
طارق الشناوي
كلمة و 1/2 شيرين.. غرام وانتقام!!
عندما أراد العملاق عباس محمود العقاد أن ينسى حبه للفنانة الكبيرة مديحة يسرى، طلب من الفنان التشكيلى المبدع صلاح طاهر أن يرسم له لوحة تشير إلى أن مديحة بقدر ما أحبها بقدر ما كرهها، لأنها اختارت طريق الفن وابتعدت عنه، وأبدع صلاح بريشته تلك اللوحة، (تورتة) تحوم حولها الحشرات، ووضعها العقاد، فى غرفة نومه وكان قبل أن يذهب للفراش يطيل النظر إليها وبعدها ينام قرير العين.
بعد أن انتقم منها بهذا التماثل الذى يمزج بين الحلاوة والنفور، شىء من هذا القبيل ألمحه فى أغنية شيرين (مالكش أمان) بعد أن قررت بعد طول معاناة أن تقفز بعيدًا عن طريق الأشواك، وتقول فى أحد مقاطع الأغنية (ياريت تمشى / خلصت خلاص)، أرادت شيرين أن تقدم رسالة واضحة وصريحة ومباشرة، نعم كل المقربين منها يعلمون عشرات التفاصيل، وفى النهاية انتقمت شيرين وثأرت لنفسها وكرامتها كامرأة، وانتزعت الطلاق، وبدأت طريق الخلاص، مما وصفته بالكابوس.
سلاح الأغنية هو الأكثر ذيوعًا بين الفنانين للتعبير عن أفراحهم وأحزانهم، العديد من الأغانى وثقت العلاقات داخل الوسط الفنى، مثلًا غيرة عماد حمدى الزائدة، كانت السبب وراء إصرار شادية على الانفصال، والذى تحول إلى أغنية (حكايتى كانت وياك حكاية)، شادية ظلت وحتى رحيل عماد هى الصديقة الأقرب إليه، ووجهت له رسالة غنائية بهذا المقطع (قضيت حياتك فى نار وغيرة).
فريد الأطرش كان أيضًا بين الذين أحبوا شادية، كان من المفترض أن ينتهى الحب إلى زواج، حياة فريد الصاخبة دفعت شادية للانسحاب فى اللحظات الأخيرة، وكتب له صديقه الأقرب الشاعر مأمون الشناوى (حكاية غرامى حكاية طويلة) التى تروى قصة الحب وأيضًا نهاية الحب، شادية الفنانة الثانية على خريطة فريد العاطفية، الأولى سامية جمال وغنى لها (حبيب العمر) وعندما اختلفا، وجه لها رسالة غاضبة (أنا كنت فاكرك ملاك / أتارى حبك هلاك). ومن أشهر الأغانى التى لعبت دورًا أساسيًا فى الصلح بين الزوجين، كانا على أعتاب الطلاق (قالولى هان الود عليه /ونسيك وفات قلبك وحدانى)، كانت السيدة نهلة القدسى قد شعرت بالغيرة والغضب بسبب موقف جامل فيه عبدالوهاب إحدى معجباته، على الفور كتب الشاعر أحمد رامى تلك الكلمات، رق قلب نهلة وسامحت بعدها عبدالوهاب.
بينما كان زياد رحبانى قد كتب كلمات لحنها وأسمعها إلى عمه منصور رحبانى، فى أعقاب رحيل عاصى، أعجب منصور باللحن وكتب كلمات على الأنغام تعبر عن فقدانه شقيقه عاصى (سألونى الناس عنك يا حبيبى /كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا / بيعز على غنى يا حبيبى /ولأول مرة ما منكون سوى).
فى أحد التسجيلات التى أجريتها مع الموسيقار الكبير كمال الطويل روى لى أن أغنية عبدالحليم حافظ (على قد الشوق) توثق حكاية حب مستحيلة عاشها الطويل، عندما رأى فتاة حسناء على شاطئ بالإسكندرية، غازلها قائلًا (على قد الشوق إللى فى عيونى، يا جميل سلم)، وفى طريق عودتهم قال له عبدالحليم أنها تصلح كمطلع لأغنية، وتواصلا مع الشاعر محمد على أحمد، فأكمل (أنا يا ما عيونى عليك سألونى وياما بتألم) وبسبب النجاح الطاغى للأغنية تم إنتاج أول أفلام عبدالحليم (لحن الوفاء)، بينما قصة الحب، لم تكتمل، ولم يشاهد الطويل أبدًا ملهمته مرة أخرى!!
هل الفنان عليه أن يكتم مشاعره أم يحيلها إلى إبداع؟ شيرين قررت أن تجعل من خيبة أملها وإحباطها، أنغامًا شجية تسكن القلوب، لتعود شيرين إلى شيرين التي أحببناها وصدقناها وامتلكت قلوبنا، فهي تغني جروحها وجروحنا!!