الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
متى يتوقف الغرب عن الاستعلاء بالقدرة وتدمير الدول بأوهام الديمقراطية المعلبة؟ قمــة حقوق الإنسان.. فى منتدى الشباب

متى يتوقف الغرب عن الاستعلاء بالقدرة وتدمير الدول بأوهام الديمقراطية المعلبة؟ قمــة حقوق الإنسان.. فى منتدى الشباب

أحدث الاستخدام السياسى لمفهوم ومبادئ حقوق الإنسان تغييرا فى زاوية النظر إلى معانيها الإنسانية السامية وحولها إلى عملة ذات وجهين أحدهما مضىء والآخر مظلم، الأول هو إعلاء قيمة الإنسان ودفع الحكومات إلى العمل من أجل توفير حياة كريمة للإنسان تستجيب لاحتياجاتهم لكنها لن تستطيع بالضرورة الاستجابة لتطلعاتهم، فهناك فرق بين حصول الإنسان على مسكن آدمى ووظيفة ملائمة وذلك حق وبين حصوله على شقة فاخرة ووظيفة مرموقة، وذلك تطلع يحققه الإنسان لنفسه ولذاته، وإن كان على الدولة أن توفر المناخ الصحى للتنافس الإنسانى عبر مكافحة فعالة للفساد ومنع التمييز ضد أى فئة.



 

لسبب أو لآخر تتحاشى الدول الغربية والمنظمات الدولية التطرق إلى الوجه المظلم لحقوق الإنسان والذى اتضح خلال أزمة جائحة كورونا والتمييز  فى عملية تلقى اللقاحات وغرق المهاجرين وطالبى اللجوء أمام شواطئ أوروبا أو المجاعة الموجودة بين المهاجرين من دول أمريكا الوسطى باتجاه الولايات المتحدة وأخيرا إطلاق هولندا للكلاب ضد المتظاهرين ضد قرارات الإغلاق مما تسبب فى إصابة العديد منهم وسط صمت مرعب من المنظمات الدولية التى تتحاشى الحديث عن حقوق الإنسان فى دول الشمال بينما لا تتوقف عن قصف دول الجنوب النامية لدرجة تؤكد الاعتقاد بأن حقوق الإنسان تحولت إلى سلاح فى يد دول لوقف تقدم دول أخرى تكافح للخروج من دوائر الفقر والعوز الجهنمية.

إلا أن منتدى شباب العالم ناقش القضية بشجاعة نادرة ووضعها على مائدة الأجيال الجديدة وتحول المنتدى عبر ورش العمل والجلسات العامة إلى شكل من أشكال اجتماعات القمة حول قضية الإنسان وحقوقه وتحدث المشاركين بحرية وجرأة فى كل الملفات المسكوت عنها وتحديدا ما تسبب فيه غياب التعاون الدولى من انتهاك للحق فى الحياة ضد الفقراء خلال الجائحة.

لم يضع المنتدى أى سقف لحرية التعبير خلال النقاشات، بل إن جلسة محاكاة اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة شهدت انتقادات عنيفة لملف مصر فى حقوق الإنسان خلال حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى إشارة لجدية مصر فى التعامل مع تحديات حقوق الإنسان وأنها تسمع أصوات الجميع ولديها الرغبة الدائمة فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، دون تنازل عن حقها فى تصويب ما هو خاطئ أو التنويه بأن ما تتحدث المنظمات المسيسة محض هراء لا يعكسه واقع حال حقوق الإنسان فى مصر.

لقد كانت أچندة المنتدى حقوقية بامتياز، ناقشت قضية التغيرات المناخية وقضية السلام العالمى وضرورة إنهاء النزاعات، مكافحة الفقر وتأثيرات الجائحة، التحول الرقمى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكلها قضايا تمس كل أجيال حقوق الإنسان ثم كان مسرح شباب العالم ساحة إبداع واسعة تمارس فيها الفرق الفنية من كل العالم حرية الرأى والتعبير.

لقد دشن المنتدى بداية قوية لعام المجتمع المدنى الذى أعلن عنه الرئيس السيسى خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وفتح المجال أمام كل المبادرات الشبابية إلى العمل والشراكة فى المشروعات التنموية فى مصر وخاصة مشروع حياة كريمة الذى كشفت المناقشات الجانب الحقوقى فيه، فهو مشروع يتعامل مع منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وأهداف الألفية وتوفيرها للمناطق المهمشة والتى عانت لسنوات من غياب التنمية بينما تسعى الدولة بالشراكة مع المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية من خلال المشروع إلى ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة فى تلك المناطق والتعامل الجاد مع البناء العشوائى على الأراضى الزراعية وتبطين الترع بما يتلاءم مع توجه مصر نحو الحفاظ على المياه النظيفة وترشيد استخدامها.

والتوسع فى مشروعات الطرق والنقل لتقليل الزحام والأزمات المرورية وتأثيراتها السلبية على البيئة نتيجة الانبعاثات الضارة الناتجة عن توقف السيارات لفترات طويلة، وكذلك الحديث عن اتجاه مصر إلى التحول إلى مركز للطاقة النظيفة أو ما عرف بالهيدروجين الأخضر واستخداماته المتعددة.

وتظل الأزمة السكانية من الأزمات المؤرقة لكل الدول النامية، الزيادة تلتهم أى عوائد للتنمية وتضغط على الحكومات بعنف من أجل توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن من مأكل ومسكن وفرصة عمل ورعاية صحية وتعليم وغيرها فضلا عن ما قد ينشأ من أزمات ربما تكون مدمرة إذا انهارت قدرة التلبية على توفير تلك المتطلبات وهو ما يضعها على سلم أولويات الاهتمام فى الدولة المصرية والتعامل معها باعتبارها قضية أمن قومى.

هذه النقاشات الجادة والثرية استمع لها 5000 شاب يمثلون كل دول العالم تقريبا، وخلال المؤتمر اشتركوا فى نقاشات ثنائية وتشكلت لديهم رؤية للمستقبل تنطلق من التجربة المصرية وتعبيرها عن عشرات الدول النامية الحالمة بالهروب من دوائر العوز والنجاة من مؤامرات التخريب التى تستخدم فيها حقوق الإنسان.

وأتصور أن المنتدى وعبر توصياته وضع أمام المؤسسات الدولية مجموعة من الأسئلة الصادقة والتى تمس فى الصميم مصداقية توجه العالم نحو ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وهى:

1 - متى يعالج العالم القصور الموجود فى أداء مؤسسة الأمم المتحدة خلال الأزمات العالمية وآخرها جائحة كورونا وراح ضحية غياب التعاون الدولى أرواح ملايين البشر؟

2 - متى تتوقف الدول الكبرى عن الاستعلاء وفرض نموذجهم الخاص بالديمقراطية المعلبة وحقوق الإنسان على باقى الشعوب، وأن يتفهموا أن قبول الاختلاف هى روح الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فالبشر لن يكونوا نسخًا متماثلة من بعضهم لبعض؟

3 - هل الغرب صادق فى دفاعه عن حقوق الإنسان بينما يلقى الآلاف من البشر حتفهم غرقا والموت جوعا فى محاولة اللجوء إليه أو فى معسكرات اللاجئين؟

4 - متى يتوقف عن دعم دعاة الخراب والدمار فى الدول النامية والذين يستخدمون حقوق الإنسان فى الترويج لأفكار الفوضى والإرهاب والقتل عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى؟

5 - متى يقتنع الغرب بأن التدخل فى الشئون الداخلية للدول وتهديد الأنظمة كان سبب لتدميرها وسقوطها ومن ثم تدمير الاقتصاد وزيادة رقعة الفقر والمرض، وأن التذرع حقوق الإنسان يشوه منظومة الحقوق والحريات وأن الدول لها سيادة يجب احترامها، وأن تقوية واحترام الدولة الوطنية هى حق للجميع وليست أمرًا مقصورًا على الغرب فقط؟

6 - هل يمكن أن نرى يوما يتوقف فيه التمييز ضد العرب والأفارقة فى الغرب؟

7 - هل يمكن أن تتوقف الدول الغربية الكبرى عن الصناعات المؤثرة على البيئة لوقف تأثيرات التغيرات المناخية على عموم البشر وتقدم تعويضات مناسبة للدول المتضررة بسبب سباقات الثراء بين الدول العظمى؟

تبدو الأسئلة صعبة أو ربما يراها البعض مستحيلة الإجابة، يعلم الجميع أن الدول الكبرى تعانى من النرجسية والتعالى ولا ترى فى الدول النامية سوى حقل تجارب لأنظمتهم السياسية المتلاحقة، المريض بالاستعلاء لا يراجع نتائج تصرفاته المميتة ودفع ثمنها الإنسان العربى والإفريقى لسنوات طويلة.

لكنها كانت الأسئلة التى أثارها المنتدى فى عقلى وربما وصلت أيضا  لعقول الشباب المشارك والذى أظنه يعود لبلاده محملا بذخيرة لا بأس بها من الخبرات والمعارف التى تبخل بها دول كبرى تتحاشى الحديث فى مثل تلك الموضوعات.

سيبحث ذلك الجيل عن إجابات لتلك الأسئلة تتناسب مع تحديات بلاده ونقاط التماس بينها وبين تحديات مستقبل البشرية المهدد على كوكب الأرض.