الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مجلس الشيوخ بدأ النقاش حقـوق المسنـين الوفاء تكفله الدولة ويحميه القانون

مجلس الشيوخ بدأ النقاش حقـوق المسنـين الوفاء تكفله الدولة ويحميه القانون

غاب عن المنظومة التشريعية ولسنوات طويلة النقاش حول إصدار قانون خاص يضمن حقوق كبار السن.. يضمن لهم الحياة الكريمة.. يُجسد معانى الوفاء للآباء والأمهات بعد بلوغهم سن المعاش، ويُحقق نص المادة (83) من الدستور المصرى 2014 والتى نصت على التزام الدولة بضمان حقوق المسنين صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، ويمكنهم من المشاركة فى الحياة العامة وتشجيع منظمات المجتمع المدنى على المشاركة فى رعاية المسنين.



تلك الفترة من حياة الإنسان تحتاج إلى تعامل خاص ومجموعة من الضمانات التى تكفلها الدولة وتشجع عليها منظمات المجتمع المدنى من أجل الاهتمام بهذه الفئة التى تتعرض لكثير من المواقف الصعبة فى حالة تعرضها لمضايقات وإساءة وعدم اهتمام من الأبناء، وهو ما دفع القانون الدولى الإنسانى إلى الاهتمام بتلك الحقوق ووضعها فى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهى من التعهدات التى وافقت عليها الدولة المصرية وضمنتها للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من أجل ضمان الوفاء لكبار السن بتشريع تقره وتحميه دولة القانون.

مجلس الشيوخ فتح النقاش حول القانون الجديد، وهو ما لاقى ترحيبًا واستحسانًا من جانب كبار السن الذين بحثوا كثيرًا عن قانون يضمن لهم رعاية أفضل بعد بلوغ سن التقاعد، وتقدم أكثر من 60 نائبًا بمشروع قانون يهدف إلى حماية ورعاية المسنين وكفالة تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية والثقافية والترفيهية وغيرها من الحقوق وتوفير الحماية اللازمة لهم وتعزيز كرامتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.

تأتى مناقشة القانون فى وقت صعب حيث تتحدث وسائل الإعلام بصفة شبه يومية عن وقوع جرائم بحق آباء وأمهات يتعرضون للجحود ونكران الجميل، وهى مسألة تؤرق كبار السن، ومن هنا تأتى  أهمية ذلك التشريع الذى يوفر المعايير الدولية لحماية المسنين وضمان حقهم فى حياة مريحة بعد التقاعد.

 وانتبه مشروع القانون إلى دور مهم من أدوار الدولة وهو أن تراعى فى تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، وأن تعمل على تشجيع منظمات المجتمع المدنى على المشاركة فى رعايتهم من خلال افتتاح مزيد من دور الرعاية الخاصة بكبار السن وافتتاح أندية رعاية نهارية لهم، وإطلاق وثيقة مكتوبة خاصة بحقوق المسنين بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى.

ويطابق ما جاء فى مشروع القانون مع بنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بنشر آليات الثقافة الإلكترونية فى مراكز المسنين لتهيئة الثقافة الذاتية بأيسر الوسائل، وكذلك إتاحة الهيئة العامة لتعليم الكبار الفرصة للمسنين لمواصلة التعليم فى المراحل الإعدادية والثانوية، وصولا للتعليم الجامعى، بالإضافة إلى التوسع فى برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للمسنين، وزيادة المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية، وتعزيز التفتيش عليها، وتعزيز حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة.  

لم يغفل المشرع حق كبار السن فى المشاركة فى الحياة العامة وتعزيز مشاركتهم فى صياغة السياسات الخاصة بهم، وتنظيم حوار مجتمعى سنوى يستهدف تحديد الفجوات، ومجالات الاهتمام، وسبل التفاعل الملائمة مع قضايا كبار السن، وتعزيز فرص حصولهم على التعليم وتعزيز مشاركتهم فى الحياة الثقافية، وتعزيز المساعدة القضائية لكبار السن، وتسهيل لجوئهم لسبل التقاضى، وتشجيع التوسع فى إنشاء دور رعاية للمسنين وتسهيل الحصول على مرافق للمسن فى منزله.

كما يقدم مشروع القانون إعفاء جزئيًا لهم من تذاكر وسائل المواصلات وغيرها ويوفر لهم الرعاية النفسية وإعادة التأهيل للمسن ويتضمن إنشاء صندوق بوزارة التضامن الاجتماعى يسمى «صندوق رعاية المسنين».

ويُعتبر ذلك القانون قفزة كبيرة للأمام فيما يتعلق باهتمام مصر بحقوق المسنين، وخاصة أن كثيرًا من بنوده التزمت بالمعايير الدولية وما جاء فى النقاشات حول حقوق المسنين وما جاء فى خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة وبالأخص التدابير التى ينبغى للدول الأعضاء فى الأمم المتحدة اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن فى إطار الحقوق التى أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. 

 

تشمل منظومة حقوق المسنين مجموعة من الحقوق التى تنطلق من فكرة حق كبار السن فى الحصول على ما يكفى من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، وتضاف إلى هذه الحقوق الأساسية إمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب، والمشاركة فى الصياغة التى تؤثر مباشرة عليهم، وتمكنهم من تقديم خبراتهم  ومهاراتهم إلى الأجيال الشابة.

كما وضعت على الدولة عاتق توفير فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية لكبار السن، وأن يُمكّنوا من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم فى مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج. 

واعتمدت الجمعية العامة عام 1992 مبدأ يدعو إلى إنشاء هياكل دعم أساسية وطنية لتعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة فى الخطط والبرامج الإنمائية الوطنية والدولية وشجعت الأمم المتحدة الحكومات على إدراجه فى برامجها الوطنية، كما شجعت على تنفيذ برامج الإعداد للتقاعد، بمشاركة ممثلى منظمات أصحاب العمل والعمال وغيرها من الهيئات المعنية، من أجل إعداد العمال كبار السن لمواجهة وضعهم الجديد، وينبغى لهذه البرامج، بصفة خاصة، أن تزود هؤلاء العمال بالمعلومات عن حقوقهم والتزاماتهم كمتقاعدين، وعن الفرص والشروط اللازمة لمواصلة القيام بنشاط وظيفى أو للاطلاع بعمل تطوعى، وعن وسائل مكافحة الآثار الضارة للشيخوخة، وعن التسهيلات المتعلقة بتعليم الكبار والأنشطة الثقافية، واستخدام أوقات الفراغ.

بالتأكيد سيتطور التشريع المصرى فى ظل اعتراف الدولة بوجود تحد فيما يتعلق بكفالة حقوق المسنين وتوجهها للاهتمام بهم والاهتمام بشكل عام لتلك المرحلة من عمر الإنسان والذى يحتاج فيه لرعاية وتأهيل لشكل ونمط حياته الجديدة بعد بلوغ سن المعاش، والقانون يضمن أن يتعامل المجتمع بشكل أفضل مع المسنين وأن يحترم حقوقهم بشكل كامل. 

يحتاج التشريع إلى ممارسات عملية تضمن تطبيق ما جاء فى القانون من دعم لكبار السن، وخاصة تأهيل دور رعاية كبار السن وتشجيع المجتمع المدنى على ممارسة ذلك الدور بما يضمن توفير أفضل الممارسات والتوسع فى تقديم الخدمة وتحقيق الرقابة على الدور الموجودة، وكذلك التشجيع على توفير تدريبات تأهيلية لمن سيقومون برعاية المسنين والاستفادة من التجارب الدولية فى ذلك المجال بما يحقق روح القانون مع زيادة طلب المسنين على وجود مرافقين مؤهلين وحل أزمة ارتفاع أجورهم، وأن تتوازن تلك الأجور مع معاشات المسنين.

وأن يتاح للمسنين فرص التأهيل والتدريب على نمط حياتهم الجديدة وكيفية الاستفادة من وقتهم فى أشياء مفيدة تعود عليهم بالنفع وتحقق لهم تحقيق الذات فى تلك المرحلة العمرية الحساسة.

نحن أمام محاولة متقدمة لتحقيق حقوق الإنسان بشكل فعلى، ويتطلع المجتمع إلى صدور ذلك القانون لما فيه من تحسينات فى صالح كبار السن تضاف إلى إجراءات إيجابية جيدة أخرى تؤكد فيها الدولة ومؤسساتها التشريعية عزمها على حل الإشكاليات الحقوقية المزمنة، والتأكيد على أنها تسعى للارتقاء بحقوق كل فئات المجتمع وهو ما ينسجم مع رؤية متكاملة للارتقاء بحال كل المصريين وتحقيق حلمهم فى الحياة الكريمة.