الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الاهتمام الرئاسى حوّل أحلام فرسان الإرادة إلى واقع رسائل حب مستحقة لكنز مصر

الاهتمام الرئاسى حوّل أحلام فرسان الإرادة إلى واقع رسائل حب مستحقة لكنز مصر

فى لحظات انتباه الأمم، تعيد المجتمعات اكتشاف ذاتها من أجل الوصول إلى قدراتها الكامنة بحثا عن استكمال ما كان ينقصها أو علاج ما غاب عنها فى لحظات ضعفها، ويمر المجتمع المصرى بلحظة انتباه واستفاقة لكنز مصر من ذوى الهمم والقدرات الخاصة ليغير النظرة القديمة ويستبدلها بنظرة فخر واعتزاز مستحقة لأبطال يكافحون من أجل الحياة بكرامة أو «القادرون باختلاف» أو كنز مصر كما أطلق عليهم الرئيس عبدالفتاح السيسى.



 

وقد توقفت أمام اختيار كلمة «قادرون باختلاف» والاستبعاد التام لكلمات ذوى الإعاقة أو المعاقين، وهو ما يعنى بداية تغيير ثقافى مهم فى الخطاب الإعلامى المصرى يرى فى ذوى الهمم القدرة على التحدى ويعلن احترامه لاختلافهم بل ويؤكد قبوله لهذا الاختلاف كجزء من قبول التنوع فى المجتمع وأن التنوع مقدر ضمن عملية التنمية الشاملة وخطط التنمية المستدامة.

الاهتمام الرئاسى بأصحاب الهمم ساهم فى التسريع بنجاح التجربة المصرية فى إدماج ذوى الاحتياجات الخاصة فى المجتمع ودفع مؤسسات الدولة إلى الاهتمام بحقوقهم بشكل طوعى وتحقق بالقانون ما جاء فى نصوص الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية.

أصبح لمصر تجربتها الخاصة فى دمج ذوى الاحتياجات الخاصة ومن ضمنها احتفال «قادرون باختلاف» الذى أثبت جدية الدولة المصرية فى تغيير واقعهم، ثم جاءت دعوة الرئيس السيسى لإعداد منتدى دولى لذوى القدرات الخاصة، ليؤكد البعد الإنسانى للسياسة الخارجية المصرية. 

وتعتبر مصر من الدول الداعمة لحقوق ذوى الهمم، حيث قامت بإصدار قانون رقم (10) لسنة 2018، وقد جاء القانون مؤكدًا لما تضمنته مواد الدستور 2014، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة 2006.

كما اهتمت الدولة بممارسة ذوى الهمم للرياضة وهو ما ساهم فى تحقيق أبطال رياضات المعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة لعشرات الميداليات الأولمبية والعالمية.

يتطور شكل الدعم المقدم لهم بشكل مستمر وآخرها إصدار الرئيس السيسى مجموعة من التوصيات فى نهاية مؤتمر «قادرون باختلاف» لمجموعة من التوصيات من بينها تضمين المشروعات المنفذة ضمن حياة كريمة بجميع المتطلبات الخاصة بذوى الهمم والتوسع فى مجالات تأهيل المعلمين بأسس التواصل بذوى الهمم لتمكينهم من أجل التفوق علميا وعمليا وإنتاج الأعمال الدرامية والثقافية لإبراز قدرات ذوى الهمم وإسهاماتهم وقيام جميع الهيئات الشبابية والرياضية بتوفير أنشطة لذوى الهمم لصقل مهاراتهم وصياغة برامج لتدريب وتشغيل ذوى الهمم فى مختلف المجالات.

تلمس من تلك التوصيات حرص الدولة على إدماج ذوى الهمم بشكل كامل وفعال يتماشى مع توجه الدولة للاهتمام بحقوق الإنسان وفق منظورها الشامل، وامتلاكها لرؤية متكاملة لحلها بشكل جذرى من خلال تقديم خدمات متكاملة لذوى الهمم تتضمن تغيير النظرة المجتمعية تجاههم واهتمام الدولة بإبراز قدراتهم وإسهاماتهم والتأكيد على أنهم مواطنون كاملو الحقوق فى وطن يحترم ويقدر كل أبنائه. 

وتعتبر الإعاقة قضية من قضايا حقوق الإنسان، ولذلك اهتمت بها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان واعتبرتها من تحديات تطبيق الاستراتيجية، وتأكيدها على ضرورة وقف معاناتهم من عدم المساواة وحرمانهم من الحصول على الرعاية الصحية أو العمل أو التعليم أو المشاركة السياسية؛ وتعرضهم لانتهاكات الكرامة والتنمر والعنف أو الإساءة أو التحيز أو عدم الاحترام بسبب إعاقتهم. 

جزء كبير من معاناة ذوى الهمم مرتبط بتقبل المجتمع لهم وتغيير تلك النظرة يحتاج تغييرا ثقافيا ينمى القبول المجتمعى ويغير من الصورة النمطية والتعامل معهم باعتبارهم مواطنين كاملى الأهلية ولديهم حقوق لا تقبل المساومة والعمل على إدماجهم فى جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها وتسهيل فرص تعليمهم وإدماجهم فـى سـوق العمل مع تعميـم تنفيــذ تطبيــق الكــود المصــرى لتصميــم الفراغــات والمبانــى المجهــزة لاســتخدام المعاقيــن، خدميــة كانــت أو تعليميــة، وزيــادة عــدد وســائل المواصلات المجهــزة لاستيعاب ذوى الإعاقة.

وربط تقرير أصدرته مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان بين تغيير واقع ذوى الهمم وثورة 30 يونيو حيث رصد التقرير حرص دولة 30 يونيو على تحقيق التمكين الشامل لهم، وإشراك جميع الفئات فى الحياة السياسية، خاصة الفئات التى تحتاج مزيدا من الدعم مثل الشباب والمرأة وذوى الاحتياجات خاصة.

وكفل القانون التمثيل المشرف لهم فى البرلمان، وهو ما أتاح لهم ممارسة حقوقهم السياسية على الوجه الأكمل، حيث ضم البرلمان 8 نواب من ذوى الإعاقة مارسوا دورًا قويًا ومجهودًا بارزًا لدعم قضايا ذوى الإعاقة.

 كما رصد التقرير تخصيص عام 2018 ليكون عامًا لذوى الاحتياجات الخاصة، وخلاله تبنت الدولة العديد من المبادرات والقرارات والقوانين لدعم ورعاية ذوى الإعاقة، وكان أبرزها صدور القانون رقم 10 لسنة 2018، المعروف بقانون ذوى الاحتياجات الخاصة، والذى نص على الكثير من الحقوق والامتيازات والمكاسب لهذه الفئة فى مختلف مجالات الحياة، سواء فى مجال التعليم أو الصحة أو العمل أو المعاش.

 وفى أوائل العام 2019، صدر القانون رقم 11 لسنة 2019 بشأن المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة الذى منح المجلس الاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وأعطاه الحق فى إبلاغ السلطات العامة عن أى انتهاك يتعلق بمجال عمله كما اهتمت الدولة المصرية بدمج ذوى الهمم فى استراتيجية التنمية المستدامة 2030. 

لكن يبقى الجزء الأصعب، وهو تغيير نظرة المجتمع لذوى الهمم، صحيح أن الاهتمام الرئاسى وضع ذوى الهمم ضمن أولويات حركة مؤسسات الدولة وسلط عليها أضواء الإعلام، لكن يظل الجزء الصعب فى امتداد ذلك لعموم الناس وهى عملية تراكمية طويلة الأمد تحتاج إلى تضافر جهود الإعلام والمثقفين ورجال الدين وخبراء التربية والتعليم لغرس فكرة احترام ذوى الهمم منذ الصغر وتجريم التنمر أو الإساءة لهم، وأن يتم دمجهم فى كل الأنشطة بما يسمح بتنمية مواهبهم والاستفادة منها وفتح مجالات العمل المتاحة أمامهم والنظر مرة أخرى فى زيادة النسبة المقررة للتشغيل من ذوى الهمم بما يسمح باستيعاب أكبر قدر منهم فى سوق العمل.

أيضا أهالى ذوى الإعاقة يحتاجون إلى رعاية أكبر حتى يتمكنوا من تحمل أى مشقة، وربما يقع العاتق الأكبر على مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى تأهيل أسر ذوى الهمم للتعامل مع حالات ذويهم بشكل لا يشعرهم بالوحدة أو العزلة عن المجتمع، وأن ذويهم جزء من المجتمع وليسوا خارجه، وهذه الرعاية تحتاج إلى شخصيات مؤهلة ومدربة على التعامل مع ذوى الهمم يمكنها أن تقدم الإرشاد والدعم اللازم لتلك الأسر، بما يمكنهم من اكتشاف مواهب أبنائهم وتنميتها والاستفادة منها وهو ما يعود بالاستفادة على المجتمع ككل.

 وبشكل مجرد، يحتاج ذوو الهمم إلى تعامل يحمل التقدير ويتجنب إشعارهم بالنقص أو الاختلاف، أن تكون النظرة إليهم باعتبارهم أشخاصا من حقهم فرصة فى الحياة وفرصة فى استعراض مواهبهم فهم نموذج متجسد لنا جميعا فى قوة الأمل والتحدى والصبر وقوة الإرادة وحب الحياة.