أحلى بلاد الدنيا يا مصر

[مصر يا أصل حضارة الدنيا عشتى ودمتى عظيمة يا مصر 

ده أنتى آمالنا وجوه عيوننا أحلى بلاد الدنيا يا مصر

أصيلة والكرم فيكى طبيعة كل أهاليكى وأحبك 

بحبك نيل بيروينا وأرضك بيت بيحمينا 

هواكى نسيم بيحيينا وزرعك خير مكافينا 

ده أنت الماضى وأنت الحاضر والمستقبل كله يا مصر].

كلمات من ذهب صاغها الشاعر الراحل عبدالوهاب محمد؛ غنتها وردة ولحنها الموسيقار الذى رحل عن عالمنا الأسبوع الماضى د.جمال سلامة وكانت ضمن كتالوج غنائى وطنى عظيم استكمل ملاحم الوفاء للوطن الذى رسمه سلسلة من المبدعين العظام من سيد درويش ومحمد عبدالوهاب ومحمد الموجى وبليغ حمدى وبأصوات العمالقة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وشادية ونجاة ووردة وياسمين الخيام.

الموسيقار د.جمال سلامة من أبرز ملحنى جيله، وهو صاحب أهم الأغانى الوطنية التى قُدمت منها: «مصر اليوم فى عيد» لشادية، و«المصريين أهمه» لياسمين الخيام، و«إن كان على الحب مافيش غيرك» أو دويتو «بلدى» لهانى شاكر ومحمد ثروت، «الله الله على المستقبل يا حبيبتى يا مصر» و«اللى عاش حبك يعلم» لسمير الإسكندرانى، فضلاً عن احتكاره على مدار 20 عامًا لأهم حفلات انتصارات السادس من أكتوبر، قدم أغنيات للوطن اكتسح فيها المشهد الغنائى منذ أوائل الثمانينيات حتى أوائل الألفية الجديدة ستظل خالدة وممتدة المفعول لكل الأجيال؛ اتسمت بالطابع السيمفونى الحماسى رسخ بها أسلوبه الموسيقى الذى لم يسبقه فيه أحد ولن يتكرر، امترج فيه ثقافته الموسيقية الشعبية ودراسته العليا لأساليب وقوالب الغناء بموسكو من كبرى بيوت الموسيقى العالمية، وتتلمذ فيه على يد أحد كبار الموسيقيين العالميين الروسى خاتشدريان وهو المقابل الموضوعى فى روسيا لبيتهوفن الشهير وهناك حصل على درجة الدكتوراة فى التأليف الموسيقى من معهد كونسرفتوار تشايكوفسكى ليكون أول ملحن مصرى بهذه الدرجة العلمية ويكون اسمه مقترنا بهذه الدرجة.

وكما احتكر باقتدار جمال سلامة حفلات انتصارات أكتوبر؛ أعلنت ألحانه السيطرة الكاملة على حفلات الليلة المحمدية على مدى سنوات ليست قصيرة شارك فيها نجوم الغناء فى مصر والعالم العربى فى مقدمتهم عبدالله الرويشد وماجدة الرومى والفلسطينية سلمى، تحول بعضها إلى منشورات سياسية تسجل موقف مصر الرافض لاعتداء العراق على الكويت وضرب المستعمر لاستقرار لبنان وفلسطين وتفاعل معها بعد إذاعتها الجميع فى مصر والعالم العربى.. وجاءت سيادة «سلامة» للأغنية الدينية بعد تيتر المسلسل الدينى الشهير «محمد رسول الله» بأجزائه وكان يُذاع ضمن خريطة رمضان الدرامية وأبدع فى تلك الفترة تيتر أكثر من مسلسل دينى فى مقدمتها: الإمام الطبرى ومسلسلات: «لا إله الا الله» و«الإمام الترمذى» والإمام ابن حزم والإمام ابى حنيفة والإمام محمد عبده وكانت بمثابة علامات فى تاريخ الأعمال الدينية.

[ملك الموسيقى التعبيرية ضرب رقمًا قياسيًا فى الموسيقى التصويرية لأشهر الأفلام من منتصف السبعينيات وعلى مدار 30 عامًا من فيلم أرض النفاق وأريد حلا والمذنبون إلى فيلمى أفواه وأرانب والكرنك ويكفى هنا الإشارة لعام 79 الذى ضرب فيه رقمًا قياسيًا فى وضع الموسيقى التصويرية لـ 14 فيلمًا فى عام وأحد لكبار النجوم منها أفلام: المتوحشة والباطنية وحكاية وراء كل باب ولاتبكى يا حبيب العمر ولايزال التحقيق مستمرًا وقاتل ما قتلش حد، إلى جانب أفلام حدوتة مصرية والمهاجر وتزوير فى أوراق رسمية وحبيبى دائمًا والمتسول ومعالى الوزير وحتى لا يطير الدخان والنمر الأسود الذى قدم فيه أيقونة وطنية غناها المطرب أحمد إبراهيم «شايلك فى قلبى يا مصر».

الموسيقار الراحل الأسطورى سجلت ألحانه نقلات فارقة ونقاط تحول فى تاريخ عدد من نجوم الغناء فى مقدمتهم الراحلة صباح بأغنية «ساعات ساعات» الراحل عماد عبدالحليم (أنا مهما خدتنى المدن)، أيضًا تُدين سميرة سعيد بنجاحها وشهرتها لجمال سلامة بعد أن اكتشفها الموسيقار بليغ حمدى بعد أن أسند لها غناء تيتر مسلسل «ألف ليلة وليلة» بطولة نجلاء فتحى وحسين فهمى (احكى يا شهرزاد) وتوجت هذا العمل بأغنيات حققت نجاحًا ساحقًا وهي: «مش حتنازل عنك أبدًا» و«قال جانى بعد يومين» ومع المطربة اللبنانيّة ماجدة الرومى لحن لها «بيروت ست الدنيا» وقصيدة «مع جريدة» للشاعر نزار قبّانى وهما من أهم أعمالها.

بخلاف أغنياته فى المناسبات أبرزها «والله بعودة يارمضان» لمحمد قنديل و«أهلا بالعيد» لصفاء أبو السعود وهما من أيقونات شهر رمضان والعيد.  

جمال الدين حافظ أحمد سلامة المولود فى الإسكندرية سيظل علامة مهمة فى تاريخ الغناء المصرى والعربى والرائد المجدد الموسيقى بأسلوب سيمفونى متقدم ومتنوع ومدهش هو آخر جيل العظماء الذى لن يتكرر، وتراثه الفاخر الذى يضم 1000 لحن ليس حكرًا لطليقته المغربية بل هو حق أصيل أيضًا لأسرته.. وفى النهاية هو ملك لمصر.