الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1/2.. مهرجان «برلين» ومهرجان محمد رمضان!!

كلمة و 1/2.. مهرجان «برلين» ومهرجان محمد رمضان!!

أعيش فى أجواء مهرجان «برلين» المليء بالأفلام والقضايا، تستطيع أن ترى فى المهرجان كل الأطياف والتوجهات السياسية، وهى تعبر عن نفسها بحرية، بينما فى مصر نعيش فقط ليس فى مهرجان واحد؛ ولكن فى «مهرجانات» وأعنى بها تلك الأغانى الشعبية التى انتشرت فى السنوات الأخيرة، وصارت هى العنوان الأكثر بروزًا وسيطرة على مزاج الناس،  فهى الغناء المفضل، لدى قطاع ضخم من الجمهور،  بينما قرار المصادرة الذى يخاصم ليس فقط قانون العدالة، ولكن قانون الحياة، لا يزال له الكلمة العليا، نقيب الموسيقيين هانى شاكر والنقابة وجزء من كبير من المجتمع لا يرى حلًا سوى الإقصاء؛ بل والسجن أيضًا لمن يخالف التعليمات، بعد أن خفتت توابع «بنت الجيران» وباقى أفراد العائلة، هبت أغنية «الغزالة رايقة» ليتغير المؤشر ولا تستطيع النقابة أن تحرك ساكنًا، ويأتى قبل أيام فيديو محمد رمضان «الثانوية العامة» ليحقق أرقامًا قياسية، وتظل نقابة الموسيقيين فى حالة يرثى لها، كلما أغلقت باب وجدت عشرات الأبواب.



فعل المصادرة الذى تلوح به النقابة، بات بمثابة «حجة البليد» فهو أشبه بمسح «التختة»، ولكن سرعان ما يكتب شيء آخر، كثيرًا ما تعرض المطربون والمطربات وعلى مدى التاريخ للمصادرة، حتى الكبار منهم، تعددت الأسباب، والمنع واحد، لديكم مثلا أغنية فريد الأطرش الشهيرة  «يا عواذل فلفلوا»، اعتبرها النحاس باشا رئيس وزراء مصر الأسبق عام 1951 لا تليق بموسيقار كبير وصادرها،  لديكم أيضًا الموسيقار الرصين رياض السنباطى، لحَّن لشادية بكلمات حسين السيد «أحب الوشوشة»، تحرجت الإذاعة المصرية فى إذاعتها بسبب فعل «الوشوشة»، أحيانًا تغيُّر التوجه السياسى يؤدى للحجب، لديكم قصيدة «رسالة إلى الزعيم» كتبها نزار قبانى ولحَّنها السنباطى وغنتها أم كلثوم فى أعقاب رحيل عبدالناصر بساعات، ثم طلبت السلطات من أم كلثوم، تلبية لرغبة الرئيس أنور السادات، عدم غنائها، وكان عبدالناصر قد سبق وأن منع كل الأغنيات التى تذكر اسم الملك فاروق من التداول مثل قصيدة «الفن»، ومع الزمن ومع اختفاء الظروف تم تداول كل هذه الأغنيات.

تلعب أحيانًا المعادلات الاقتصادية الدور المحورى، بات مطربو المهرجانات هم الأكثر طلبًا فى الأفراح سواء أقيمت فى الشوارع أو فى فنادق 7 نجوم، بينما جيل قديم من المطربين أصبح خارج نطاق الخدمة. هل المشكلة فى سيطرة ما يعرف بـ«المهرجانات»؛ أم إن الجيل الأسبق توقفت بعدد كبير منهم عقارب الزمن. على المقابل لا يزال مثلًا عمرو دياب وأنغام ونانسى وكاظم وتامر وإليسا ومنير وغيرهم مطلوبين. أغانى المهرجانات مع تعدد أنماطها حققت أرقامًا ضخمة فى السوق، وعلى المقابل، استطاع عمرو دياب بشريطه الأخير أن يتجاوزها رقميًا، لأنه ببساطة أدرك كيف يقرأ شفرة «التواصل» مع جمهور هذا الزمن.

محاولات مطاردة نوع من الأغانى ستسقط مع الأيام،  فلا يمكن أن تتحدى وجدان الناس، لا يوجد قرار يعاقب فقط المطرب؛ ولكن يعاقب الجماهير أولًا، بينما هم مطلوبون خارج حدود الوطن فى العالم العربى وأيضًا أوروبا وأمريكا، فهل الجميع يتآمرون على الفن المصرى الرصين.

على مدى الزمن تورطت النقابة والأجهزة الرسمية فى معارك مماثلة لحجب أغانٍ أو مطربين، مثلما حدث فى نهاية الستينيات مع أحمد عدوية، بعد أغنية «السح الدح إمبوه» ثم صار عدوية الآن يمثل فى الذاكرة الجماعية، الغناء الشعبى الأصيل، وهو ما تكرر مع شعبان عبدالرحيم فصارت أغنيته «بأكره إسرائيل وبحب عمرو موسى» هى الأولى فى التداول، وبعد رحيله شاركت كل الفضائيات والإذاعات الرسمية فى وداعه، تلك هى الحكمة التى لم ولن يدركها حزب المصادرة، وسينتصر فى نهاية الأمر الغناء الذى يخاطب وجدان الناس، حتى لو كانت مجرد أغانٍ للترفيه والضحك والفرفشة، فلا بأس، ولكم فى عنقى الأسبوع القادم إطلالة فى تلك المساحة على مهرجان «برلين»!!