الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. الظالم والمظلوم فى منهج الرابع الابتدائى

ع المصطبة.. الظالم والمظلوم فى منهج الرابع الابتدائى

فى الأيام الماضية، شهد مجلس النواب، وبالتحديد اللجنة التعليمية، حالة من الهجوم الشديد على منهج الصف الرابع الابتدائى، ربما تكون دوافعه عاطفية أكثر من كونها مبنية على أراء خبراء تربويين مختصين، خصوصًا أن المنهج لاقى هجومًا حتى قبل ظهوره للنور.



بعض النواب جانبهم الصواب عند تصديهم للملف، فالمشكلة ليست فى المنهج أو قدرات الطالب، بل فى قضايا أخرى تجعل من الصعوبة بمكان تطبيق المناهج الحديثة المتطورة بشكل ناجع وفاعل، مثل الكثافة الطلابية العالية التى يستحيل معها إعطاء المعلم كل طالب ما يستحق من الاهتمام، ناهينا عن ضعف مخرجات الكليات التربوية ومن ثم عدم مواكبة المعلم نفسه لهذه المناهج، بالإضافة للنقص الحاد فى عدد المعلمين فى مختلف المراحل.

ومن خلال تجربة شخصية كولى أمر لطالب فى الصف الرابع الابتدائى، أرى أن المنهج الجديد جيد وليس به أى حشو، بل يواكب تمامًا متغيرات العصر، وبنظرة موضوعية نجد أنه يمثل التطور الطبيعى للمناهج فى السنوات التعليمية السابقة، ومن الظلم تقييم منهج الصف الرابع بعيدًا عن السياق العام للمناهج التى بدأت بالروضة مرورًا بالصفوف السابقة للصف الرابع.

المشكلة تكمن فى الاختلاف بين نظرة النواب وأولياء الأمور من جانب ووزارة التربية من جانب آخر، وذلك فيما يخص فلسفة التعليم ذاتها، الطرف الأول «أولياء الأمور والنواب» يركز على مفهوم النجاح والرسوب، بينما تركز الوزارة على المعرفة بشكلها الأعمق لخلق جيل قادر على الفهم والإبداع.

الواضح، أيضًا تأثر بعض النواب بما يروجه ما يعرف بـ «جروبات الماميز»، وفى معظمها «هرى فاضى»، فالكثيرات من هؤلاء «الماميز» من الجيل الذى تربى على مناهج كتاب «العلوم والصحة» ونصائح أغسل يديك قبل الأكل وبعده، ولا تشترى الحلوى من الباعة الجائلين، لذا لا تجوز المقارنة بين ما كان يقدمه مثل هذا الكتاب ومنهج «ديسكفر»، ولا يمكن أيضًا مقارنة مناهج «كونكت» مع ما كانت تقدمه مس انشراح على شاكلة Tis is a book.

بالتأكيد هناك العديد من المشاكل المزمنة والمتراكمة على مدار عقود مضت لم يكن فيها التعليم أولوية، بقدر كونه نظامًا يخرج لنا حملة شهادات بغض النظر عن التراكم المعرفى الذى تمثله هذه الشهادات.

لعل المشكلة الأبرز تتمثل فى مستوى المعلمين أنفسهم، فمخرجات الكليات التربوية حدث ولا حرج، مثلهم مثل الكثيرين غيرهم من حملة الشهادات الجامعية، ما يستدعى النهوض بهذه الكليات والارتقاء بها لأن المعلم هو الضلع الأساسى فى مثلث العملية التعليمية، ناهينا عن العجز الهائل فى عدد المعلمين أنفسهم.

أما المشكلة الثانية فتخص الضلع الثانى من العملية التعليمية وهم الطلبة أنفسهم، فكيف يستطيع الطالب الحصول على خدمة تعليمية حقيقية وهو محشور مع عشرات الطلبة فيما يشبه علبة السردين؟

كان الأجدر بالنواب الموقرين أن يبحثوا عن حلول حقيقية لزيادة ميزانية وزارة التربية من أجل التغلب على نقص المعلمين، بل وزيادة رواتبهم بما يليق برسالتهم، وفوق كل ذلك الارتقاء بالمستوى العلمى والمهنى للمعلمين ولو بشكل تدريجى بما يواكب المناهج الجديدة، وأيضًا توفير الميزانيات الكفيلة بتفكيك حالة التكدس المزمنة فى الفصول الدراسية عبر بناء مدارس جديدة.

المشكلة فى المعركة الحالية بين النواب ووزير التربية تجرى فى غير ساحتها وحول قضية «المناهج» وهى ليست المشكلة الحقيقية للتعليم.

المثير فى الأمر أيضًا أن الكثيرين ممن ينتقدون المناهج الجديدة ويرونها تفوق مستوى استيعاب الطلبة هم أنفسهم أصحاب «البوستات» الشهيرة عن أطفال كوكب اليابان الصديق ومناهج التعليم المتقدمة هناك، وعندما حاولنا مجاراة هذه المناهج كانوا أول من انتقدها وتهكم عليها.

اخيرًا، لا رأى عبد الله المتواضع فى هذه المناهج، ولا موقف بعض النواب، هو ما يجب الاستناد إليه، وإنما صاحب القرار الأول والأخير هم الخبراء التربويون أصحاب الاختصاص بعد اكتمال التجربة وانتهاء العام الدراسى، فأهل مكة أدرى بشعابها.