الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
غناء القلم..  التقدم المادى الصناعى التكنولوجى والتأخر الإنسانى

غناء القلم.. التقدم المادى الصناعى التكنولوجى والتأخر الإنسانى

 «التطور»، ليس بالضرورة التغير إلى الأفضل، والأعلى، والأرقى، كما يظن بعض الناس.. لكنه مجرد «الانتقـال» أو التغير أو التحول، من حالة إلى حالة أخرى جديدة.



ولذلك فإن «التطور» لا يعنى بالضرورة «التقدم».. فالتقدم يستلزم أن تكون «التطورات» الحادثة فى أى مجال، متناغمة مع قيم العدالة الاجتماعية بين جميع البشر وبين جميع الدول.

يمتلئ كوكب الأرض، بالعديد من البلاد التى وصلت إلى درجة عالية غير مسبوقة، من التطورات الصناعية، والتكنولوجية، والعلمية، أى أنها «متقدمة»، صناعيًا، وتكنولوجيًا، وعلميًا. لكنها «متأخرة» إنسانيًا. بمعنى أن كل تطوراتها، لا تخدم العدالة الاجتماعية بين جميع البشر، وبين جميع الدول. بل على العكس، نجد أن تطورها العالى غير المسبوق، يستخدم لترسيخ المزيد من مفاهيم التفرقة العنصرية، والتفرقة الجنسية، والتفرقة الدينية، والتفرقة الطبقية، والتفرقة العرقية.

البعض يستخدم كلمة «تطـور»، مرادفة لكلمة «تقـدم».. وهم فى هذا الاستخدام، يخلطون بين «التراكم الكمى» الصناعى، والتكنولوجى، المادى، العلمى، وبين «الرقى الكيفى» الإنسانى. 

 إن الدول المتفوقة فى صناعة الأسلحة، وجميع أشكال وأدوات التدمير، والخراب، والإبادة الجماعية، وفنون القتل والاغتيالات، وتبيع هذه الصناعة، وتعيش من دم الجثث، كيف ترتقى إنسانيًا؟.

والدول التى تنفق المليارات، فى تمويل أصحاب النعرات الدينية المتعصبة، ودعم الإرهاب الدينى، وزرع أمراض، وأوبئة، مستحدثة، واحتلال وتدمير الأوطان باسم الدين والديمقراطية، وإذكاء تديين الشعوب وتغطية النساء باسم حماية التراث الثقافى للدول، والهوية والخصوصية، وأن الفلوس أهم، وأغلى من البشر، وأن تضليل الناس هو الطريق المختصر للفوز، كيف يصفها البعض بالتقدم، بل ويعتبرها قدوة، وقد كان بإمكان تلك المليارات المدفوعة، أن تنهى الفقر، والمرض، والجهل، والحروب الساخنة والباردة، والتعاسة، على كوكب الأرض؟. 

وما ينطبق على الدول، والجماعات، ينطبق على الأفراد، فالإنسان امرأة أو رجلاً، يتطور عبر مراحل العمر. يأخذ منصبًا أعلى، ويزداد دخله الشهرى، وقوته على الشراء والاستهلاك، والاقتناء والادخار، وامتلاك أرض أو منتجع أو شركة.

 زيادة الفلوس، لا تعنى زيادة اتساق الشخصية.. والانتقال من الأتوبيس، إلى سيـارة، ليس معناه رفض الكذب، وجسارة الجهر بحرية الرأى، وحرية العقيدة. والتطور من الفول المدمس، إلى الكافيار، لا يعنى حماية الدولة المدنية، ونبذ الإعلام الدينى، وفضح أشكال القهر المحجبة.. ولا توجد أدلة على أن المرأة المتطورة من البكالوريوس أو الليسانس إلى الدكتوراة، لم تعد تقبل طاعة الزوج، أو أن الرجل المتطور من شاطئ الأنفوشى إلى بلاج خاص، أصبح واعيًا بهدف المايوهات الشرعية، لزرع الحكم الدينى، والناجح فى التعامل مع الكمبيوتر، والموبايل، والواتساب، والسكايب، لا يدل على نجاحه فى التعامل مع امرأة حرة. ومنْ لديه المناعة لقهر «أحدث الفيروسات»، «لا يعنى مناعته لقهر» أقدم « تقاليد ونزعات السيطرة والتملك».

منْ «يتقدمون» صناعيًا، وماديًًا، وتكنولوجيًا، لا « يرتقون» إنسانيًا، لخدمة الحقيقة، والعدالة، والحرية، لكنهم يملكون السطوة، ويعتلون المناصب لأخذ القرارات، والسياسات، والأولويات، بالنيابة عن الذين «يتقدمون» إنسانيًا، وفى عقولهم، وقلوبهم، تشدو العدالة والحقيقة والحرية، ويكمن طوق الإنقاذ. 

من واحة أشعارى

كل تلك الملايين والمليارات المهدرة 

على صفقات الأسلحة 

والإعلانات والاحتيالات 

أريد منها قليل القليل

لأبنى 

ضريحًا بسيطًا 

 يأوينى عند الممات.