الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
التطرف الإلكترونى

التطرف الإلكترونى

عندما يخرج علينا شيخ من إياهم مصرحًا بأن نقل مومياء دون ستر شعرها، يثير الفتن ويحرك الغرائز، على اعتبار أن سيادته يرى أن الشعر عورة ويبعث النفس للبحث عن الإثارة الجنسية (التى ينعم بها هو وأمثاله من شيوخ الفتنة المتمسكين بالجهل والتخلف والتطرف)، فهذا يعود بنا لتصريح شيخ سلفى آخر عندما قال إن التماثيل العارية تثير الغرائز، وكأننا شعب لا نبحث سوى عن الجنس وأدواته، ولهذا المدعى الهارب خارج مصر أو لصاحب الفتوى المتعلقة بالتماثيل العارية نقول: اشكروا الفضاء الإلكترونى الذى جعل لكم صوتًا، فلولاه ما سمع صوتكم أحد، ولا عرفنا أمثالكم الذين يبثون سمومهم وحقدهم فى نشر خطاب العنف والكراهية لاستقطاب عناصر جديدة من أصحاب النفوس المريضة للزجّ بهم فى أتون الإرهاب لتحويلهم إلى خلايا فاعلة أو حتى نائمة (حسب ظروف وأوضاع كل بلد) للنيل من مجتمعاتنا.



تصريحات هذا المدعى أو غيره تجعلنا نبحث فى شأن هذا الفضاء الذى وفر لهم الملاذ الآمن بعيدًا عن الرقابة وأجهزة الأمن، والذى للأسف يعتمد فى نشاطه وبث سمومه على شركات غربية تحارب الإرهاب فى العلن، ولكنها تدعمه فى الخفاء، بناء على وهم كاذب اسمه حرية التعبير، وديمقراطية زائفة لا تنطبق سوى على مجتمعاتنا، يتم التنصل منها وعدم ذكرها بمجرد تعرض هذه المجتمعات الغربية لحادث إرهابى، فحسب ما يرددون تلك الحرية تتعرض لقيود عديدة فى دولنا العربية، وتحديدًا على نشاط الجماعات الإسلامية الأصولية والفكر الداعشى المفروضة على استخدامات الشبكة العنكبوتية.

أوهام كاذبة وديمقراطيات زائفة يحاول أن يفرضها الغرب علينا، لا يمكن أن نأخذ بها عندما يتعلق الأمر بسلامة الوطن واستقراره كما يفعلون، رغم تأكدى أن مواجهة هذا الفكر المتطرف عسكريًا وأمنيًا لم يعد السبيل الوحيد للقضاء عليه، ولهذا لا بد من مواجهته إلكترونيًا باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مواجهة تشارك فيها جميع أجهزة الدولة المدعومة بإعلام وطنى حر لا يتلقى إملاءات من أحد أو يدعم من جهات خارجية، ولهذا سعدت بالمؤسسة الدينية الممثلة فى الأزهر عندما دشنت خلال السنوات الماضية (مرصد الأزهر) لمكافحة التطرف الإلكترونى، والذى يعد حائط صد حقيقيًا لكل ما تبثه التنظيمات الإرهابية على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، نظرًا لاعتماده على منهج الأزهر الوسطى فى الرد على الجماعات المتطرفة، بما يحصن الشباب المسلم من مثل هذه الأفكار، استنادًا لمبادرة الرئيس السيسى التى أطلقها منذ عام 2014 بضرورة تصحيح وتصويب الخطاب الدينى للتصدى للخطاب الإرهابى، الذى تزامن مع جهود واضحة فى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتجفيف منابعه، فضلاً عن المواجهة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحسين الظروف المعيشية للمواطنين والارتقاء بمختلف المرافق والخدمات والبيئة التحتية وتنفيذ العديد من مشروعات التنمية المستدامة، وتمكين الشباب وتحصينهم ثقافيًا وعلميًا ورياضيًا لنجنبهم من مخاطر الاستقطاب، بما يسهم فى خلق بيئة طاردة للإرهاب والتطرف.

كذلك سعدت أكثر عندما تبنت وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام استراتيجية بناء الوعى التى تهدف إلى كشف المتاجرين بالدين للوصول للسلطة، وذلك عن طريق نشر الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام، بعيدًا عن إراقة الدماء واختزال الإسلام فى القتل ونشر التطرف، لأن المسلم الحقيقى هو من يقاوم التطرف ويتصدى له، فالإسلام دين ودولة وليس دين وسلطة، وإذا كنا جادين حقًا فى محاربة التضليل والتآمر الذى تنتهجه قوى الإرهاب المستند على تكنولوجيا حروب الجيل الرابع، فعلينا أن نهتم بهذا الفضاء للدفاع عن وطننا ضد هذه الأباطيل، شريطة أن نمتلك أدواته، حتى لا نفاجأ بهؤلاء الأدعياء ينشرون الأكاذيب والشائعات عبر مواقع السوشيال ميديا ويحرضون على ممارسة العنف ضد جيشنا وشرطتنا مثلما سبق من قبل حين أفتى يوسف القرضاوى محرضًا على الحرب الأهلية داعيًا المصريين للخروج من منازلهم للاقتتال، واصفًا فتواه بأنها فرض عين على كل مسلم مصرى، هذا بخلاف دفاعه عن الأعمال الانتحارية التى يقوم بها شباب الجماعة المغرر بهم ضد المصريين العزّل، ومن خلال هذه الأعمال تم استحلال سرقة أموال ومتاجر المصريين الأقباط، بل حرقها أيضًا.

لهذا ولغيره كثير أقف فى صف من يوافقون على منع أى محتوى إلكترونى غير مرغوب فيه، وأوافق أيضًا على التشهير به، حتى نتخلص منه نهائيًا حفاظًا على أمن وسلامة المجتمع واحترام أفراده ومؤسساته، بعد أن نقلت التنظيمات والجماعات الإرهابية معركتها إلى هذا الواقع الافتراضى لسابق خسارتهم معركتهم على الأرض، دون أن نعير أدنى انتباه لحجة حرية التعبير التى يستخدمها ضدنا الغرب وقتما يشاء، ولذلك تقع مسئولية مكافحة التطرف بما فيه التطرف الإلكترونى على المجتمع بأكمله، وخاصة الأسرة التى تعد اللبنة الأولى لوقاية المجتمع من جميع أشكال الانحراف والجريمة والسلوك المضاد للمجتمع، ثم يأتى بعد ذلك دور باقى المؤسسات، وفى مقدمتها الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى وتحديدًا الوطنية منها.