الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عملية نسف الدستور

عملية نسف الدستور
عملية نسف الدستور


رغم الازدحام السياسى والأمنى بالأحداث الساخنة جدا، فإن أصوات الخلافات الحادة فى لجنة «الخمسين» وخارجها تعلو أحيانا على أصوات تفجيرات العمليات الإرهابية من الوراق إلى العريش، الشىء الفظيع أن اللجنة التى كانت الحلم الأكبر لكل من شارك فى ثورة 30 يونيو، تتحول الآن إلى الكابوس الأخطر!
 
فمصيرها على كف عفريت فعلا بعد الأزمات المتصاعدة من مشاركة الاحتياطيين وانسحاب العشرة وحتى الأحداث المشتعلة المتوقعة فى جلسة التصويت التى ستبدأ فعليا غدا الأحد.
 
خلافات حادة وانفجارات مرتقبة داخل لجنة الخمسين يتوقع المراقبون أن يصل الأمر إلى نسفها تماما، الأمر الذى جعل رئيس اللجنة «عمرو موسى» يجعل اجتماعات اللجنة للتصويت والاطلاع على مسودة الدستور سرية ومع ذلك ظهر الخلاف بشدة من أول جلسة، لكن الأغرب هو اعتراض لجنة الخبراء أو لجنة العشرة التى وضعت الصيغة الأولية للدستور قبل لجنة الخمسين لمنع رئيس اللجنة لها من حضور الجلسات ثم اكتشاف باقى الأعضاء عدم إدراج المواد الخاصة بهم مثل عدم إدراج مادة منع حبس الصحفيين والتى اعترض على إلغائها بشدة ضياء رشوان، وكذلك المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية ومواد التمييز التى اعترض عليها ممثل النوبة، وكذلك مواد الـ 50٪ عمال وفلاحين التى اعترض عليها رئيس اتحاد العمال الذى هدد بمظاهرات حاشدة لرفض الدستور فى حالة عدم إدراجها وكذلك الإصرار على الإبقاء على مجلس الشورى وسحب اختصاصات النيابة الإدارية ومجلس الدولة وغيرها من المواد التى تكاد تفجر اللجنة من الداخل ومن الخارج.
 
ورغم أن لجنة الخمسين تسير وفقا لخارطة الطريق التى وضعتها لجنة الخبراء التى تحضر جلسات لجنة الخمسين بصفة غير رسمية رغم أن لها حق المناقشة والتعديل دون أن يكون لها حق التصويت إلا أن هذه اللجنة قد انفجرت فى وجه لجنة الخمسين الثلاثاء الماضى وقد خرج أعضاؤها من الاجتماع السرى أو المغلق الذى تم عقده للجنة الخمسين بدون حضور وسائل الإعلام لمناقشة مسودة الدستور، وهى المرة الأولى التى تعقد فيها اللجنة اجتماعا للمسودة بعد أن اعترض أعضاء لجنة العشرة على قرار رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى باستبعادهم من جلسات التصويت السرية ومسئولية صياغة المنتج النهائى للدستور، وهو ما أدى إلى انسحابهم غاضبين من قاعة الاجتماع فى نهاية جلسة يوم الثلاثاء الماضى وهو ما دفع رئيس لجنة الخمسين إلى الخروج من القاعة وراء المستشار حسن بسيونى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضو لجنة العشرة محاولا إقناعه بالعودة إلى الجلسة مرة أخرى إلا أن بسيونى أصر إصرارا كاملا على الانصراف وتبعه بعد ذلك المستشار عصام الدين عبدالعزيز النائب الأول لرئيس مجلس الدولة وعضو لجنة العشرة ومعهما باقى أعضاء اللجنة، الأمر الذى دعا الدكتور جابر نصار مقرر «الخمسين» للاجتماع بأعضاء لجنة الخبراء فى مكتبه بمجلس الشورى فى محاولة منه لاحتواء الموقف.
 
فى حين أكد المستشار حسين بسيونى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضو لجنة الخبراء أن ما يحدث داخل لجنة الخمسين من استبعاد أعضاء لجنة الخبراء «عيب كبير فى حقهم»، ولا يحق لأحد من حضور الاجتماع غير أعضاء لجنة الخمسين، مما يعنى أن حضورنا غير مرغوب فيه، والخلافات داخل «الخمسين» لم تتوقف عند أعضاء لجنة الخبراء فى هذا اليوم فقط، بل امتدت لتشمل العديد من أعضاء اللجنة أو المنتمين إليها، فقد وقع خلاف شديد بين الأعضاء.
 
كما ذكرت مصادر داخل اللجنة لـ«روزاليوسف» سبب عدم حسم المواد الخلافية المتمثلة فى مواد الهوية بباب المقومات الأساسية خاصة المادة الثالثة المتعلقة بشرائع غير المسلمين، بالإضافة إلى مواد مجلس الشورى والنظام الانتخابى والقوات المسلحة وشهد الاجتماع خلافا شديدا بين عدد من الأعضاء ولجنة الصياغة بسبب الاعتراض على تغيير صياغات عدد من المواد التى أرسلتها إليها اللجان النوعية حتى إن ممثل النوبة «حجاج أدول» خرج منفعلا على أعضاء اللجنة وعلمنا أنه اعترض على حذف عبارة اللون والعرق فى المادة 38 التى تنص على أن المواطنين أمام القانون سواء ولا تمييز بينهم.
 
فى حين هدد عبدالفتاح إبراهيم رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالانسحاب من لجنة «الخمسين» فى حالة إصرار اللجنة على إلغاء نسبة الـ 50٪ عمال وفلاحين، ووصف إبراهيم التفكير فى إلغاء هذه النسبة بالكارثة التى ليس لها مثيل فى كل الدساتير خاصة أن العمال والفلاحين يمثلون أكثر من 70٪ من المجتمع المصرى وأكد استغلال البعض خلال السنوات السابقة لها لدخول البرلمان طبقا لتوجهات الدولة التى همشت دور العمال والفلاحين الحقيقيين خاصة أنه كانت لا توجد ضوابط أو تعريفات واضحة للعمال والفلاحين.
وأوضح أنه بعد أن شارك العمال والفلاحون فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو فإنه ليس من المقبول السماح بتجاهلهم فى الدستور الجديد مؤكدا أن المكتسبات التى حصل عليها العمال والفلاحون فى ثورة 1952لا يمكن أبدا أن تضيع بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو ويجب وضع ضوابط صارمة لضمان تمثيل هذه النسبة وأن الاتحاد سوف يعلن حالة الطوارئ فى الساعات المقبلة استعدادا لتنظيم مظاهرة حاشدة للوقوف ضد إلغاء هذه النسبة التى قامت الثورة من أجل الحفاظ عليها.
 
فى حين هدد الأعضاء الاحتياطيون فى اللجنة بمقاضاة لجنة الخمسين التى منعتهم أيضا من حضور الجلسات الخاصة بالتصويت على الدستور وهدد أعضاء النور والتيارات الإسلامية والأحزاب الدينية بالتصويت بـ «لا» على الدستور فى حالة إلغاء المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية، فضلا عن ذلك التهديد الصريح للأزهر والكنيسة بسبب إلغاء هذه المادة معتبرين أن الكنيسة هى التى تقود هذا المخطط لإلغاء هذه المادة، الأمر الذى زاد المعركة اشتعالا داخل وخارج «الخمسين» ويبدو أن هذه اللجنة سوف تشهد فى الأيام القليلة القادمة خلافات أكثر قوة بسبب هذه المادة والتى يمكن أن تجعل اللجنة فى مرمى النيران، بعد أن أعلنت تيارات دينية أن هذا الدستور إذا إلغيت منه هذه المادة، فهو دستور ضد الإسلام وضد هوية مصر الإسلامية، فى حين دارت خلافات حادة خلال الجلسة حول مواد الصحافة، خاصة بعد أن اكتشف ضياء رشوان نقيب الصحفيين وعضو لجنة الخمسين عدم وجود المادة المتعلقة بحظر حبس الصحفيين فى قضايا النشر مما أدى إلى انفعاله على أعضاء اللجنة ورئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، ودارت مشادة أكثر عنفا بين رشوان وأعضاء اللجنة حول مواد حبس الصحفيين ومصادرة الصحف وهدد رشوان بالانسحاب من الجلسة، إلا أن عددا من الأعضاء أقنعوه بالعودة للمناقشة.
 
فى حين أكد محمد سلماوى المتحدث الرسمى للجنة الخمسين أنه لا توجد خلافات داخل اللجنة حول المادة المقدمة من الجماعة الصحفية بشأن إلغاء عقوبة الحبس فى قضايا الرأى مؤكدا أن هذه المادة هى مطلب ناضلت الجماعة الصحفية من أجله ولا توجد أى خلافات بين اللجنة ونقيب الصحفيين، مؤكدا أن السيد عمرو موسى رئيس اللجنة أكد أن تلك المادة مطلب شعبى ولم تستجد، إلا أنها من المواد التى لاتزال محل نقاش داخل لجنة الصياغة والتى لم تنته منها حتى الآن.
 
أما فيما يخص القضاء، فقد اتسعت حدة الخلافات بين النيابة الإدارية ومجلس الدولة حول اختصاص كل منهما، خاصة فيما يخص القضاء التأديبى، ففى الوقت الذى أكدت فيه النيابة الإدارية أن إسناد القضاء التأديبى إليها يساعد على إنجاز القضايا، اتهم مجلس الدولة النيابة الإدارية بالعمل على تعطيل القضايا وعدم إنجازها.
 
فى حين أكد المستشار حمدى ياسين رئيس نادى قضاة مجلس الدولة أن ما يحدث ليس لمجلس الدولة دخل فيه، وأن مجلس الدولة لم يعمل على صناعة الأزمة أو يساهم فيها.
 
ولكن للأسف المطالب فى الدستور الجديد أصبحت فئوية، وأكد أن سلب اختصاصات مجلس الدولة وإسنادها للنيابة الإدارية سوف يثير مشاكل قد تعطل لجنة الخمسين عن الانتهاء من كتابة دستور البلاد الجديد.
 
وقال: إن الدستور المعطل لم يسند القضاء التأديبى للنيابة الإدارية وكذلك لجنة الخبراء فلماذا هذه اللزوجة الآن؟
 
من ناحية أخرى سوف تعقد لجنة الخمسين اجتماعاتها هذا الأسبوع لمناقشة أغلب المواد الخلافية وعلى رأسها مجلس الشورى أو مجلس الشيوخ الذى يلاقى اعتراضا كبيرا من أغلب الأعضاء، وتحاول اللجنة وضع اختصاصات لمجلس الشورى حتى يلاقى قبولا لدى الأعضاء.
 
بالإضافة لمحاولة رئيس اللجنة احتواء أعضاء اللجنة عن مناقشة المواد الخاصة بالقوات المسلحة بعد أن أكد رئيس اللجنة أن القوات المسلحة لم تطلب مواد لحصين القوات المسلحة أو القائد العام للقوات المسلحة كما يروج البعض، والأيام القادمة سوف تشهد صراعات أكبر مما هى عليه الآن، من شأنها نسف اللجنة وحلم المصريين من ثوار يونيو!