الثلاثاء 8 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
أحلف بسماها.. لا تنظر إلى السماء

أحلف بسماها.. لا تنظر إلى السماء

شاهدتُ مؤخرًا من خلال منصة نتفلكس الفيلم الأمريكى «don,t look up» أو «لا تنظر إلى السماء» بطولة ميريل ستريب وليوناردو دى كابريو.. قصة الفيلم باختصار تدور حول عالم فلك وباحثة تعمل معه اكتشفا أثناء إجراء أبحاثهما الميدانية وجود مذنب هائل يقترب من الأرض خلال أسابيع قليلة وسيؤدى اصطدامه إلى فناء الكوكب، وفوجئا عند مقابلتهما رئيسة أمريكا ومسئول الأمن القومى، وتم أخذ الأمر بتهكم ثم إنكار وقوع هذا الأمر ثم الإصرار على رفض إعلان النبأ للبلاد.. إذ إن رئيسة أمريكا مرشحة للانتخابات الرئاسية الفترة الثانية وحققت معدلات تفوّق لا تريد خسارتها، وعندما تتعرض رئيسة البلاد لهبوط معدلات تأييدها وصعودها للرئاسة مرة أخرى لتجد أن كارثة المَذنَب هى الوسيلة الوحيدة لزيادة شعبيتها وشد انتباه الأمريكيين لتصبح هى منقذة الكوكب وسلطت الأضواء على عالم الفلك الذى اختير مستشارًا علميًا للبيت الأبيض وانقلبت الميديا ليصبح هو وزميلته حديث وضيف الفضائيات.. ويتم اختيار «hero» أو البطل الخارق كما اعتدنا فى الأفلام الأمريكية ليصعد بصاروخ ترافقه عدة صواريخ لتفتيت المَذنب، وتفشل المهمة لتعود الرئاسة بتكذيب قصة المذنب والناس تحت تأثير الميديا بين رافض وساخر ومصدق أو غير مصدق حتى تتضح حقيقة الكارثة بعد فشل روسيا والصين فى تفتيت المذنب ليسود الذعر فى أمريكا والعالم وتتوالى مَشاهد فناء العالم بشكل ناعم حتى لا ينزعج المُشاهد من نهاية الفيلم.  أحكى قصة الفيلم لأنى ربطت أثناء مشاهدته بين خطر المذنب الخيالى وخطر التغير المناخى الواقعى والسيناريو المتطابق فى الحالتين فى الفيلم وفى الحقيقة.. فى البداية أنكرت الدول الصناعية الكبرى حدوث أى تغيرات فى المناخ وأوعزته إلى الطبيعة واعتبرت التحذيرات من وساوس العلماء الذين حذروا من تزايد الأنشطة الصناعية التى أدت إلى الاحتباس الحرارى، وبالتالى زيادة درجات الحرارة وذوبان الجليد ومظاهر أصبح العالم يعرفها جيدًا بعد زيادة الأعاصير والفيضانات وتدهور الطبيعة ومظاهر كتبنا عنها مرارًا وتكرارًا.  رُغم اعتراف الدول الصناعية المتسببة فى القدر الأكبر من الانبعاثات الضارة إلا أنها تتعامل كما حدث فى الفيلم بالضبط.. مؤتمرات وأحاديث ووعود وتغطيات إعلامية موجهة.. كلها فقط للتنفيس عن قلق وخوف الشعوب التى بدأت تعانى بالفعل من كوارث التغير المناخى.. والدول التى تنادى بالحفاظ على الطبيعة هى نفسها التى تتراجع عن دعم الدول التى أضيرت بلا ذنب أو تقلل التعامل مع الوقود الأحفورى والفحم وتدعم الشركات الصناعية الكبرى التى تلعب دورًا محوريًا فى اختيار رؤساء البلاد.



لستُ ناقدة فنية لكنى أرى الفيلم نموذجًا حيًا لما يحدث فى الواقع.. فهل الأفضل ألا ننظر إلى السماء ولا للأرض أيضًا لندرك ما جنته أيدينا فى حق الطبيعة.