفاء بالحكم عليه بالسجن مدى الحياة، فالقس له سوابق جنائية عدة: فقد اتُهِمَ باغتصاب عجوز عمرها 85 عاما فى النيجر، وهو مُتهم فى إحدى قضايا الاتجار بالبشر  فى دولة جنوب أفريقيا. نعم هى ليست مكايدة دينية، كما أنها ليست مناظرة بين الأدب والواقع وأيهما أسبق وأيهما أصدق، هذا لو استحضَرَتْ ذاكرتُنا قصة (بيت من لحم) ليوسف إدريس والتى صدرت عام 1971 أيام أن كان للأدب نوافذ وعيون ويستطيع النفاذ وبجرأة لأكثر الأماكن صلابة.



(بيت من لحم) القصة القصيرة التى تحكى ذات الحكاية عن رجل الدين المسلم الذى تزوج الأم ونام مع بناتها الثلاث برضاهن وعِلْمهن - برضا الأم والبنات والشيخ الأعمى- جميعهم. وهى القصة التى تحمل عنوان المجموعة القصصية والتى كانت سببًا فى شهرة يوسف إدريس، وفي القصة كتب شيخ القصة القصيرة  (الخاتم بجوار المصباح، الصمت يحل فتعمى الآذان، فى الصمت تتسلل الأصبع، يضع الخاتم.. في صمتْ أيضًا يطفأ المصباح، والظلام يعم، في الظلام أيضًا تعمى العيون، الأرملة وبناتها الثلاث، والبيت حجرة، والبداية صمت) نعم هى ليست مكايدة دينية، كما أنها ليست مناظرة بين الأدب والواقع، وهى ليست «تلسينًا على «يوسف إدريس» القصاص الأعظم والمثقف الأكبر باعتبار قصته الأشهر (بيت من لحم) قد اقتبسها أو استلهمها أو تأثر بقراءتها من إحدى قصص ألف ليلة وليلة فى الجزء الرابع وعنوانها (حكاية الحمال والثلاث بنات) وتحكى عن حمال (شيّال) يعيش فى بغداد أيام حكم «هارون الرشيد».. وقد وقع الحمّال فى ذات اليوم والتو  واللحظة فى غرام ثلاث بنات - وأمهن- كانت البنات الثلاث أخوات رائعات الحُسن والدلال، وعشقت البنات كلهن الرجل وعرضٌن على والدتهن أن تتزوجه وتزوجته،ثم كان ما كان بين الأربعة جميعهن معه، إذ تناوبت الفتيات ارتداء خاتم زواج الأم لينمن مع الحمال واحدةً تلو أخرى ولما عرفت الأم بأمر بناتها وزوجها صَمَتَت.. لم تفعل شيئًا سوى الصمت.

هنا نستطيع أن ندرك صعوبة وضع تاريخ حقيقى إنسانى لتشابه قصة (بيت من لحم) مع الأزمنة والأمكنة منذ أن خُلِق الكون، فمن يعرف تاريخ ألف ليلة وليلة أو حتى مكانها رغم تدوين الأمكنة والتواريخ بداخل حكاياها الألف؟ ألف ليلة وليلة هى قصة البشر دون قناع أو كذب.

لذا، لا هى مكايدة و لا هى تلسين لكنها الحياة حين نُخرجها من الكادر الضيق الخانق الكاذب للبراح الإنساني الواسع اللا محدود، وننزع هالة و«غَيَامة» وقداسة مصنوعة عن بشر (استوظفوا فى الاشتغال بالدين)، فالقس النيجيرى «تيموثي» قال للمحكمة أن المرأة كانت تشتكى سوء معاملة زوجها فى الاعتراف له، فظنها تريد مواقعته، وبالمرة قام بممارسة الجنس مع بناتها، والغريب أيضًا فى الحكاية النيجيرية أن الزوج هو من قام بإبلاغ الشرطة.

ثمة أمر مهم هنا يجب العروج عليه وهو الوضع النيجيرى الحَرِج، فالبلد الأفريقي الكبير قبل السبعينيات - انظر دلالة الحقبة - من القرن الماضي كانت بلادًا تعددية وتعيش الأعراق والديانات كلها فى وئام وسلام حتى اخترع الغرب والأمريكان لها «بوكو حرام» لتفتت البلاد الغنية بمعادنها وتراثها ووئامها وتقدمها، فاخترع لها بوكو حرام وأخواتها تفتى فى الدين وتقتل وتروع وتخطف البنات وتأمر بارتداء غطاء الرأس لجميع الفتيات، فانفصل المسلمون بالشمال وانفصل المسيحيون بالجنوب، تقريبًا نسبة السكان المسلمين - معظمهم سنة على مذهب الإمام «مالك»  50 % - بينما يبلغ تعداد المسيحيين  48 %، ومنذ أن كثرت بينهما النزاعات والحروب والبغضاء تخلفت البلاد بثقل جهلها وأوزارها، ولم يمنع هذا الوضع رجالات الأديان من أن يرتكبوا كل صنوف  المعاصى!