الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
متى تتخلى المنظمة الأمريكية عن التسييس والتحيز وانعدام المهنية؟ الحريــة بلا مسئولية فســـاد فى الأرض

متى تتخلى المنظمة الأمريكية عن التسييس والتحيز وانعدام المهنية؟ الحريــة بلا مسئولية فســـاد فى الأرض

الحرية هى حجر الأساس فى منظومة حقوق الإنسان، فالإنسان حر ما دام لم يؤذِ الآخرين، والإيذاء لا يعنى استخدام العنف البدنى فقط، بل ربما يكون الإيذاء اللفظى والاغتيال المعنوى أخطر على الإنسان وعلى صحته النفسية وعلى أسرته ومحيطة الاجتماعى.



 

المتابع لوسائل التواصل الاجتماعى يجد أنها تحولت إلى ساحة اغتيال معنوى للشخصيات العامة والإعلاميين والفنانين والمثقفين، وتحديدًا من هم على النقيض من أفكار التنظيمات الدينية المتطرفة، والتى يتضح مع الوقت امتلاكها للجان إلكترونية تحولت إلى كتائب إعدام معنوى لكل من وقف ضد الجماعة وأفكارها وكل من يمارس حقه فى الاختلاف أو أخيرًا ضد الفن وحرية والإبداع.

وتحولت حسابات الفنانين الشخصية إلى مصدر إيذاء للفنانين وأسرهم واختلط فيها ما هو نقد فنى مقبول إلى تطاول واغتيال معنوى شرس تشم فيه رائحة الانتقام من الفن نفسه أو التشفى فى مصائب الناس، وكان ما حدث مع الإعلامى الكبير وائل الإبراشى من جانب المحسوبين على الجماعة على مواقع التواصل وفى القنوات المعادية لمصر أمرًا مشينًا ووصل بهم الوقاحة إلى أن يروا فى الموت عقابًا إلهيًا لمن تصدى لخطر الجماعة، وهى محاولة فاشلة جديدة من الجماعة الإرهابية للسطو على الإسلام والحديث باسم السماء.

الجماعة التى تتحدث باسم الدين تناست أن الموت كتاب مؤجل علمه عند الله تبارك وتعالى وهو مصير كل الكائنات، ولا يجوز فيه التشفى، لكن قطعان الجماعة على السوشيال ميديا لا تعرف ذلك ولا تتوقف أمام لحظة الموت بإجلال يليق بالمشهد، لا تأخذ الدرس والعبرة، ولا تفكر فى حسن الخاتمة وتنهش أجساد كل من خالفها فى فعل غير إنسانى يقدم الدليل الدامغ على أن الجماعة حولت أتباعها إلى وحوش لا تعرف معنى الإنسانية.

تحاول الجماعة أيضًا إرهاب الفن والفنانين، وتنتظر أى مشهد أو لقطة أو دور لتفتش فى النوايا وتلوى الحقائق من أجل اغتيال الفن أو الفنانين، بل تسحب تلك الأعمال الفنية على المجتمع وأن أى مشهد خارج يمثل مصر فى غياب الجماعة باعتبارها حارس الدين والأخلاق فى المجتمع.

معروف عن الجماعة الإرهابية أنها ضد الفن والإبداع فى المطلق، لكنها لا تظهر ذلك الوجة إلا على وسائل التواصل الاجتماعى، بينما الجماعة نفسها تقدم نفسها للغرب على أنها منفتحة وتحاول خداعهم من أجل استمرار دعم بعض المنظمات الدولية للجماعة.

بشكل عام تحتاج السوشيال ميديا إلى وقفة جادة وقانونية لوقف عمليات الاغتيال المعنوى المستمرة ضد حسابات الإعلاميين والفنانين والشخصيات العامة، صحيح أن على الشخصية العامة الانتباه لتصرافتها واختياراتها وانحيازاتها التى تفصح عنها على مواقع التواصل الاجتماعى، وأن الحياة الشخصية ليست ملك الشخصية العامة، وجواز نقدها وتتبع أخبارها، لكن دون أن ننسى أنهم بشر من لحم ودم ولديهم أسر تتأثر بما يكتب، خاصة أن حساباتهم تعج بالسب والقذف والتعدى على الحرمات فى كثير من الأحيان، وهو ما أراه جريمة تستدعى التصدى لها وفق القانون.

وإذا انتقلنا إلى المواطنين العاديين سنجد جرائم مثل التنمر الرقمى والابتزاز الإلكترونى، وهى جرائم لا يعرف المواطن العادى كيف يتعامل معها وكيف يطلب مساعدة الأجهزة الأمنية فى التصدى لها.

وتمتلك مصر منظومة قانونية هدفها مكافحة جرائم الفضاء الإلكترونى، وأصدر قانون لمكافحة جرائم تقنيات المعلومات، حيث اهتم القانون بالجريمة الإلكترونية ووضع جملة من العقوبات لتأمين الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى ونصت المادة 18 من القانون على أن جريمة الاعتداء على البريد الإلكترونى أو المواقع أو الحسابات الخاصة، يعاقب بشأنها بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من أتلف أو عطل أو أبطأ أو اخترق بريدًا إلكترونيًا أو موقعًا أو حسابًا خاصًا بأحد المواطنين.

وحال وقعت الجريمة على بريد إلكترونى أو موقع أو حساب خاص بأحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين.

وفيما يخص الجرائم المتعلقة باصطناع المواقع والحسابات الخاصة والبريد الإلكترونى، وحسب المادة 24 يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين كل من اصطنع بريدًا إلكترونيًا أو موقعًا أو حسابًا خاصًا ونسبه زورًا لشخص طبيعى أو اعتبارى.

وإذا استخدم الجانى البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع فى أمر يسىء إلى من نسب إليه، تكون العقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، وإذا وقعت الجريمة على أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه.

أما الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع، وحسب المادة 25، فيعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.

ووفقًا للمادة (26) يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة مقاطع شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

وتعامل القانون بشكل واضح مع المحتوى المنافى للآداب الذى انتشر الفترة الماضية عبر بعض تطبيقات التواصل الاجتماعى، وكذلك مواد التحريض على العنف أو حتى الفسوق، وأقر القانون عقوبة بعد أن كان هذا النوع من الجرائم لا يوجد نص تشريعى يتعامل معه فى القانون المصرى.

وتنص المادة 25 الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.

رغم تنوع أطر وأشكال الجريمة التى يتعامل معها القانون، فإنه تعرض لانتقادات عديدة بسبب المفهوم الفضفاض لمعنى القيم الأسرية، وهو ما يمكن أن يشكل قيدًا على حرية الإبداع وتعدد عقوبات الحبس وقيم الغرامات الكبيرة مادياً والتوسع فى الحجب.

ربما تكون تلك الانتقادات فضلاً عن التطورات الجديدة وحاجتنا إلى تثقيف المواطنين بحقوقهم على مواقع التواصل الاجتماعى والتوسع فى نشر ثقافة حقوق الإنسان والحديث عن الحد الفاصل بين حرية التعبير والسب والقذف والاغتيال المعنوى، وأعتقد أنها عملية يجب أن يشارك فيها المجتمع المدنى فى عامه وأن نرى اجتهادات من جانب منظمات حقوق الإنسان من أجل التصدى لهذه الجرائم الأخلاقية المتكررة والتى تحول حرية التعبير إلى لفظ سيئ السمعة يفسد فى الأرض ولا يصلحها.