
الفت سعد
أحلف بسماها .. عودة الفن المصرى الرفيع
سيظل حدث موكب المومياوات العظيم يلقى بظلاله شهورًا وشهورًا لما كشف عن تاريخ وتراث وإبداع ومواهب لا يمكن فقط الإعجاب بها أو الكتابة عنها فى مقالات وتقارير أو آراء عبر مواقع التواصل الاجتماعى.. فكل جزء من الحدث يحتاج الحديث والكتابة عنه مرات ومرات سواء فكرة نقل المومياوات إلى المتحف القومى للحضارة المصرية أو الإعداد المسبق لأكثر من عام والجهد الفائق المدقق لكل مراحل الحدث والعمل الدؤوب وتناسق مكونات المشهد هندسياً ومعمارياً وفنياً وتصنيعًا وديكور.. لكن ما هالنى الفن المصرى الرفيع الذى انبهر العالم بعظمته، بل اندهش المصريون بما شاهدوه - هو الفن ده من عندنا، من جوانا ؟! - نعم فن مصرى خالص منبثق من حضارة تزيد على 7 آلاف عام، تاريخ غنى سطره أجدادنا على جدران المعابد كشف للعالم مدى التقدم الحضارى للمصريين وشكل الحياة على أرض الكنانة وأجملها الفنون التى أبدعوا فيها من الآلات الموسيقية المستخدمة منذ عهد الفراعنة حتى الآن وأشعار خالدة وقصص الفتوحات والحروب ، ويمر التاريخ عبر الزمن لتسلسل الحضارات يضم عصور الأديان السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية وفى كل عصر وضع لنا تراثًا هائلاً يمكن للعالم كله أن ينهل منه دون نهاية.
إن ما شاهدناه فى احتفالات موكب المومياوات من فن رفيع مبهر ملأ الروح والوجدان هو جزء بسيط من تراث عظيم يزخر به التاريخ المصرى.. بالنسبة لى لم يحدث من قبل أن أستمع وأشاهد مرات ومرات الاحتفال الموسيقى الغنائى الراقص دون ملل أو شبع.. ما هذه الموسيقى والألحان والمطربات والكورال ثم العزف والعازفون فى أوركسترا رائعة بقيادة مايسترو عالمى!.. ما هذه التابلوهات الراقصة الحية وسط المعابد والأهرامات وما هذه الرشاقة ودقة حركات الراقصات والراقصين والاندماج الكامل إحساساً بقدسية الحدث؟! ما هذه المارشات العسكرية المهيبة من جنود وخيول وعربات؟! لوحات فنية لا أقدر ولا يقدر غيرى على استيعابها مرة ولا مرات.أين كان هذا الفن الراقى؟! ما قدمتموه لنا فى الاحتفال المهيب عوضنا كثيراً عن أنواع الفن الهابط الذى فرض علينا منذ عصر الانفتاح وأفشل حجة فاسدة بأن الجمهور عاوز كده.. أبسط فئات الشعب ثقافة تابعوا الاحتفال وأنصتوا له سمعاً ومشاهدة وأعجبوا به مثل متذوقى الفن الرفيع... فلتكن عودة جادة لكل ما هو بديع، أفلام ومسلسلات وموسيقى وأشعار، سنضمن بقاءها فى وجدان الناس سنوات وسنوات، وخير دليل خلود الفن منذ عصر الفراعنة حتى بداية ظهور السينما والراديو وما قدم من خلالهما من تراث فنى باقٍ حتى الآن.