الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه ..امرأة وأربعة رجال

عكس الاتجاه ..امرأة وأربعة رجال

ماذا نفهم من دراسة حديثة جدًا وشديدة الجدّيّة والقيمة وزاخرة بالمعلومات والأرقام الصادمة، نُشرت فى the medical journal Global Health BMJ، وتستهل أسطرها بنبوءَةٍ صادمة مفادها أن السنواتٍ العشر المقبلة ستشهد انخفاضًا ملحوظاً فى عدد الإناث بالعالم لرقم سيصل إلى 5 ملايين أقل من عدد المواليد الذكور، وأن هذا الانخفاض سيخلق خللا واضطرابًا فى شكل الزواج والعلاقات بين المرأة والرجل وسيخلق اضطرابًا فى المجتمعات بالعالم أجمع لم نسمع به من قبل.



لم تنتهِ أرقام ومفاجآت الدراسة، لكن أسئلة مُلحّةً على الذهن لا بُد أن تُطرَح، كأن يتبادر سؤال بديهى أنثوى مخفى من قديم الزمان يستعلم عن المجتمعات التى ستسمح بأن تتزوج المرأة الواحدة من أربعة رجال أو خمسة أو تسعة، حسب العدد وحسب قانون الوفرة والندرة ذلك الذى يبرّر به البعض قابلية الرجل للارتباط بأكثر من امرأة؛ حيث لم تكن امرأة واحدة تكفى وكان الرجال يفوقون النساء عددًا ولا يزالون، وربما تنقلب الآية ويجور الزمان ويدور وسيصبح الرجال عوانس ينتظرون العَدَل بفارغ الصبر ويدقون «بيبان» الخاطبة والعرّافة والساحرة!

إلا أن الدراسة العجيبة تُصاعِد فى غِيّها وكيدها للرجال لتؤكد فى أرقام دقيقة جديدة بأن السبعين عامًا المقبلة منذ 2030 حتى العام 2100 ستشهد انخفاضًا حادًا فى عدد مواليد الإناث أقل من العدد الطبيعى للمواليد، أو سيُخصَم من أعداد الإناث 22 مليون فتاة، وهذا سوف يخلق صراعًا محمومًا بين الرجال للفوز بالإناث ولسوف يعيدنا لأيام الجاهلية الأولى.

أية جاهلية تلك التى كانت فعلاً ماضيًا؟ هل غادرتنا الجاهلية بالفعل؟ وهل هى مختلفة ولو نوعًا ما عن تلك الجاهلية التى يشهدها العالم أجمع الآن؟ لا فرق.

السؤال الأهم: لماذا تنخفض نسبة مواليد الإناث فى هذا القرن بينما تبقى نسبة مواليد الرجال فى معدّلها الطبيعى؟

أجيبُكَ: لأن الرجال لا يموتون قهرًا وقتلاً ووأدًا، لأن المرأة هى المخلوق الأضعف والأكثر بؤسًا والتى يُمارس عليها كل أنواع البطش والذل والمهانة، المرأة التى تساق وحتى الآن فى الدول المتخلفة وفى الدول المتقدمة إلى أسواق الجوارى والإماء، الأسواق التى خلقتها الحروب المشتعلة فى أربعة أرجاء الكون، المرأة تموت من الجوع والفقر والحرب، والمرأة كانت هى الخاسر الأكبر فى أزمة كورونا حتى فى أمريكا كانت النسبة الأكبر من المرضى والوفيات هن النساء، بينما يحظى الرجال هناك بسرعة تلقى اللقاح والفرار من الموت.

انتعشت سوق الجوارى مع وصول داعش للعالم، تصوّر! انتعشت سوق الجوارى فى بلاد أوروبا الحرة؛ خصوصًا ألمانيا التى هرب وفَرّ إليها السوريون والسوريات، وتُعَد ألمانيا أكبر سوق للمتعة وبيع النساء بعد اغتصابهن، وتأتى بعد ألمانيا كسوق لتجارة الإناث دولة إيطاليا، إيطاليا التى تصلها نسوة وفتيات نيجيريا وموريتانيا المُختطفات يُصدّرهن إلى الخارج جماعة بوكوحرام، ومثلما انتعشت سوق المتعة قد انتعشت سوق الموت كذلك، تنتحر النساء فى تلك الظروف أو تقتلهن عائلاتهن أو يقتلهن تجار الجوارى لو رفضن « البيعة» فى أسواقهم القذرة.

لهذا أوجدت وخَلّقت وزرعت دول أوروبا وأمريكا عصابة داعش وأخواتها فى آسيا وإفريقيا: العصابات التى تحدثت باسم الدين، بينما كانت تمارس أبشع الجرائم وأكبر الرذائل وانحسرت أهم أدوارها داخل مجتمعاتنا فى قتل النساء الخارجات عن الشرع والدين وخدمة الأسياد فى أوروبا بتخريب البلاد التى حلوا بها وتهريب نساء المتعة وتجارة الآثار إلى أوروبا وأمريكا، دائمًا تنتعش التجارتان معًا: النساء والآثار.

والحقيقة أنه منذ العام 1970 - كما وجدت الدراسة - أن عدد الرجال فى 12 دولة بالعالم قد ازدادت نسبتهم بينما انخفضت نسبة الإناث، حدث هذا فى الصين والهند وفيتنام وأفغانستان وباكستان ونيجيريا ودول أخرى.. ماذا يعنى كل ذلك؟ يعنى أن خللاً كبيرًا سيحدث فى ميزان القوَى بين النساء والرجال، وأن الرجال لن يكون لديهم بعد الآن ذات التأثير فى فرض أنواع القيم والقوانين والعادات والثقافات ولا حتى الاستئثار بأمور الحُكم، سيصبح كل هَمْ الرجال الأكثر عددًا هو كيف يسترضون النساء الأقل عددًا- الرجال يستخدمون المال والقوة للوصول إلى النساء- يقينًا سيخلق كل هذا مزيدًا من العنف والإضرابات غير المسبوقة للصراع على النساء، فلم يعد الصراع على الزعامات بين رجال ورجال، لا، ستدخل المرأة بثقلها منافسًا قويًا فى الحُكم- ولو من خلف ستار- بدلالها وبسطوتها لندرة عددها، تصوّر، سيعود العالم كما بدأ، كانت تحكمه النساء، ولم يكُنّ هن الأكثرية لكنهن كُنّ أكثر عدلاً.